Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الأخبار : السلطات النقدية والسياسية والتشريعية تتفرّج على الانهيار: الدولار بـ10 آلاف ليرة‎!‎

كتبت صحيفة ” الأخبار ” تقول : تبدو السلطة الحاكمة، سياسية ونقدية، مستعدة لقتل الناس جميعاً كي يهنأ أصحاب المصارف وشركاهم من التجّار ‏والسماسرة. صرافون يسحبون مبالغ مرتفعة من الدولارات من السوق، لحساب المصارف، فيما التجار ينعمون بأموال ‏الناس لتأمين دعم لا يصل اليهم أبداً. وسط ذلك كله، ثمة رئيس جمهورية ورئيس حكومة مستقيل وآخر مستقيل من ‏مهمة التأليف، ورئيس لمجلس النواب، يتفرجون على خراب الهيكل من دون أن يحركوا ساكناً. والنتيجة، ارتفاع سعر ‏صرف الدولار يوم امس الى عتبة الـ9900. الأمر كفيل بتدمير إضافي لمداخيل السكان ومستوى معيشتهم، فيما رياض ‏سلامة يتفرّج على انهيار سعر الصرف، مُصرّاً على عدم القيام بواجبه القانوني الممنوح له حصراً، وهو الحفاظ على ‏سلامة النقد، كما لو أنه يكرر يومياً ما قاله سابقاً: بكرا الناس بيتعوّدوا‎!


لم يعد ثمة سقف للدولار الذي وصل يوم أمس الى 9900 ليرة لبنانية في بعض العمليات، ويتجه صعوداً ليخرق عتبة ‏الـ10 آلاف ليرة. كُسِر الهامش شبه الثابت الذي تراوح بين 8000 و8500 في الأسابيع القليلة الماضية، ليرتفع نحو ‏‏1500 ليرة في غضون أيام. هذه القفزة مردّها الى مجموعة عوامل، على رأسها سحب المصارف لمبالغ كبيرة جداً من ‏الدولارات من السوق. حاكم مصرف لبنان، الذي يحدد القانون أول واجباته القانونية بالحفاظ على سلامة النقد الوطني، ‏يتفرّج على المصارف منذ أشهر وهي تشفط الدولارات من السوق، بألاعيب وحيل كثيرة، أبرزها خلق نقد وهمي ‏اسمه الدولار اللبناني، وتحرير شيكات مصرفية بغير قيمتها الحقيقية. بـ27 ألف دولار أميركي، تحرر المصارف ‏شيكات قيمة الواحد منها 100 ألف دولار. بمئة ألف دولار أميركي، تفتح المصارف حسابات تُسجّل فيها وديعة بقيمة ‏‏340 ألف دولار. بـ25 ألف دولار أميركي، تسمح المصارف للمقترض بتسديد دين قيمته 100 ألف دولار. ثمة ‏مخالفات جمّة للقانون، تثبت مرة جديدة أن ما في البلاد ليس قطاعاً مصرفياً، بل مرابون لا همّ لهم حالياً سوى سحب ‏الدولارات من السوق. السلطة النقدية لا تحرّك ساكناً. حاكم مصرف لبنان لا يرى نفسه معنياً‎.‎


الحكومة المستقيلة استقالت من تصريف الأعمال أيضاً. رئيسها خائف، ووزراؤها بين “خارج الخدمة حالياً” ‏كوزير المال، وحريص على مصالح أصحاب المصارف وكبار التجار والمحتكرين كوزير الاقتصاد. أما الرئيس ‏المكلّف بتأليف الحكومة، فهمّه محصور في أن يفتح له محمد بن سلمان باباً ليلتقط معه صورة لا أكثر. رئيس مجلس ‏النواب دافع عن رياض سلامة وأصرّ على الحاجة إلى “الجميع” في زمن الانهيار، من دون أن يبدي أي ‏اعتراض على أن سلامة كذب عليه مرات ومرات. ولم يجد رئيس المجلس بعد أي داعٍ لورشة تشريعية تواكب ‏الانهيار للتخفيف من حدته. أما اللجان النيابية، وتحديداً لجنتي الاقتصاد والمال والموازنة، فلم تجدا بعد ما يوجب ‏انعقادهما لمساءلة الحاكم عن تقصيره. الأولى تبدو غير موجودة، والثانية لا يهتم رئيسها سوى بصوره في ‏الصحف والمواقع وعلى الشاشات محدّثاً الناس عن إنجازاته الوهمية (باستثناء إنجازه الحقيقي الأبرز، وهو ‏المشاركة مع زميليه ياسين جابر ونقولا نحاس في تدمير خطة الحكومة للتعافي المالي، وفتح الباب للمصارف ‏لإطفاء جزء من خسائرها على حساب السكان جميعاً، وتحديداً الأضعف منهم‎).


صحيح أن الانهيار شامل. وهو النتيجة الطبيعية لنموذج اقتصادي وسياسي وصل إلى الحافة وبقي عليها لسنوات ‏قبل أن يسقط. لكن ذلك لا يبرّر لأحد، أي أحد، في السلطة النقدية والسياسية بالتفرج على الانهيار، وإدارة نهب ما ‏بقي من رمق لدى السكان، لحساب الطبقة (أصحاب المصارف وكبار المودعين والمحتكرين والمرابين وشركاهم ‏وبعض العاملين في خدمتهم) التي راكمت الثروات على مدى عقود، على حساب غالبية السكان الذين تُدفع أكثريتهم ‏نحو الفقر المدقع‎.‎

في الأيام الماضية، ترك سلامة المصارف والصرافين يعبثون بالسوق الهشة أصلاً. 10 ملايين دولار يطلبها ‏صراف واحد لحساب أحد المصارف، كفيلة بزيادة سعر الصرف إلى حد ملامسة العشرة آلاف ليرة للدولار ‏الواحد. مصارف من فئة “ألفا”، رغم انتهاء المهلة المحددة لها (28/2/2021) في التعميم الرقم 154 لإعادة ‏تكوين سيولة خارجية بنسبة 3% من الاموال المودعة لديها بالعملات الاجنبية، واصلت طلب الدولارات وبيع ‏شيكات بـ27.5% من قيمتها؛ إما لأنّ هذه المصارف قدّمت أوراقاً مغشوشة للجنة الرقابة على المصارف وقد ‏استمرت بعد انتهاء المهلة في تحويل الاموال الى حساباتها لدى مصارف المراسلة، أو أنها تُسدّد ديوناً، أو لديها ‏التزامات أخرى. الثابت الوحيد أن الانهيار المتسارع لليرة لن يؤدي سوى الى المزيد من الإفقار نتيجة ارتفاع ‏أسعار السلع الاستهلاكية بشكل جنوني، ما يعني تدنّي القدرة الشرائية بشكل أكبر‎.
يجري ذلك فيما القضاء يقف إلى جانب السلطتين النقدية والسياسية، فيقرر توقيف صرّافين أحياناً، ويستقيل من ‏مهامه في غالبية الوقت. لا شك في أن السلطة القضائية تردّد مع باقي السلطات الدستورية ما قاله يوماً رئيس ‏السلطة النقدية: “بكرا الناس بيتعوّدوا‎”.‎