Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

أفريقيا والرؤساء الدائمون

 د. علي سيّد

القارة السمراء أو الخضراء قارة الثروات والخيراتوالتناقضات أيضاً، أغلب دولها تعاني من نقص حادّ فيالتعبير عن الرأي وعدم توافر الديمقراطية وحريةالشعوب، خاصة عندما يتعلق الوضع بكرسي الحكم أوالرئاسة التي تترسّخ في ذهن الحكام الأفارقة، وكأنّ هذاالمنصب دائم دوام الحياة دون تداول للسلطة أو تداولسلمي إنْ صحّ التعبير في معظم الدول الأفريقية.

نحن أمام مشاهد انتخابية لأكثر من دولة أفريقية بدأتمنذ تشرين الأول من العام الماضي وحتى الآن، ما يضعناأمام تساؤل هام، وهو تأثير هذه الانتخابات على استقراروسلام القارة السمراء، خاصة ونحن أمام مشهد معقد بعدتداعيات جائحة كوفيد – 19، وإفلاس دول، وإغلاق أخرىوتراجع الدعاية العادية للمرشحين بسبب هذا الوضع.

ففي غينيا تمّ إجراء الانتخابات بمنع التجمعات وإحلالوسائل الإعلام والسوشيال ميديا محلّ الدعاية، وكذلكالحال جرى في الكوت ديفوار، أما أوغندا فتعيش الآن علىصفيح ساخن من التوتر والقلق بسبب ترشح الرئيس يوريموسيفني مجدداً بعد 34 عاماً من الحكم وذلك الشهرالمقبل، وحالها كحال الدول التي سبقتها في التصويتدون تجمعات وناخبين والاعتماد الكلي على الإعلامووسائل التواصل الفاشلة في ظلّ ضعف الخدماتالإلكترونية والإنترنت في الدول الأفريقية بشكل عام.

أما تنزانيا فقد عانت بسبب جائحة كورونا أثناء الانتخاباتفي تشرين الأول من العام الماضي ومثيلتها بوركينا فاسوالتي ستنظم الانتخابات الشهر المقبل، وسط عدد منالمرشحين ومن ضمنهم الرئيس الحالي روش مارككريستيان كابوري الذي يحلم بولاية ثانية.

أما النيجر فكان الوضع أقلّ توتراً الشهر الماضي، خاصةبعد إعلان الرئيس الحالي محمد يوسفو عدم نيته الترشح،حيث اكتفى بولايتين فقط ويسعى لإنتقال سلميللسلطة، بينما أفريقيا الوسطي تعيش حالة من عدمالاستقرار بسبب الانتخابات التي بدأت الشهر الماضيوهناك مطالبات بإلغائها.

وفي قراءة سريعة لمشهد الانتخابات العام الماضي فقدفاز رئيس جزر القمر العقيد غزالي عثماني بولاية رابعةللسلطة بعد الإستيلاء عليها في إنقلاب، وكذلك رئيسالكاميرون بول بيا بعد فترة من الصراع والتوتر والحروببالبلاد، كما فاز أيضاً رئيس غانا نانا أكوفو أدو بولاية ثانيةوهناك انتخابات في كلّ من بوروندي وبنين.

أما أثيوبيا فقد أعلن رئيس الوزراء آبي أحمد تأجيلالانتخابات تحت عدة أسباب أبرزها الجائحة في استغلالأمثل لما يحدث الآن من قمع لإقليم تيغراي دون أيمراعاة لحقوق الإنسان أو الديمقراطية.

إنقلابيون أحرار مستبدّون

في كثير من الأحيان، تأتي التعديلات للدستور في فترةالحكم بدعم حماسي من الأكاديميين المحليين والأجانبومن ورائهم، الذين يأتون بالنظريات التي تدعم أيّتغييرات يريدها الزعيم.

وتراوحت النظريات بين الاشتراكية الأفريقيةو«لنكرومية» – وهي أيديولوجية تعتمد على فلسفة أولرئيس غاني، وهو كوامي نكروما.

ففي قلب من ذلك كله فكرة أنّ هناك قائداً معيناًاستثنائياً، وبدونه ستتعرّض البلاد للتفكك.

أو كما نقل عن لويس الخامس عشر، الذي حكم فرنسا مايقرب من 60 عاماً، «أنا ومن بعدي الطوفان».

قيل هذا عن جميع الرؤساء الأوائل، وإن لم يبدأوا بهذاالاعتقاد فإنهم ينتهون به بأنفسهم.

وقال ذلك الجنود الذين نفذوا انقلابات، وحكموا معظمأفريقيا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي عنأنفسهم، وأقرّ بذلك الأتباع والأكاديميون المستفيدون.

وحتى المقاتلون من أجل الحرية، الذين تظاهروا فيالعواصم وأطاحوا بالقوى الاستعمارية أو المستبدينالأصليين، قالوا ذلك أيضاً عن أنفسهم، وتحوّلوا إلى طغاةأسوأ أمام أعيننا.

إنّ عدم الاستقرار عند كلّ محطة انتخابية كانت رئاسية أوبرلمانية هي خير دليل على الوضع الهش في كثير منالدول الأفريقية التي تعاني العديد من المشاكلالاقتصادية والأمنية والعسكرية، وبالتالي فإنّ هذا الوضعالمأزوم ليس نتاج الشعوب الأفريقية الطيبة والمسالمةوالتي بالرغم من كلّ أوضاعها المعيشية تبقى محبةلأرضها ولا تحب الإعتداء على أحد، ولكن السبب الرئيسفي هذه الأزمات تبقى وراءه أيادٍ معلومة في السياسةالعالمية والتناحر على المستوى الدولي طبعاً بقيادةالغرب الرأسمالي الذي لا يرى إلا مصالحه وأهدافه وهوأيّ الغرب بقيادة الولايات المتحدة يسعى للحفاظ علىمصالحه ودفع معظم الرؤساء الحاليين الذين يتعاونونويطيعون إرادة الغرب، للبقاء في مواقعهم وأقله غضّالنظر عن أعمالهم القمعية، فلا هَم لهم إنْ كانت الدولديمقراطية أو قمعية المهم مصالحهم الذاتية.

ترى ماذا سيحدث خلال الفترة المقبلة، وهل ستشهدالقارة مزيد من التوترات والقمع أم ستساهم الانتخاباتفي دعم استقرارها.

*باحث في الشؤون الأفريقية