Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الديار : لبنان في المطّهر.. فهل تكفي صلوات اللبنانيين لأخذه ‏إلى الجنّة أو مصيره جهنّم؟ الحريري “مزروك” في زاوية المطالب الداخلية والخارجية.. وباسيل “عليّ وعلى أعدائي يا رب‎”‎ نفاد الإحتياطي يطرح العديد من المشاكل والمجاعة ستؤدّي إلى فلتان أمني.. قريبًا

كتبت صحيفة ” الديار ” تقول : يجد الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري نفسه في موقف لا يُحسد عليه. فالقيود والشروط الموضوعة ‏عليه اليوم أكبر من تلك التي واجهته سابقًا وأكبر من تلك التي واجهت مصطفى أديب. هذه الضغوط التي تنقسم بين ‏الداخل والخارج، تجعل هامش تحرّكه صغيرًا جدًا حتى لا نقول معدومًا في ظلّ عوامل لا يُمكن له أن يتجاهلها ‏تحت طائلة الإنتحار السياسي‎.‎
‎ ‎
داخليًا، الحريري أعطى وعودا للعديد من القوى السياسية وهذا الأمر جعل الوطني الحرّ ينتفض ويرفض ‏العروض الحريرية والتي، على عكس ما يُقال، طالت الأسماء‎.‎
‎ ‎
هذا الرفض البرتقالي مدعوم بموقف حزب الله غير المُتحمّس لتشكيل الحكومة في ظلّ عدم وضوح صورة نتائج ‏الإنتخابات الأميركية. وهو ما لا يُمكن للحريري تخطّيه نظرًا إلى الحاجة لتوقيع رئيس الجمهورية من جهة ‏والحضور الأصفر القوي من جهة أخرى‎.‎
‎ ‎
خارجيًا تلقّى الحريري صفعة قوية من قبل الدول الخليجية التي سحبت سفرائها في إشارة واضحة إلى رفض ‏المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المُتحدة لمناورات الحريري التي ستنتهي، بإعتقادها، بتعويم حزب ‏الله. وكأن هذه الرسالة لا تكفي، جاء تصريح السفيرة الأميركية البارحة ليزيد الضغوط على الحريري للتراجع ‏عن خطّوة كان سيُقدم عليها بحسب المصادر وذلك من خلال تهديد الولايات المُتحدة الأميركية بالإنسحاب من ‏لبنان ولكن أيضًا وضع سعد الحريري نفسه على لائحة العقوبات‎.‎
‎ ‎
الحريري يرى في الانسحاب من التكليف نهاية لمسيرته السياسية نظرًا إلى أن أي حكومة ستُبصر النور ستبقى ‏حتى نهاية العهد. وبالتالي، فهو يُصرّ على أن يكون رجل هذه المرحلة من خلال تعلّقه بالتكليف حتى نفاد كل ‏الخيارات‎.‎
‎ ‎
من جهته، أصبح رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل أكثر تشدّدًا في موقفه متسلّحًا بدعم رئيس الجمهورية ‏ولكن أيضًا دعم حزب الله الذي يرى أن باسيل عُوقب أميركيًا بسبب علاقته معه. وبالتالي يُشدّد باسيل على معايير ‏التكليف مُستهدفًا بذلك رئيس مجلس النواب نبيه برّي ولكن أيضًا رئيس الحزب الإشتراكي وليد جنبلاط. باسيل ‏يرى في تخصيص وزارة المال لحركة أمل ومنع وزارة الطاقة عن التيار الوطني الحرّ، إستنسابية في المعايير ‏وبالتالي يرفض أي مداورة إذا لم تكن شاملة. كما أن تسمية الوزراء المسيحيين هي أمر إستراتيجي لباسيل نظرًا ‏للقرارات المصيرية التي ستأخذها هذه الحكومة إذا أبصرت النور‎.‎
‎ ‎
باسيل الخاضع للعقوبات الأميركية، بدأ معركة تصفية الخصوم علنًا. وإذا كانت قدرته على تصفية هؤلاء تختلف ‏بحسب كل خصم، فإن البداية مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقائد الجيش جوزيف عون اللذين لا يملكان ‏أي أرضية شعبية تُدافع عنهما. فالضربة الأولى طالت سلامة مع تشدّد التيار بتنفيذ التدقيق الجنائي لحشر سلامة ‏وتحميله مسؤولية كل ما حصل على الصعيد المالي والنقدي. وإذا كان سلامة يستحصل على دعم خصوم باسيل ‏السياسيين، وهو ما فرمل عملية التدقيق، إلا أن باسيل سيُحاول في الأسابيع المقبلة مُحاصرة سلامة من عدّة أبواب ‏على رأسها الباب التشريعي ولكن أيضًا من خلال الشارع‎.‎
‎ ‎
الضربة الثانية طالت قائد الجيش من خلال رفض التمديد لمدير المخابرات وتفضيل مُقرّب من باسيل وبالتالي لجم ‏قدرة قائد الجيش المرشّح الطبيعي لرئاسة الجمهورية‎.‎
‎ ‎
الفارق الأساسي في إستراتيجية باسيل الهجومية على كل من سلامة وعون تتمثّل في أن الهجوم على عون هو من ‏داخل المؤسسة العسكرية وهو ما لا يستطيع فعله مع سلامة نظرًا للصلاحيات المُعطاة لسلامة قانونًا‎.‎
‎ ‎
أيضًا، يرى الوزير باسيل أن الفرصة سانحة للجم نفوذ الرئيس برّي في الحكومة حيث أنه يرفض بشكل قاطع ‏إعطاء وزارة المال لوزير يُسمّيه برّي. أمّا من جهة الوزير جنبلاط، فيرى باسيل أن أفضل طريقة للجم نفوذه هو ‏من خلال توزير شخص محسوب على أرسلان. إذًا الوزير باسيل، القابع تحت العقوبات، أعلنها حربا شاملة على ‏الخصوم برضى مُبطّن من قبل حزب الله وعجز كامل من قبل الرئيس الحريري وفريق 14 أذار سابقًا‎.‎
‎ ‎
من جهتها، تُغرّد القوات اللبنانية خارج السرّب مع رفضها المُشاركة في الحكومة وذلك عملا بإستراتيجية جعجع ‏الذي يُعوّل على الإنتخابات النيابية المُبكّرة لحصد عدد أكبر من النواب مُستفيدًا من تراجع التأييد الشعبي للتيار ‏الوطني الحرّ. وحتى في ظلّ تشكيل حكومة جديدة، يراهن جعجع على فشل هذه الحكومة في القيام بإصلاحات مما ‏سيزيد من حظوظ مراهنته‎.‎
‎ ‎
من جهتها تزيد الإدارة الأميركية الحالية الضغوط على لبنان بهدف الإنصياع والدخول في عملية التطبيع وذلك من ‏خلال العقوبات التي ستزيد وتيرتها مع الأيام والأسابيع المقبلة. فهذه الإدارة التي تحتاج لحكومة لإقرار الترسيم ‏الحدودي، لا تُريد أي مُمثل مباشر أو غير مباشر لحزب الله في هذه الحكومة. وهذا ما يجّعلها تستخدم الفرنسيين ‏المُتعطشين لدور في المنطقة، في لعبة العصى والجزرة‎.‎
‎ ‎
إذًا من كل ما تقدّم، نرى أن هناك شبه إستحالة لتشكيل حكومة في ظلّ الظروف الحالية ومن دون أي تغيير في ‏المعطيات الإقليمية وهو ما سيزيد من المعاناة الداخلية‎.‎
‎ ‎
الوضع الإقتصادي
‎ ‎
الفراغ الحكومي الحالي يزيد من تدهور الوضع الإقتصادي مع تركّ المسؤولية بالكامل على مصرف لبنان الذي ‏يستنزف إحتياطاته في ظّل إستمرار المضاربة على الليرة والغش الذي يُمارسه التجار والمهرّبين. عمليًا، ‏إحتياطات مصرف لبنان شارفت على النهاية والتوقّعات ألا تدوم أكثر من أواخر العام الحالي. وهذا الأمر يعني ‏تحرير سعر صرف الليرة في ظل ركود إقتصادي قاتل مما سيؤدّي حكمًا إلى عدم قدرة اللبناني الحصول على ‏قوته. على كلٍ، الأوضاع المعيشية الصعبة أصبحت تطال شريحة كبيرة من اللبنانيين وإزدادت معها علميات ‏السرقة والخطف وأخرها كان البارحة مع خطف رجل أعمال على طريق القرعون‎.‎
‎ ‎
الجشع الذي يُمارسه التجّار والصرافون سيكون موضع إستهداف الجائعين في المرحلة المُقبلة التي أصبحت ‏معالمها واضحة أي إرتفاع الأسعار بشكل جنوني وإستحالة تأمين القوت اليومي لشريحة كبيرة من اللبنانيين. هذا ‏المشهد دفع بعض السياسيين إلى طرح فكرة تسييل الذهب الموجود في لبنان، إلا أن هذا الطرح يواجه عقبات ‏كثيرة على رأسها قطوع المجلس النيابي ولكن أيضًا الرغبة الأميركية التي ستمّنع تسييله. كما أن هناك طروحات ‏أخرى مثل إستخدام الإحتياطي الإلزامي (17 مليار دولار) والذي هو عبارة عن ودائع الناس وهو ما سيواجه ‏معارضة المصرف المركزي نظرًا لطابعه المُخالف للدستور‎.‎
‎ ‎
في ظلّ هذه المعطيات، توجّه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى باريس أول من أمس في زيارة تقييمية ‏للأوضاع النقدية للمصرف المركزي على خلفية الاجتماع الموسّع الذي ضمّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ‏وفريق عمله إلى وزير الخارجية الأميركية بامبيو والذي رشح عنه تصعيد في الموقف الغربي تجاه لبنان. وتُشير ‏المعلومات إلى أن المجتمعين أرادوا الإستطلاع من حاكم المصرف المركزي سلامة على واقع الوضع المصرفي ‏والنقدي وبالتحديد نقطتين أساسيتين: الأولى الإحتياط المركزي وقدرة مصرف لبنان على تأمين المستلزمات من ‏مواد أولية وغذائية، والثانية وضع القطاع المصرفي في ظل العقوبات الأميركية. وعلمت الديار أن هناك توجّها ‏من قبل المجتمعين لتأمين الحدّ الأدنى من حاجات الشعب اللبناني في ظلّ خطّة تصعيدية للضغط على السلطة ‏السياسية لتشكيل حكومة والقيام بإصلاحات‎.‎
‎ ‎
أربعة قطاعات تحت المجهر
‎ ‎
من جهتهم يتخوّف الفرنسيون من أن إضمحلال قدرة المركزي على تأمين دولارات الإستيراد للمواد الأولية ‏والغذائية ستؤدّي إلى مجاعة حقيقية شبيهة بمجاعات لم نرى مثلها إلا في كتب التاريخ. وبالتحديد، فإن أي تصعيد ‏ستقوم به الولايات المُتحدة الأميركية، سيؤدّي حكمًا إلى ضربة كارثية على المواطن اللبناني من باب الكهرباء ‏والمحروقات والأدوية والقمح والأدوية خصوصًا إذا ما توقّف مصرف لبنان عن تأمين دولاراتها. على هذا ‏الصعيد، عبّرت بعض الدول عن إستعدادها تأمين هذه المواد شرط ضبط توزيعها وهو ما تستطيع العمّلة الرقمية ‏القيام به من خلال حصرها بفئات مُعيّنة‎.‎
‎ ‎
واقع لبنان يُمكن تشبيهه بالميّت الذي دخل المطهر وبالتالي يحتاج إلى صلوات لخروجه. فهل تكون صلوات ‏اللبنانيين كافية لدخوله الجنّة أم أن فترة المطهر ستكون قاسية وطويلة‎.‎