الجمهورية: عون بين التمديد وتأخير التسريح .. والراعي: المجــلس ينتهك الدستور

كتبت صحيفة الجمهورية تقول: يبدأ الاسبوع الطالع بإقفال عام اليوم يطال كل الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات والمدارس والمصارف، دعا اليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «تجاوباً مع الدعوة العالمية من أجل غزة وتضامناً مع الشعب الفلسطيني ومع أهلنا في غزة وفي القرى الحدودية اللبنانية»، ويأتي هذا الإقفال بعد يوم طويل من المواجهات الضارية على الجبهة الجنوبية بين رجال المقاومة وقوات الاحتلال الاسرائيلي، وُصف بأنّه الاعنف منذ عملية «طوفان الأقصى»، وذلك على وقع استمرار الحرب الاسرائيلية التدميرية على قطاع غزة.

لكن في المقابل، فأنّ الاسبوع سيكون اسبوع حسم مصير الاستحقاق العسكري، ويتوقع ان يكون هذا الحسم بتأخير تسريح قائد الجيش باقتراح قانون يُقرّ في جلسة تشريعية يُنتظر انعقادها الخميس المقبل، ووسط تساؤلات عمّا سيكون عليه موقف بعض الكتل التي تعارض التشريع في ظلّ الفراغ الرئاسي، وكذلك الكتل التي تعارض التمديد لقائد الجيش، الذي تركت الحكومة أمره للمجلس النيابي، بعدما تعذّر عليها الاتفاق على صيغة لإخراجه.

تجتمع اليوم هيئة مكتب مجلس النواب لتحديد جدول اعمال الجلسة التشريعية المزمع ان يدعو إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري هذا الاسبوع، ومن أبرز ما يمكن ان يُطرح فيها اقتراح قانون بتأخير تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون، وربما سيُصار الى شمول القانون العتيد، إذا اقرّته الهيئة العامة للمجلس، ضباطاً آخرين في الجيش والقوى الامنية لعدم جواز التشريع لمصلحة موظف واحد. فيما النقاش لم يُحسم بعد في شأن بعض المشاريع الأخرى التي يمكن إدراجها على جدول الاعمال، وخصوصاً تلك الخاصة باقتراحات ومشاريع القوانين الخاصة بالوضع الاقتصادي والمالي، وفق ما قالت به خطة النهوض المقترحة من الحكومة، وقوانين أخرى تتعلق ببعض الشؤون الادارية والمالية واتفاقيات تتعلق بعلاقات لبنان الدولية.

وقال عضو هيئة المكتب والعضو في كتلة «التنمية والتحرير» النائب الدكتور ميشال موسى لـ»الجمهورية»، انّ الاتصالات استمرت مساء امس بين مختلف الكتل النيابية، لتحديد الموقف من حضور الجلسة. واضاف: «انّ عدداً من الكتل لم يعلن موقفه بعد، ويُفترض نضوج الاتصالات والتوجّهات صباحاً (اليوم)». وأوضح انّ اجتماع هيئة المكتب سيتلقّى كل اقتراحات ومشاريع القوانين المنجز درسها في اللجان النيابية، وعددها كبير وهي منقسمة الى قسمين: الاقتراحات ومشاريع القوانين العادية، والمعجلة المكرّرة، وسيختار المجتمعون جدول الاعمال منها. وتوقّع موسى ان تُعقد الجلسة التشريعية الخميس، وقال: «لكن بعد المداولات يقرّر الرئيس بري موعد الجلسة».

 

ميقاتي إلى جنيف

وفي هذه الأجواء، يتوجّه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اليوم إلى جنيف، في زيارة تستمر ثلاثة أيام، للمشاركة في مؤتمر حول النازحين السوريين، ويرافقه وزير الخارجية عبدالله بوحبيب وفريق من الإداريين والمستشارين المكلّفين إعداد التقارير التي وضعتها اللجنة الوزارية الخاصة، وما يقترحه لبنان من خطوات لمساعدة لبنان في التخفيف من تردّدات الأزمة التي ترتبت على المستويات المختلفة، ولا سيما منها الاقتصادية وتلك التي تطاول البنى التحتية والمطالب العائدة للمجتمع المضيف.

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»، انّ وجود بوحبيب الى جانب ميقاتي سيسمح بمناقشة نتائج زيارته الاخيرة لدمشق، وما تمّ التفاهم في شأنه مع نظيره السوري فيصل المقداد ومصير الاتفاقات التي عُقدت، ولا سيما منها تلك التي تقضي بتشكيل مجموعة من اللجان المختصة التي ستتناول الملفات المطروحة من جوانبها المختلفة، ولم يُعلن بعد شيئاً عن نشاطها وما أنجزته من خطوات حتى الأمس القريب قبل اندلاع حرب غزة، حيث توقف الحديث عنها نهائياً.

 

لا جلسة حكومية

وعليه، فإنّ ميقاتي لم يوجّه الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع في انتظار عودته، لإحياء البحث في بعض الملفات العالقة، سواء تلك التي تمّ تعليق البحث فيها، كما بالنسبة الى ملف الاتصالات والإجراءات المطلوبة في حال اضطر لبنان الى الإعلان عن خطة طوارئ لمواكبة احتمال توسع نطاق الحرب من جنوب لبنان الى مختلف المناطق اللبنانية، كما بالنسبة الى الملفات الأخرى المدرجة على جدول اعمال مجلس الوزراء المؤجّل منها كما المُختَلف حولها.

وعلى هذا المستوى، اكّدت مصادر وزارية مطلعة لـ «الجمهورية»، انّ النقاش في ملف التمديد او تأجيل تسريح قائد الجيش لم يعد كما انتهت اليه الاتصالات الاخيرة على جدول اعمال مجلس الوزراء، وأنّه بات في عهدة مجلس النواب الذي سيكون عليه توفير المخرج الممكن لتمديد ولاية القائد وتأجيل تسريحه، وفق ما يضمنه قانون الدفاع وأصول التعاطي مع مثل هذه القضية دستورياً وقانونياً وعسكرياً.

 

سخونة في الجنوب

وكانت الجبهة الجنوبية شهدت امس يوماً ملتهباً، حيث تصاعدت حدّة المواجهات بين المقاومة واسرائيل. إذ تجدّد القصف المدفعي الاسرائيلي منذ الصباح ليستهدف عدداً من البلدات والقرى الجنوبية، فطاول قرابة العاشرة قبل الظهر وادي حامول ومنطقة عين الزرقا، وتوسّع ليطاول أطراف بلدات عيتا الشعب وعيترون وكونين. كذلك طاولت غارات الطيران الحربي الإسرائيليّ المتتالية بلدتيّ يارون وعين إبل، وسُمع صداها في مناطق جنوبية عدة وصولاً إلى النبطية وصور. كما تعرّض حرش يارون وكونين لست غارات. واستهدف القصف ايضاً مكبّ النفايات وتلة الراهب في عيتا الشعب واطراف الناقورة، وسقط عدد من القذائف بعد الظهر في أطراف بلدات حلتا والخيام وبلدة كفركلا. وأغارت طائرة مسيّرة على منزل في عيتا الشعب.

وتبين انّ سبب هذا التصعيد الإسرائيلي العنيف صباحاً هو سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف الجيش الاسرائيلي نتيجة استهداف المقاومة بالمسيّرات المفخخة داخل ثكنهم في شمال فلسطين المحتلة. فيما اعلنت وسائل إعلام إسرائيلية انّه يتمّ التحقق من سقوط إصابات عند الحدود مع لبنان بعد استهداف تجمّع للجيش الإسرائيلي بطائرات انتحارية. كذلك تحدثت هذه الوسائل صباحاً عن إطلاق صاروخ من جنوب لبنان نحو موقع الجيش الاسرائيلي في الضهيرة، وكذلك إطلاق صاروخ اعتراضي تجاه هدف مشبوه في الجليل الغربي، فيما دوّت صفارات الإنذار في مستوطنات عفدون ويعرا وشلومو في المنطقة نفسها.

وقد اعلن «حزب الله» انّ «المقاومة الاسلامية» شنّت في العاشرة صباح امس «هجومًا جويًا بطائرات ‏مسيّرة انقضاضية على مقرّ قيادة مُحدث لجيش الإحتلال الإسرائيلي في القطاع الغربي جنوب ‏ثكنة «يعرا» وأصابت أهدافها بدقّة وأوقعت عددًا من الإصابات في صفوف جنوده». كذلك هاجمت موقع «‏جلّ ‏العلام» وأكّدت «إصابته إصابة مباشرة».

وبعد فترة من الهدوء الحذر، أغار الطيران الاسرائيلي على بلدة عيترون الحدودية، وتسببت الغارة بتدمير حي كامل في البلدة، حيث سويت منازله بالارض، وتضرّر عدد كبير آخر، وحضرت الى المكان طواقم إغاثة، وتمّ نقل اربعة جرحى الى مستشفى الشهيد صلاح غندور في بنت جبيل.

كذلك، تعرّضت أطراف بلدة الناقورة لقصف مدفعي، فيما اغارت مسيّرة بصاروخ على جوار مسجد بلدة مروحين، كما اغارت اخرى على وطى الخيام والفرديس… وطاول القصف المدفعي المعادي العنيف محيط بلدتي الناقورة وعلما الشعب وخلة موسى عند اطراف رميش. وعصراً قصفت ال‏مدفعية الاسرائيلية أطراف بلدات الفرديس وكفرشوبا وحلتا وحولا ومحيبيب وعيترون وعلما الشعب ووادي حامول في القطاع الغربي.

وإلى ذلك، سُجّل سقوط بقايا صاروخ اعتراضي معادٍ قرب مركز قوات «اليونيفيل» في الناقورة. فأطلقت صفارات الانذار.

وأفيد مساءً انّ قذيفة دبابة اسرائيلية أصابت مركزًا للجيش اللبناني في منطقة الوزاني من دون وقوع اصابات. وطاول القصف خراج بلدتي سردة وحمامص ومفرق الخيام ـ الوزاني. فيما اعلنت المقاومة في المقابل قصف بصواريخ «بركان» موقعي زبدين ورويسات العلم في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا اللبنانية المحتلة. كذلك استهدفت تجمعاً ‏عسكرياً إسرائيلياً بين موقعي زبدين والرمثا في المزارع. كذلك دمّر رجال المقاومة دشمة في موقع ‏العباد «يتحصّن فيها جنود العدو الإسرائيلي وأوقعوا فيها إصابات مؤكّدة بين قتيل وجريح. وفي الوقت ذاته استهدفت المقاومة تجمعًا ‏لجنود العدو الإسرائيلي في قلعة هونين (قرية هونين اللبنانية المحتلة) ‏بالأسلحة المناسبة وحقّقوا ‏فيه إصابات مباشرة». ‏وقصفت المقاومة موقع بركة ‏ريشا بصواريخ «بركان» فيما اعلنت وسائل إعلام إسرائيلية عن إطلاق نار من لبنان باتجاه مستوطنة «المطلة».

وفي السياق، اعلنت «كتائب القسام» في لبنان انّها قصفت بالصواريخ مواقع عسكرية اسرائيلية في ليمان وخربة ماعر في الجليل الغربي.

واعلن الناطق الرسمي باسم قوات «اليونيفيل» أندريا تيننتي عن تعرضّ برج مراقبة داخل موقع لليونيفيل قرب منطقة إبل القمح لقصف أدّى إلى أضرار في هيكل البرج، «ولحسن الحظ، لم يُصبّ أحد»، لافتاً الى أنّ «مصدر إطلاق النار قيد التحقيق». وشدّد على أنّ «أي استهداف لمواقع اليونيفيل وأي استخدام للمنطقة المجاورة لمواقعنا لشنّ هجمات عبر الخط الأزرق هو أمر غير مقبول، حيث تشكّل الهجمات ضدّ المدنيين أو موظفي الأمم المتحدة انتهاكات للقانون الدولي».

 

السفارة الأميركية

في غضون ذلك، أشارت السفارة الأميركية في بيان، الى أنّه «بينما نحتفل بيوم حقوق الإنسان والذكرى السنوية الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تؤكّد الولايات المتحدة من جديد على الكرامة المتأصلة والحقوق المتساوية وغير القابلة للتصرّف لجميع أعضاء الأسرة البشرية، والتي هي أساس الحرّية والعدالة والسلام في العالم». ولفتت السفارة، الى أنّه «على وجه الخصوص، تؤكّد الولايات المتحدة من جديد أهمية حرّية الصحافة، التي تُعتبر أساسية لمجتمع حرّ، والتي تكرّس حرياتها في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان». وذكرت أنّه «في سياق العنف المستمر على الحدود بين لبنان وإسرائيل، العنف الذي قلنا إنّه يجب أن يتوقف لحماية المدنيين على جانبي الحدود وتجنّب التصعيد، فإنّ هذه المبادئ تكتسب أهمية أكبر». وأوضحت أنّ «بهذه الروح نسلّط الضوء على ردّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عندما سُئل يوم الخميس، عن مقتل صحافي «رويترز» عصام عبد الله في 13 تشرين الأول وإصابة صحافيين آخرين أيضًا، وقال إنّه من المهمّ والمناسب أن يتمّ إجراء تحقيق كامل وشامل في الهجوم»، مضيفاً «ما أفهمه هو أنّ إسرائيل بدأت مثل هذا التحقيق، وسيكون من المهمّ رؤيته للتوصل إلى نتيجة».

 

الراعي

في المواقف، لفت البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في قداس الاحد من بكركي، الى زيارته الخميس الماضي مدينة صور التي «فرح بها الرأي العام الداخلي والخارجيّ، وتوسّم بها خيرًا وطنيًّا». واشار الى انّه من خلال المرجعيات المسيحية والاسلامية التي التقاها «أعلنّا تضامننا مع كلّ أهالي الجنوب». وقال: «حيّينا أهالي الجنوب الأعزّاء في مدنهم وبلداتهم وقراهم. على رغم من الغصّة في القلب بسبب القصف الإسرائيلي الدائم على هذه البلدات، وعيش أهاليها في القلق على مصيرهم وأمنهم، عشنا فرح العائلة اللبنانيّة الواحدة في تنوّعها. وقلنا للأهالي أنّ تضامننا معهم يشمل كلّ حاجاتهم. وأوّل صرخة نطلقها معهم: «نحن لا نريد حربًا تدمّر بيوتنا وتقتل أطفالنا وتهجّرنا». لقد وقعت في قلبنا صرخة أهالي رميش ودبل وعين إبل والقوزح وعيتا الشعب، الذين نحيّي صمودهم. الرحمة حاجة جيلنا الذي يعاني من تجريد الإنسان من إنسانيّته ومن طغيان الظلم والإستبداد والكيديّة، وإفراغ القلب من العاطفة، وجعله قلبًا من حجر. هذه حال حكّام الدول الذين يغذّون المتحاربين بجميع أنواع الأسلحة الهدّامة والإباديّة، كما نشهد في الحرب على قطاع غزّة، والحرب على أوكرانيا وسواهما. وهذه حال المجلس النيابي عندنا، الذي ينتهك المادّة 49 من الدستور ولا ينتخب رئيسًا للجمهوريّة، ويمعن بالتالي في إسقاط المؤسّسات الدستوريّة، وتعطيل عمل الإدارات العامّة، والعيش في حالةٍ من الفوضى، وإفقار الشعب وإرغامه على هجرة وطنه، وتفاقم الأزمة الإقتصاديّة والماليّة والإجتماعيّة. بالمقابل نحيّي اللبنانيّين وسواهم الآتين بأعداد كبيرة إلى لبنان للإحتفال مع أهلهم وأنسبائهم بالأعياد الميلاديّة. إنّهم بذلك يُظهرون وجه لبنان الحقيقي الصامد من دون سلاح».

واعتبر الراعي أنّ «البطولة ليست في إشعال الحرب بواسطة أسلحة فتّاكة لا قلب لها ولا عقل، بل البطولة في صنع السلام. الحرب تهدم وتقتل بقوّة الحديد والنار، أمّا السلام فيُبنى بمحبّة القلب ونور العقل بالحقيقة. الحرب تستهلك الأموال الطائلة من أجل لا شيء، أمّا السلام فيُطعم الملايين من الجياع. الحرب تنبع من كبرياء الحكّام ومصالحهم الظالمة، أمّا السلام فمن قلب الله».

Exit mobile version