Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الجمهورية: برّاك يتسلّم الردّ على الردّ اليوم بين تفاؤل وتشاؤم ولبنان لتنفيذ الاتفاق قبل تجاوزه

كتبت صحيفة “الجمهورية”: مع عودة المبعوث الأميركي توم برّاك إلى لبنان أمس، تنوعت التوقعات وتناقضت حول نتائج زيارته الثالثة لبيروت، وسط انطباعات تراوح بين التفاؤل والتشاؤم، واعتراف المعنيين بصعوبة التوصل إلى اتفاق قريب، خصوصاً إذا لم يقدّم الرجل باسم حكومته ضمانات جدّية وعملية للمسؤولين اللبنانيين، تشجع على معالجة موضوع حصرية السلاح وترضي الأطراف المعنية به. وقد أنجزت اللجنة الثلاثية الرئاسية التي اجتمعت في قصر بعبدا مساء أمس، صيغة الردّ اللبناني على الملاحظات الأميركية حيال الورقة اللبنانية الأخيرة، والذي سيسلّمه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى الموفد الأميركي عندما سيلتقيه اليوم، بعدما كان مقرراً ان يكون هذا اللقاء غداً، ثم يلتقيه رئيسا المجلس النيابي والحكومة.

يبدأ الموفد الأميركي توم برّاك اليوم محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين الذين سيبلغون اليه الردّ الرسمي على الردّ الأميركي على الموقف اللبناني حيال الورقة الأميركية التي كان برّاك قد سلّمها إلى بيروت.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، إنّ لقاءات برّاك مع المسؤولين ستتمّ على إيقاع صدى تصريحاته الأخيرة حول احتمال إعادة ضمّ لبنان إلى بلاد الشام ما لم يتحرّك سريعاً لمعالجة ملف سلاح «حزب الله».

واستبعدت المصادر أن تكون زيارة برّاك الثالثة هي الحاسمة، لافتة إلى انّ هامش الأخذ والردّ بين الجانبين لم يُستنفد بعد، وإن كان يضيق عقب كل زيارة لبرّاك.

وأشارت المصادر إلى أنّ لبنان يعتبر انّ المطلوب أولاً تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية على أساس القرار 1701، إذ لا يجوز أن يتمّ تجاوز القرار الدولي والانتقال إلى تطبيق ترتيبات أخرى قبل تنفيذه. وشدّدت المصادر على أنّ تطبيق تل أبيب للاتفاق والقرار 1701 يسهّل البحث في حصرية السلاح، مبديةً خشيتها من حصول تصعيد إسرائيلي بعد مغادرة برّاك، في إطار محاولة زيادة الضغوط على لبنان لدفعه إلى التعجيل في سحب سلاح «حزب الله».

لحظة الحسم

وفي السياق نفسه، قالت مصادر مواكبة لـ«الجمهورية»، انّه مع وصول برّاك إلى بيروت، يمكن القول إنّ لحظة الحسم الذي يطلبه الأميركيون من لبنان قد حلّت، وباتت الحكومة اللبنانية مضطرة إلى إعلان موقفها الواضح في موضوع نزع السلاح ضمن مهلة الأربعة أشهر التي حدّدتها الورقة الأميركية والإصلاحات الأخرى المطلوبة. وقد جاء تقريب موعد الاجتماع بين الرئيس عون وبرّاك من الغد إلى اليوم لإمرار رسالة مفادها أنّ الموفد الأميركي يريد اختصار الطريق والاستماع مباشرة إلى الردّ اللبناني الموعود، والذي عملت اللجنة الثلاثية، الممثلة لعون ورئيسي المجلس والحكومة على إعداده.

وإذ لم تتضح معالم هذا الردّ بوضوح، فإنّ مصادر مواكبة للملف قالت لـ«الجمهورية»، إنّ جواً من الإرباك ساد المناقشات طوال الفترة الماضية، وسط رغبة في مراعاة موقف «حزب الله» الرافض في المطلق أي محاولة لتسليم السلاح، تحت أي ذريعة كانت، انطلاقاً من قراءته للتطورات الأخيرة الجارية في لبنان وسوريا، حيث ارتفعت درجة المخاطر والحاجة إلى السلاح كضامن للحماية، وفق تقديره.

ورجحت المصادر أن يحافظ لبنان الرسمي على روحية ردّه السابق على برّاك، والقائمة على مبدأ التزامن بين الخطوات اللبنانية والإسرائيلية.

الوضع السوري

وكان برّاك بصفته المبعوث الأميركي إلى سوريا، أعلن في تصريح له أنّه «لا يمكن احتواء الأعمال العدائيّة المتصاعدة في السويداء إلّا من خلال اتفاق على وقف العنف، حماية الأبرياء، السّماح بوصول المساعدات الإنسانيّة، والابتعاد عن الخطر». وأشار في تصريح، إلى أنّ «اعتبارًا من السّاعة 17:00 بتوقيت دمشق (أمس)، توصّلت جميع الجهات إلى هدنة ووقف للأعمال القتاليّة»، مشدّدًا على أنّ «حجر الأساس التّالي على الطّريق نحو الشّموليّة وخفض التّصعيد الدّائم، هو التّبادل الكامل للرهائن والمعتقلين، والّذي يجري العمل على لوجستيّاته الآن».

أكثر من 1000 قتيل

وفيما أعلنت منظمة الأمم المتحدة أنّ «عدد النازحين جراء أعمال العنف في جنوب سوريا بلغ أكثر من 128 ألفاً»، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ «عدد القتلى جراء أعمال العنف التي استمرت أسبوعاً في جنوب سوريا تجاوز 1000 قتيل». وأحصى مقتل 336 مقاتلاً درزياً و298 مدنياً من الدروز، بينهم 194 «أُعدموا ميدانياً برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية». وفي المقابل، قُتل 342 من عناصر وزارة الدفاع وجهاز الأمن العام، إضافة الى 21 من أبناء العشائر البدوية، ثلاثة منهم مدنيون «أعدموا ميدانياً على يد المسلحين الدروز». كذلك أفاد المرصد أنّ الغارات التي شنّتها إسرائيل خلال التصعيد، أسفرت عن مقتل 15 عنصراً من القوات الحكومية.

جنبلاط والحل الشامل

في غضون ذلك، وفي سياق الحراك اللبناني لمنع انعكاس أحداث الجنوب السوري على لبنان، أكّد الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط التمسك بالبيان الذي صدر خلال الاجتماع الاستثنائي في دار طائفة الموحدين الدروز، مشدّداً على ضرورة وقف إطلاق النار في السويداء للشروع بالمراحل التالية. وشدّد على أنَّ «الحل السياسي الشامل هو السبيل الوحيد للحفاظ على هيبة الدولة السورية وتلبية المطالب المشروعة لأبناء جبل العرب، وعلى ضرورة إطلاق حوار بين جميع المكونات الدينية والسياسية والطائفية برعاية الدولة».

واستنكر جنبلاط «أي تصريح يدعو إلى حماية دولية أو إسرائيلية»، وقال إنّ «هذه الطروحات تشكّل مسّاً بسيادة سوريا وتاريخ السويداء الوطني والعربي»، داعياً إلى «وقف التصعيد ورفع الحصار عن المناطق المتضررة، والعمل الجاد لتفادي الانزلاق إلى مزيد من التوتر». ولافتاً إلى أنّ «دروز سوريا جزء أصيل من النسيج العربي والوطني السوري، ولا يجوز إخراجهم من عروبتهم أو التعامل معهم كجسم منفصل عن محيطهم الطبيعي».

ومن جهته الحزب «التقدميّ الاشتراكيّ» دعا في بيان له، «الدولة السورية وأبناء السويداء والعشائر العربية، للعمل على تثبيت وقف إطلاق النار الذي هو أهم من أي اعتبارات أخرى وخصوصًا الثأر، من أجل أمن واستقرار ووحدة سوريا. وطالب الدولة السورية بالعمل جدّيًا على السيطرة على الوضع المضطرب وغير المستقر في محافظة السويداء، ووضع حدّ للهجمات التي تُشن على القرى الدرزية في جبل العرب، لقطع الطريق أمام مطالب الحمايات الدولية أو التدخّلات الإسرائيلية».

وقال إنّ «تثبيت وقف إطلاق النار هو الباب للدخول إلى المرحلة الثانية أي الحوار السياسيّ، من أجل اندماج محافظة السويداء بالدولة السورية وأجهزتها الرسمية».

مفتي الجمهورية

وبدوره مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان تتّبع الأوضاع العامة في لبنان مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام وجنبلاط ورؤساء الطوائف اللبنانية. وتلقّى اتصالاً من قائد الجيش العماد رودولف هيكل. وأفاد المكتب الإعلامي في دار الفتوى أنّ البحث «تناول الشؤون اللبنانية والدور الذي يقوم به الجيش في حفظ أمن وسلامة لبنان واللبنانيين»، وثمّن دريان «أداء الجيش في القيام بواجبه الوطني ومعالجة أي طارئ أمني في شتى أنحاء الوطن».

وشدّد مفتي الجمهورية على أنّ «وحدة اللبنانيين ستبقى عصية في أي أزمة تستجد ومحصنة بتماسكهم وتلاحمهم، وستبقى هي الأساس لتفشيل وإسقاط كل من يحاول نشر الفتنة بشتى الطرق في لبنان»، ودعا إلى «مزيد من التضامن الوطني لمواجهة هذه النوايا الخبيثة في إطار الدولة ومؤسساتها الشرعية». وقال: «لا بديل عن الدولة وهيبتها وفرض سيطرتها وأحكامها على كامل أراضيها، فهي مظلة الجميع والضامن الوحيد للنظام وسلطة القانون والحقوق والحرّيات والمواطنة المتساوية والعدالة بين جميع المواطنين». ودعا إلى «إبعاد لبنان عمّا يحدث في سوريا الشقيقة»، وقال: «لديهم دولة قادرة على معالجة الوضع الأمني فيها وقيادة حكيمة ورشيدة، ونؤكّد وحدة سوريا أرضاً وشعباً ومؤسسات، ولا ينبغي أن نتدخّل في شؤون غيرنا ولا أن يتدخّل أحد في شؤوننا اللبنانية». وختم: «دار الفتوى لن تسمح بجرّ لبنان إلى أتون الفتن الطائفية والمذهبية البغيضة والمحرّمة شرعاً، وتحرص دائماً على الوحدة الوطنية اللبنانية والعمل على درء الفتنة بالتعاون والتضامن مع البطريركية المارونية والأرثوذكسية والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ومشيخة العقل وبقية المراجع الدينية والسياسية، لمنع حدوث أي خلل ليس بالحسبان».

في عنايا

من جهة ثانية، حضر أمس الرئيس عون وعقيلته وحشد من الشخصيات، القداس الإلهي لمناسبة عيد القديس شربل في دير مار مارون – عنايا، الذي ترأسه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي قال في عظته بالمناسبة: «نصلّي مع رئيس الجمهورية واللبنانية الأولى بشفاعة القديس شربل كي يُسدّد خطاكم ويزيدكم حكمة في قيادة لبنان الذي يمرُّ بظروفٍ صعبة، وحضوركم اليوم فعل إيمانٍ بأنّ لبنان لا يزال قائمًا على ركيزتين هما الله وقدّيسيه».

وقال الراعي متوجّهًا لرئيس الجمهورية: «زيارتكم اليوم بارقة رجاء، لأنّ لبنان بحاجة إلى قادة على مثال القديس شربل ومار الياس يتكلمون قليلاً ويعملون بصمت، في زمنٍ يعيش فيه لبنان ارتجاجاتٍ سياسية. يقول القديس شربل لكل مسؤول: «ارجعوا إلى القرار الواضح والصريح وإلى العمل للخير العام، في ظلّ ما نشهده من حولنا».

وختم الراعي: «نشهد خلافًا حول المادة 112 من قانون الانتخابات التي عُلِّقت في الانتخابات السابقة لعدم صحّتها، واستحداثُ 6 دوائر للمغتربين مخالف للمساواة التي هي مبدأ يكفله الدستور، كما أنّ حصر المغتربين بـ6 مقاعد يتعارض مع حقّهم في التواصل مع وطنهم. وما نشهده هو عملية إقصاء للمغتربين، الذين يتطلّعون إلى المشاركة في الانتخابات المقبلة بكل حرّية، ولا بدّ من أجل حماية الحرّية من إلغاء المادة 112».