Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

عودة: ماذا يمنع النواب من عقد جلسة مفتوحة يتوالى فيها الإقتراع حتى انتخاب رئيس؟

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، قداس الاحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في وسط بيروت في حضور حشد من المؤمنين.

وبعد الانجيل المقدس، ألقى عودة عظة قال فيها: “نعيد اليوم لأحد المعلمين الكبار، لقمر من الأقمار الثلاثة في سماء الكنيسة، أعني القديس يوحنا الذهبي الفم، رئيس أساقفة القسطنطينية، كاتب خدمة القداس الإلهي التي نشارك فيها طوال السنة تقريبا، لأن ثمة عشر مرات تقام فيها خدمة القديس باسيليوس الكبير، إضافة إلى فترة الصوم الكبير المقدس حيث تقام الخدمة التي وضعها القديس غريغوريوس المحاور، والمسماة «قداس القدسات السابق تقديسها».

أضاف: “عرف القديس يوحنا بلقب (الذهبي الفم) لفصاحته الفريدة، وهو الشخصية الكنسية الأبرز في المسكونة كلها، من عصر ما بعد الرسل حتى اليوم. ولد في أنطاكيا بين عامي 349 و354. تعود تربيته الصالحة إلى والدته القديسة أنثوسة، إضافة إلى أساتذة تتلمذ عليهم في الفلسفة والخطابة والقانون. بعدما أتم دروسه، مارس مهنة المحاماة بنجاح، لكن نصائح والدته، وعطشه إلى الحقيقة، ودراسته في كلية اللاهوت في أنطاكيا، كلها قادته إلى قراره برفض المهنة والغنى والمجد الأرضي، وإلى طلب «ما هو فوق، حيث يكون المسيح» (كو 3: 1-2).

بعد رقاد والدته، تنسك مدة ثماني سنين، سيم بعدها شماسا على يد القديس ملاتيوس المعترف الأنطاكي، ثم كاهنا بعد خمس سنوات على يد القديس فلافيانوس. حقق يوحنا عملا كنسيا عظيما في مجال التعليم والعمل الاجتماعي، فوصل صيته إلى القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، حيث أرغم على اعتلاء عرشها البطريركي رغما عنه عام 398، بعد رقاد البطريرك نكتاريوس”.

وتابع: “عمل الذهبي الفم بحسب ما نسمع في نص رسالة اليوم: (إنا يلائمنا رئيس كهنة مثل هذا بار، بلا شر ولا دنس، متنزه عن الخطأة)، فانصرف مباشرة، بغيرة متقدة، إلى عمل متعدد الجوانب، كنسيا وإنسانيا، وكان كالسامري الشفوق الذي يتحدث عنه إنجيل اليوم، فأحبه الشعب الذي ازدحمت به الكنائس. لكن نشاطه التجديدي المبدع، وشخصيته التي لا تساوم، ولغته الناقدة التي لا تهادن حتى أهل السلطة، خلقت له أعداء كثيرين، تكاتفوا ضده بتحريض من الإمبراطورة نفسها، فنفي إلى أرمينيا.

كأن شيئا لم يتغير في أيامنا، حيث تشن الحملات على الكنيسة حينما تنطق بالحق، لكن حروب هذا العصر وجيوشه أصبحت إلكترونية، يحركها أهل السلطة الذين ينخزون بحربة الكلمة الإلهية، فيتحرك شيطان الكبرياء وينفث سمه من خلالهم. بسبب استمراره بممارسة سلطته من المنفى، نقل القديس يوحنا إلى منفى آخر، فلم يحتمل جسده عناء السفر، ورقد في 14 أيلول سنة 407. ولأن تاريخ رقاده هو نفسه تذكار عيد رفع الصليب الكريم، نقل التعييد لذكراه إلى 13 تشرين الثاني.

يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: (لا شيء يظهر قيمة حاكم بقدر محبته للمواطنين واهتمامه بهم. هذه هي صفة الحكام الصالحين المميزة. إن أحب الحاكم المواطن تحل كل المشاكل الاجتماعية، ويسود النظام في الوطن).

وتابع عودة: “منذ قديم الأزمنة مر حكام كثيرون على هذه الأرض، منهم من عظمهم التاريخ لأعمالهم الصالحة، ومنهم من لا يذكر التاريخ إلا تعسفهم وظلمهم بسبب عشقهم للعروش أكثر من محبتهم للمواطنين. السؤال المطروح على مسؤولي بلادنا: كيف تريدون أن يذكركم تاريخ وطنكم؟ وماذا ستتركون للأجيال القادمة؟ أبلدا بنيتموه بالجد والسهر والتعب والتضحية، أم بلدا كان مفخرة أبنائه والمنطقة، وقد أضعتموه بسبب مصالحكم ونزاعاتكم وأنانياتكم وحقدكم؟

على المسؤول أن يكون بحسب قلب الله، والقديس يوحنا ينصح المسؤولين قائلا: (يجب ألا يضع أحد هدفا لحياته كيف سيتسلق منبر السلطة، وكيف سيتمتع بالمنصب، بل كيف سيصبح بارا وإنسانا حكيما. مرات كثيرة تجذبنا السلطة إلى أعمال مخالفة لناموس الله. إذا ما استلمنا منصبا رئاسيا، فنحن نحتاج إلى شجاعة نفس كبيرة لكي نمارس إدارة صالحة، ولا نعمى بالكبرياء الذي يولده المجد».

وأردف: “على مسؤولينا، خصوصا النواب الذين شاؤوا بإرادتهم، واختيار الشعب، خدمة الوطن، أن يصغوا إلى ما يقوله القديس يوحنا الذهبي الفم: (إذا طرد القبطان من قيادة سفينة ما تبتلعها الأمواج، أو القائد من قيادة جيش ما فسيهزمه الأعداء، أو الحكام من دولة ما فستصبح غابة. كما هي الدعامات الخشبية لثبات البيت، كذلك هم الحكام لحسن سير مجتمع ودولة منظمة). في ظل الشغور في كرسي رئاسة الدولة، لا تساهم الخفة السياسية والمصالح الضيقة في إنقاذ السفينة من الغرق المحتم. إن جلسة تعقد مرة في الأسبوع ولا توحي بالجدية، ثم ينصرف النواب وكأنهم أتموا واجباتهم، تشعرنا وكأنهم يستخفون بعقولنا وبمسؤوليتهم. ماذا يمنعهم من عقد جلسة مفتوحة يتوالى فيها الإقتراع تلو الإقتراع، حتى انتخاب رئيس؟ أليس هذا ما يجب أن يحصل؟ إلا إذا كان التعطيل مقصودا والمماطلة أمرا واقعا يفرضونه بانتظار غاية نجهلها، وهذا يسيء إلى سمعتهم، ومكانتهم، ومكانة لبنان”.

وإذ اعتبر ان “الانتخابات، على أنواعها، أمر طبيعي وروتيني في الدول الديمقراطية. وعوض تضييع الشهور والسنين بانتظار إتمام هذا الواجب الديمقراطي، ينصرفون إلى أمور هامة أخرى كسعادة المواطنين والتغير المناخي والبيئة والإنماء والتطور وما شابه”، أكد ان “وجود رئيس يطمئن الشعب، ويعمل من أجل إنقاذ الدولة وإصلاح إداراتها، بالتناغم مع حكومة متجانسة تحمل رؤية واضحة، وبرنامج عمل، هو ضرورة. ما ينقص الشعب هو الشعور بالأمان الناتج عن تكامل السلطات وتناغم عملها من أجل المصلحة العامة. يقول الذهبي الفم: (عندما يكون الحاكم سليما، ولا لوم فيه، وبارا، ومحبا للبشر، عندئذ يصبح قويا حقا وسيحبه الشعب. لا شيء يميز الحاكم بقدر المحبة التي يظهرها تجاهه الشعب الذي يحكمه. إذا، أنتم أيها الحكام احكموا بنزاهة، وبر الله وخوفه، طالبين دوما منفعة الشعب)”.

وختم عودة: “دعوتنا اليوم أن نعرف أخبار قديسينا، الذين عاشوا الكلمة الإلهية، وشعروا بلذتها، وأرادوا نقلها إلى الجميع، حتى الحكام، من أجل تحويل الحياة على هذه الأرض إلى تذوق مسبق للملكوت السماوي. دعاؤنا أن يسمع الحكام صوت الرب ويحبوا شعبه الذي ائتمنهم على رعايته، آمين”.