Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الجمهورية : الجوع يقترب.. والحكومة معطّلة.. وماكرون مُصرّ ‏على التأليف

كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : ‎كورونا يجتاح البلد، والاقتصاد منكوب، والمالية العامة مفلسة، والفقر يتفاقم، والجوع على الأبواب، والحكومة في ‏خبر كان، والسياسة في ذروة الانقسام والاحتدام، والخطاب الطائفي والمذهبي عاد ليتصاعد، وعوامل التوتير ‏الداخلية تتناسل من بعضها البعض على مدار الساعة، وعوامل الضغط الخارجي متلاحقة، وجديدها الأخبار ‏المتزايدة، والواردة من غير مصدر عن سلّة عقوبات اميركية جديدة وصفت بـ”الصادمة” بحق مجموعة أسماء ‏مصنّف معظمها في خانة الحليف لـ”حزب الله‎”.‎
لكأنّ لبنان يقف على فالق زلزالي رهيب يوشك ان يتحرّك في اتجاه شيطاني يلقي به في قعر كارثة لا قيامة منها، ‏والجامع المشترك بين اللبنانيين اليوم، واكثر من اي وقت مضى، هو الخوف مما هو مخبأ لهم في مسلسل الكوارث ‏التي تتوالى فصوله عليهم، ودون انقطاع وفي شتى المجالات‎.‎
‎ ‎
كورونا يزحف
فالفيروس الخبيث يزحف، وصار في ذروة انتشاره وصار يطرق ابواب اللبنانيين جميعهم، ولا رادع له، ولا ‏كابح لحصاده اليومي المرعب لمئات الإصابات وحتى ما فوق الألف اصابة، والعدّاد الى صعود، فيما السلطة في ‏ذروة تراخيها، متخبطة بإجراءاتها الفاشلة التي توالت بطريقة بهلوانية من اليوم الاول لجائحة كورونا، وبعقلها ‏المعطّل والقاصر حتى على ابتداع خطة احتواء ولو متواضعة لانتشار هذا الوباء‎.‎
مهما حاولت هذه السلطة ان تتنصل من مسؤوليتها، وتتذرّع بضعف امكاناتها، فإنّ الشريك الكامل لهذا الوباء، ‏بإجراءاتها القاصرة وتراخيها عن المتابعة واستهتار اجهزتها، كل اجهزتها، ولا جدّيتها في فرض الوقاية على ما ‏هو حاصل في الدول التي تحترم نفسها‎.‎
لكن الشريك الاكبر للوباء هو المواطن اللبناني، الذي قدّم مع الاسف، نموذجاً فاقعاً في الخفة، تحكمه تلك “النّفخة” ‏الفارغة، ظاناً باستهتاره وتعاليه السخيف على الوباء على طريقة “مش عارف حالو كورونا مع مين عم ‏يتعامل”، أنّه اقوى من ان يتمكن هذا الوباء من ان ينال منه. والمؤسف أكثر، لا بل ما يثير الغضب، هو انّ هذا ‏المنحى الذي يسلكه المواطن اللبناني منذ بدء الجائحة في آذار الماضي، لا يزال مستمراً، دون اي اكتراث لهذا ‏المنحدر الوبائي الذي يسقط فيه، ودون اي التزام من الاكثرية الساحقة من اللبنانيين بالحدّ الأدنى من اجراءات ‏الوقاية الذاتية الضرورية، وابسطها الالتزام بالكمامة، والتباعد وعدم الاختلاط‎.‎
في أي حال، صار البلد امام وضع كوروني يوشك ان يفلت من ايدي اهله، فيما توشك السلطة على اتخاذ تدبير ‏جديد – قديم، يقوم من جهة على اقفال البلد لمدة اسبوعين، لعلّها تحدّ فيها من عدد الاصابات، التي جعلت نسبة ‏الحالات المسجّلة يومياً بوباء كورونا، لبنان من بين اعلى الدول في العالم الموبوءة بفيروس كورونا. ويقوم من ‏جهة ثانية على تشدّد الاجهزة الامنية بتسطير محاضر ضبط بحق الافراد غير الملتزمين بارتداء الكماكة، ‏والمؤسسات غير الملتزمة بالشروط الوقائية المفروضة‎.‎
‎ ‎
الجوع يقترب
وعلى الخط الكارثي الموازي، تكمن الازمة الاقتصادية والمالية التي افلست البلد، ولم تبقِ منه سوى النذر القليل ‏جداً، والذي يوشك ان يذوب ويشحّ. ولعلّ الاخطر من كل ذلك، هي الصورة الحالكة السواد التي يرسمها خبير ‏مالي دولي حيال مستقبل الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان‎.‎
يقول الخبير لـ”الجمهورية”: “انّ لبنان يقترب من أن يُزال نهائياً من على الخريطة المالية‎”.‎
ويضيف: “انّ الأزمة التي تضرب لبنان، سبقته، ولم يعد في مقدوره اللحاق بها، وأخشى من أنّه مقبل على فترات ‏شديدة الصعوبة في المدى القريب المنظور‎”.‎
وقال: “في الاساس، انّ لبنان مع بدء ازمته والنقصان الحاد في العملات الصعبة، هو في حاجة الى كميات كبيرة ‏جداً من الدولار النقدي لكي يوقف تقدّمه السريع نحو الانهيار، وجاء انفجار مرفأ بيروت والنتائج الكارثية التي ‏خلّفها لتزيد على لبنان عبئاً اكبر، يعني انّ لبنان انتقل من وضع سيئ جداً، الى وضع “أسوأ جداً”. ورغم هذا ‏الوضع، فأنا شخصياً لا أرى مصدراً لضخّ الأموال الى لبنان في الوقت الراهن، وخصوصاً أنّ السلطة في لبنان لم ‏تقدّم للمجتمع الدولي حتى الآن ما ينتظره منها من اصلاحات، ومن اجراءات صادقة وناجعة لمكافحة الفساد، ‏ناهيك عن الاسباب السياسية المعقدة‎”.‎
ورداً على سؤال قال الخبير المالي الدولي: “لبنان، وحتى ولو تلقّى بعض الدعم المالي من جهات عربية ودولية في ‏هذه الفترة، فإنّه بالحدّ الادنى يحتاج الى سنوات طويلة لكي يدخل في مرحلة البدء بانتظام وضعه الاقتصادي ‏والمالي، وربما تشكّل المبادرة الفرنسية، وتأليف الحكومة الجديدة، فرصة لتلقّي لبنان بعض الدعم، ولكن الصورة ‏كما يبدو معقّدة ومشوشة، ما يجعل من هذه الفرصة مهدّدة، وإن فُوّتت هذه الفرصة على لبنان، سينحى الوضع فيه ‏في اتجاه اكثر تعقيداً، وربما في اتجاه ما هو اخطر على اللبنانيين، وبلوغهم مرحلة الجوع‎”.‎
اضاف: “وهنا يجب ان ننتبه الى انّ اكثر من نصف اللبنانيين ووفق الإحصاءات الدقيقة، باتوا حالياً تحت خط ‏الفقر، وهذه الإحصاءات تشير الى انّ ما نسبته 55% من اللبنانيين تحت هذا الخط. ومع الأسف فإنّ هذه النسبة قد ‏تتحرك صعوداً خلال فترة وجيزة، أخشى أن اقول إنّها لا تتجاوز بضعة اسابيع‎”.‎
‎ ‎
إحتقان وتأليف يتأرجح
واما الطامة الكبرى، فهي في الجانب السياسي، التي نبتت حوله اورام طائفية ومذهبية، وخطاب شحن متبادل، ‏استحضر الى الاذهان صور الماضي الكريه، وما اصاب البلد من ويلات ونكبات‎.‎
لم يكن ينقص مشهد تأليف الحكومة المعطل، سوى التوتر الطائفي والمذهبي، الذي يضغط بكل ثقله، ليس على ملف ‏التأليف فحسب، بل على البلد بشكل عام‎.‎
ولقد جاء هذا التمترس، في ذروة الاحتدام السياسي بين فريق التأليف الذي يتقدّمه من جهة رؤساء الحكومات ‏السابقون والرئيس سعد الحريري تحديداً، وبين “الثنائي الشيعي” من جهة ثانية، على حلبة وزارة المالية، والذي ‏كما هو مؤكّد وصل الى نقطة اللاعودة بين الطرفين. وهذه اللاعودة، تشي بأنّ حظوظ تشكيل حكومة مصطفى ‏اديب باتت منعدمة بالكامل، الّا اذا حدثت معجزة قرّبت المسافات بين المختلفين، وعدّلت من توجّه الرئيس المكلّف ‏نحو الاعتذار‎.‎
‎ ‎
باريس على الخط
وسط هذه الأجواء، تؤكّد معلومات “الجمهورية”، انّ التواصل الفرنسي مع المعنيين بملف التأليف لم ينقطع على ‏مدى اليومين الماضيين‎.‎
وكشفت شخصية تواصل معها الفرنسيون خلال الساعات الماضية، انّها سمعت ما يؤكّد على انّ باريس مصمّمة ‏على ابقاء المبادرة الفرنسية هي المرتكز الوحيد للحلّ الإنقاذي للأزمة في لبنان. وانّ الرئيس ايمانويل ماكرون ‏مصمّم من جهته على الاستمرار بالدفع نحو تشكيل حكومة، ولن يوقف محاولاته قبل تأليف هذه الحكومة، وهذا ‏يعني انّ المِهل التي يجري الحديث عنها ليست قاطعة ونهائية، بل من باب حث الاطراف اللبنانيين على الاستمرار ‏في التواصل والبحث عن قواسم مشتركة في ما بينهم‎.‎
ولفتت تلك الشخصية، الى انّها استنتجت مما سمعته من الفرنسيين، انّ الرئيس الفرنسي عازم على تزخيم حركة ‏الاتصالات مع اطراف الخلاف الحكومي، وربما يرسل موفداً فرنسياً الى بيروت إن اقتضى الامر ذلك. ذلك انّ ‏تشكيل الحكومة في لبنان هو في رأس جدول اولوياته‎.‎


الى ذلك، علمت “الجمهورية”، انّ محاولات جرت في الساعات الاخيرة لإيجاد حل وسط حول وزارة المالية، ‏من بين مجموعة أفكار جرى نقاشها على خط بيروت باريس الاسبوع الماضي، ولعلّ احد الحلول طرحه الرئيس ‏الفرنسي، الذي يقوم على ابقاء وزارة المالية من الحصّة الشيعية على ان يتولّى هو شخصياً، اي الرئيس الفرنسي، ‏تسمية وزير المالية (من بين شخصيّات محدّدة من قِبل فريق التأليف الذي يقوده الحريري‎).‎
واشارت المعلومات، الى انّ هذا الطرح عرضه الرئيس الفرنسي في اتصال هاتفي مع رئيس مجلس النواب نبيه ‏بري، الذي ابلغ ماكرون بإسم الثنائي عدم السير بهذا الطرح، مع التأكيد على ان يسمّي “الثنائي” وزير المالية ‏الشيعي. فالأساس بالنسبة الى الثنائي هو ان تصدر التسمية من قبلهما وليس من اي طرف آخر، وهما انطلاقاً من ‏هذه الثابتة لديهما، على استعداد لأن يقدّما لائحة بمجموعة كبيرة من الاسماء ليتمّ الاختيار من بينها، وغير ذلك ‏ليس مقبولاً بالسنة اليهما‎.‎


واما الحل الثاني، فعرضه رئيس الجمهورية على “الثنائي الشيعي” في اللقاء بينه وبين رئيس “كتلة الوفاء ‏للمقاومة” النائب محمد رعد السبت الماضي، ويقوم على ان تُسند وزارة المالية الى شخصية مارونية يسمّيها رئيس ‏الجمهورية، الّا انّ “الثنائي” ابلغا عون برفض هذا العرض، مع تأكيد التمسّك بإبقاء المالية من ضمن الحصّة ‏الشيعية‎.‎


وبحسب المعلومات، فإنّ باريس، قد اصيبت بـ”النقزة” من موقف “حزب الله”، بناء على بعض الإشارات ‏الواردة اليها من بيروت، بأنّ الحزب يعمل على تفشيل المبادرة الفرنسية. وهي عمدت الاسبوع الماضي الى ‏توجيه اسئلة مباشرة الى “حزب الله” حول موقفه الحقيقي من المبادرة‎.‎


وتشير المعلومات، الى أنّ الأجوبة التي قدّمها “حزب الله” كانت مرضية للفرنسيين، والتي لم تخرج في معظمها ‏عن تأكيد الالتزام بالمبادرة الفرنسية، الذي قطعه النائب محمد رعد للرئيس الفرنسي في اللقاء بينهما في قصر ‏الصنوبر. حيث اكّدت “انّ كل ما ينسجم مع المبادرة وما يؤدي الى انجاحها نحن موافقون عليه”. ورداً على ‏الاشارات المشكّكة بموقف الحزب، قيل للفرنسيين: “يجب ان تعرفوا انّ هناك (المقصود الحريري ورؤساء ‏الحكومات) من يحاول أن يأخذ المبادرة لتعزيز امساكه بمركز القرار في البلد، متظللاً ومغطّى بعباءتكم، ومدعوماً ‏من بعض الجهات لتخريب مبادرتكم‎”.‎
وتقول المعلومات، “انّ “الثنائي” تلقّى اجوبة من الجانب الفرنسي كانت مرضية لهما ايضاً، ولاسيما لناحية ‏التأكيد بأنّ المبادرة لم تتطرق الى شكل الحكومة او الى المداورة او الى وزارة المال وسحبها من الحصّة الشيعية، ‏او الى حصر تشكيل الحكومة بطرف بعينه دون سائر الاطراف، وعلى هذا الاساس ينتظر “الثنائي” ان يتراجع ‏الطرف الآخر‎”.‎

عون
ولفت في سياق التأليف إعلان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنه “مع تصلّب المواقف لا يبدو في الأفق أي ‏حل قريب لأنّ كل الحلول المطروحة تشكل غالباً ومغلوباً‎”.‎
عون، في كلمة له أمس بَدت متناغمة مع مضمون البيان الاخير للهيئة السياسية في “التيار الوطني الحر”، حذّر ‏من انه “إذا لم تُشكّل الحكومة “رايحين على جهنّم”، وشدّد على انّ “الدستور لا ينص على تخصيص أي وزارة ‏لأيّ طائفة”، مشيراً الى أننا “طرحنا حلولاً منطقية ووسطية لتشكيل الحكومة ولكن لم يتم القبول بها من ‏الفريقين”، واقترح إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات التي سمّيت بالسيادية وعدم تخصيصها لطوائف محددة بل ‏جعلها متاحة لكل الطوائف‎.‎
وقال: “هل نقوم بهذه الخطوة ونبدأ عملية الانقاذ المتاحة أمامنا أم سنبقى رهائن الطوائفية والمذهبية؟ فلا الاستقواء ‏على بعضنا سينفع، ولا الاستقواء بالخارج سيجدي. وحده تفاهمنا المبني على الدستور والتوازن هو ما سيأخذنا ‏الى الاستقرار والنهوض‎”.‎
‎ ‎
بعبدا
وفي تفسيرها للدوافع التي قادت رئيس الجمهورية الى إطلالته الاعلامية أمس، قالت دوائر القصر الجمهوري انه ‏كان لا بد للرئيس عون من مصارحة اللبنانيين بما بلغته أزمة التأليف وتوليد “حكومة المهمة”، والشروط ‏والشروط المضادة التي أدت الى كربَجة العملية في مثل الظروف الدقيقة والخطيرة التي تعيشها البلاد‎.‎
وقالت هذه المصادر لـ”الجمهورية” انّ عون وضع الطرفين المعنيين أمام مسؤولياتهما للخروج من الازمة ‏والسعي الى تشكيل الحكومة العتيدة لقيادة المرحلة المقبلة في أجواء من التعاون الذي يحتاجه الوضع منعاً للتدهور ‏السريع المؤدي الى ما لا يحمد عقباه‎.‎
ولفتت المصادر الى انّ عون لم يكتف بتوصيف الأزمة وشرح المواقف المتناقضة ببساطة، بل تقدّم بطرح يمكن ‏أن يشكل مخرجاً للمأزق الذي بلغته عملية التأليف، وهي التي أدت الى عدم حاجة الرئيس المكلف الى التوجه الى ‏بعبدا سواء لتقديم اعتذاره او لتقديم التشكيلة الموعودة، كما كان متوقعاً، فاعتلى عون المنبر بدلاً منه وصارحَ ‏اللبنانيين بواقع الأمور محمّلاً الطرفين مسؤولية الخروج على القواعد الدستورية وما تنص عليه القوانين من دون ‏ان يخفي موقفه المتباين مع طرحي الطرفين السني والشيعي‎.‎
ولفتت المصادر الى انّ عون لم يوفر وسائل اخرى وراح بعيداً لمساعدة الرئيس المكلف في مهمته سعياً الى ‏‏”حكومة المهمة”، فأجرى بالإنابة عنه مشاوراته الاخيرة لأنه كان ما يزال يرفض القيام بمثلها مع الاطراف ‏السياسية ورؤساء الكتل النيابية‎.‎
الى ذلك، وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم يتلق رئيس الجمهورية أي ردّ فعل على ما طرحه من طرفي ‏الخلاف، فيما سارعت أوساطهما ووسائل الاعلام التابعة لهما الى تفسير موقف عون، كلّ من زاوية معينة تعينه ‏على التمسّك بموقفه بدلاً من التلاقي للتوافق على المخرج المنطقي‎.‎
‎ ‎
أديب
وكان لافتاً بالأمس ايضاً حضور الرئيس المكلف على الخط الحكومي، منبّهاً الى انّ لبنان لا يملك ترف إهدار ‏الوقت، معلناً انه لن يألو جهداً لتشكيل حكومة اختصاصيين قادرة على وقف الانهيار، بالتعاون مع رئيس ‏الجمهورية، متمنياً على الجميع العمل على إنجاح المبادرة الفرنسية فوراً ومن دون إبطاء، والتي تفتح أمام لبنان ‏طريق الإنقاد ووقف التدهور السريع‎.‎
وحذّر اديب من أنّ أيّ تأخير إضافي يفاقم الأزمة ويعمّقها، ويدفع الناس نحو المزيد من الفقر، والدولة نحو المزيد ‏من العجز‎.‎
‎ ‎
فريق التأليف: لا انتظار
في هذا الوقت، أكدت اوساط فريق التأليف لـ”الجمهورية” انّ “الامور ما زالت تراوح في منطقة التعقيد، ولم ‏يسجّل اي تقدم جرّاء تصلّب الثنائي الشيعي وإصرارهما على دفع الامور في الاتجاه الذي يخدمها بمعزل عن ‏مصلحة البلد. وبالتالي، فإنّ الفسحة الزمنية لتحقيق اختراق نوعي في جدار التأليف قد ضاقت الى حد كبير، وهذا ‏ما قد يجعل الرئيس المكلف على قرب كبير من لحظة اتخاذ القرار المناسب بين الاستمرار او الاعتذار، وليس ‏الانتظار الى ما لا نهاية‎.‎
ورداً على سؤال حول اتهام الرئيس الحريري بأنه يحاول تجيير المبادرة الفرنسية لتحقيق مكاسب له، قالت ‏الاوساط: هذا اتهام سخيف لا ينطبق على الواقع ابداً، فالرئيس الحريري لم يحد لحظة عن الالتزام بالمبادرة ‏الفرنسية، واكد على ذلك بصورة مباشرة للرئيس ماكرون، وقطع التزاماً واضحاً بالسعي لإنجاحها، وتوفير كل ‏ما يلزم لتمكين الحكومة الجديدة من تنفيذ المهمة الانقاذية التي ستوكل إليها‎.‎
أضافت هذه الاوساط: انّ الحريري، ومعه الرؤساء السابقون للحكومات، ماضون في هذا السبيل وصولاً الى ‏تشكيل حكومة اختصاصيين قادرة على التصدي لهذه المهمة، الّا انّ هناك مَن هو مصرّ على تعطيل الوصول الى ‏هذه الحكومة من خلال طروحات يرمي من خلالها الى فرض أعراف جديدة لا تنسجم مع الدستور والطائف‎.‎
وإذ اشارت الاوساط الى انّ العرقلة مصدرها الثنائي الشيعي، قالت انّ الاتهامات التي يطلقونها بالتعطيل ‏وبالاستقواء بالخارج، هي اتهامات مردودة الى من يحاول فعلاً الاستقواء بالخارج، وتجاوز الدستور وفرض ‏إملاءاته وتشكيل حكومة وفق مشيئته، فضلاً عن البدعة التي يتمسّكان بها بأنّ وزارة المالية حق حصري لطائفة ‏بعينها. وهنا لا يفوتنا الّا ان نؤكد اننا نقدّر الموقف المسؤول للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي‎.‎
‎ ‎
رؤساء الحكومات
بدوره، أبلغ احد رؤساء الحكومات السابقين الى “الجمهورية” قوله: ان لا مجال للقبول بتخطي الدستور ‏والطائف، وأنا أسأل حركة “أمل” و”حزب الله”، مع احترامي الكامل لهما، لماذا هذه الاستفاقة المتأخرة على ‏وزارة المالية، وهل تأتي هذه الاستفاقة لتسهيل تشكيل الحكومة ام للتعطيل وإبقاء الوضع على ما هو عليه من ‏ازمات؟ لا أعرف؟
اضاف: “لن نرد على ما يطالنا من تجريح، فنحن كنّا وما زلنا من دعاة الواقعية والعقلانية، وتعاون الجميع في ‏إطلاق الحكومة في وقت لبنان هو بأمسّ الحاجة الى العمل‎”.‎
وكشف رئيس الحكومة السابق أنّ المشاورات بين رؤساء الحكومات السابقين مفتوحة، وهم على تواصل دائم مع ‏الرئيس المكلف، وسيكون لنا موقف بالتأكيد في ضوء ما سيستجد من تطورات في ملف التأليف، واعتقد انّ هذا ‏الموقف سيكون في وقت قريب جداً‎.‎
‎ ‎
الثنائي الشيعي
في المقابل، وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ صورة موقف “الثنائي الشيعي” لم تتبدّل، بل هي ما زالت ثابتة ‏عند المطالب التي طرحها الرئيس بري و”حزب الله” لجهة التمسّك بوزارة المالية، وتسمية الوزراء الشيعة في ‏الحكومة‎.‎
وقالت مصادر “الثنائي” لـ”الجمهورية”: “لن يأخذوا وزارة المالية منّا ولو انتظروا 100 سنة، كما لا يمكن لنا ‏أن نلغي أنفسنا ونسمح لهم بتسمية وزرائنا. واذا كان هناك مَن تراخى في هذه المسألة فهذا شأنه وربما له ‏حساباته، أمّا بالنسبة إلينا فلا مجال للتراجع او التنازل عن أيّ من هذين المطلبين مهما كلف الأمر‎”.‎
أضافت المصادر: “انّ أداءهم معنا جعلنا نخشى من انّ المسألة أبعد من وزارة مال وأبعد من مصادرة حق بتسمية ‏وزراء، نتمنى الّا يكون خلف الاكمة ما خلفها، والّا يكون هناك عقل سوداوي يفكر بمغامرات كمثل المغامرات ‏التي قاموا بها وفشلت بل ارتدّت عليهم‎”.‎
في اي حال، تتابع المصادر: “إذا أقبلوا او لم يقبلوا، نحن شركاء في هذا البلد، ومكوّن أساسي له حضوره وناسه ‏وتمثيله في هذا الوطن، لا يستطيعون ان يتجاوزونا او يبعدونا عن موقع الشراكة في ادارته، وإن استمرّوا على هذا ‏المنحى نقول لهم إنّه مدمّر، وليؤلفوا حكومة ويحكموا البلد من دوننا إذا استطاعوا، وليستقووا بمَن يريدون في ‏الداخل والخارج وحتى بالجن الاحمر، وليهاجمونا كما يحلو لهم، وليهددونا بالعقوبات وليفرضوا علينا ما طاب ‏لهم من عقوبات، فكل ذلك لن يجعلنا نتراجع، وليجربونا‎”.‎
وختمت المصادر: “إذا أرادوا التعاون والشراكة فنحن جاهزون وعلى أتمّ الاستعداد لهذا التعاون، لا بل نحن ‏متحمّسون إليه، وإذا رفضوا وظلوا على هذا المنحى، فالكرة عندهم حتى قيام الساعة‎”.‎
‎ ‎
عقوبات
من جهة ثانية، وفي وقت يكثر الحديث لبنانيّاً عن سلة عقوبات أميركية تطال شخصيات لبنانية، اعلنت ادارة ‏الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، فرض عقوبات جديدة على وزارة الدفاع الإيرانية وآخرين لهم دور في ‏برنامج الأسلحة النووية الإيراني، كما فرضت عقوبات جديدة على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي أقام ‏علاقات وثيقة بين كركاس وطهران‎”.‎
وتأتي هذه العقوبات بالتوازي مع إعلان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنّ عقوبات الأمم المتحدة على ‏ايران دخلت مجدداً حيّز التنفيذ، فيما أعلن وزير الدفاع الاميركي مارك إسبر، في مؤتمر صحفي، انّ “حزب الله” ‏والحوثيين يشنّون هجمات نيابة عن إيران، ونحن نأخذ خطوة أخرى لحماية الجنود الأميركيين وحلفائنا”، مشدداً ‏على انّ “اميركا مستعدة للرد على أي عدوان إيراني، ويجب على طهران وقف أنشطتها المزعزعة للاستقرار، ‏ونحن سنواجه التهديد الإيراني الموجّه لنا ولحلفائنا‎”.‎