Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

فرضية تفجير “العنبر رقم 12” بعمل مدبر ومتقن تطغى على كل الفرضيات … تحقيق : عدنان علامه

إن من أبسط مبادئ قانون السببية هي “أن لكل سبب مسبب”. وبما أن النار لا تشتعل إلا إذا توافرت عدة عوامل مساعدة أهمها ( مواد قابلة للإشتعال + أوكسيجين + مصدر إشعال أو إشتعال). وبالتالي لمنع حدوث أي حريق يجب تلافي اجتماع هذه العناصر مع بعضها . ولكن هذا لم يحصل في “العنبر رقم 12” . فالمنطق لا يقبل بفرضية الصدفة بأن تجتمع كافة المواد القابلة للإنفجار في مكان واحد ولا نتوقع ما حصل. وهذا ما دفعني إلى البحث في النوايا الجرمية مستبعداً عمليات الإهمال والتقصير .

 

إن عناصر الخبر والتي تختصر ب (5W+H) باتت تستعمل في حل المشاكل الإدارية في المعامل والمصانع وحتى في التحقيقات الجنائية والتي تركز على عنصري ( كيف ولماذا). وتركز الصحافة الإستقصائية على هذين العنصرين أيضاً في إنجاز تحقيقاتها.

 

وقبل الخوض في التحليل أود تقديم تعريفاً مقتضباً لهذه العناصر أو الأسئلة الستة (5W+H) :

 

1- ماذا What : ماذا حدث؟ ويكشف تفاصيل الحدث.

2- من Who : من هم الأطراف المرتبطة بالحدث؟

3- متى When : متى وقع الحدث؟ ويحدد زمن وقوع الحدث

4- أين Where : أين وقع الحدث؟ ويحدد مكان وقوع الحدث

5- لماذا Why : لماذا وقع هذا الحدث؟ لتفسير أسباب وملابسات الحدث.

6- كيف How : كيف وقع الحدث؟ لبيان خلفياته

 

والسؤال البديهي الذي يطرحه الجميع لماذا دائماً نتوجه إلى نظرية المؤامرة ووجود أطراف خارجية. هذا السؤال مشروع ولكن التحقيق الشفاف يفرض حسبان كافة الإحتمالات بعين الإعتبار . فوجود مواد متفجرة وملتهبة في مكان واحد لا يمكن أن ينجم عن الصدفة أو الأهمال. بل عن عمل تخريبي متقن التخطيط والتنفيذ. ومن أعقد عمليات المخابرات العالمية الناجحة هي تنفيذ المهمة دون ترك أي بصمة أو دليل. وهذا ما حصل مع إغتيال ياسر عرفات ومحاولة إغتيال خالد مشعل في الأردن. وبالتالي كان التخطيط الدقيق لتفجير المرفأ بأن يبدو الأمر كحادث عرضي تكون نتيجة التحقيق فيه الإهمال.

 

لقد شارفنا على مرور ثلاثة أشهر ونصف على كارثة العنبر رقم 12 ولم يصدر أي تقرير رسمي عن نتائج التحقيق. فهناك إجماع من كافة الخبراء على أن إنفجار المفرقعات كان السبب الرئيسي في تفجير ما تبقى من 2750 طن من نترات الأمونيوم. وبالتالي لن استبق نتائج التحقيق في أسباب وضع كافة المواد المتفجرة والمشتعلة في نفس مخزن تجميع نترات الأمونيوم القابلة للتفجير لأنها لا تنفجر بنفسها. فهي تحتاج إلى بادئ أو صاعق أو موجة تفجيرية لتفجيرها؛ والمفرقعات عملت عمل الصاعق. وبالتالي لا بد من تركيز التحقيق الصحفي أو الجنائي على الأسباب وتحديداً عنصري لماذا؟ أو WHY وكيف؟ أي HOW

 

فعند وقوع أي عمل جرمي ويقع فيه ضحايا تقوم الجهات الأمنية بتحقيقات عاجلة. وفي حالة تفجير المرفأ فالضحية هي لبنان بكل فئاته؛ ويتركز التحقيق على الأسئلة الأساسية التالية :

 

1- هل كان للضحية أعداء؟

2- هل تلقى لبنان أية تهديدات مباشرة أو غير مباشرة؟

3- من المستفيد؟

 

وللإجابة على هذه الأسئلة آمل أن ترجعوا بذاكرتكم إلى من يعتبر لبنان عدواً ما لم يلتزم بسياستهم وبأوامرهم. ومن هي الجهة التي تعتدي دائماً على لبنان؟ ومن هي الجهات التي تساعد المعتدي وتدعمه دولياً وتستعمل الفيتو دائماً في مجلس الأمن؟ فهؤلا جميعا هم أعداء لبنان.

 

وننتقل سوياً إلى التهديدات المباشرة:

 

فقد تلقى لبنان سيلاً من التهديدات المباشرة من أمريكا والصهاينة إذا لم يلتزم وينصاع لإرادتهم. وأنقل لكم أحدث التهديدات الأمريكية والصهيونية. وسألتزم بذكر التهديدات حسب التسلسل التاريخي:

ففي الثاني والعشرين من آذار الماضي، كان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيروت، يهدّد اللبنانيين. فوضعهم بين خيارين: “إما مواجهة حزب الله، أو دفع الثمن.

 

وبتاريخ الأحد 1 أيلول/ سبتمبر 2019 المعارضة والائتلاف في إسرائيل:” سنعيد لبنان للعصر الحجري”. “حزب الله يسعى جاهداً لتنفيذ عملية على الحدود وقطعنا عليه الكثير من الطرق”.

وفي تاريخ الخميس 6 تشرين الثاني/إكتوبر 2014 ردّت اسرائيل على تهديدات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وقالت إن اغلاق مطاراتها وموانئها لن يمر من دون ردّ، وهدّدت بإعادة لبنان الى العصر الحجري اذا نفّذ حزب الله تهديداته.

 

وبتاريخ الخميس 21 تشرين الثاني 2019 قال السفير السابق في لبنان، جيفري فيلتمان، أمام الكونغرس إن امام اللبنانيين خيارين: إما الإلتزام بسياسات واشنطن، أو “الفقر الدائم أو الإزدهار المحتمل”. وسياسات واشنطن تعني أيضاً الوقوف في وجه حزب الله وإضعاف حلفائه في أي انتخابات مقبلة، وتأليف حكومة تكنوقراط.

 

هذا على الصعيد التهديد المباشر؛ وأما التهديد غير الَمباشر فكان التخطيط له بعد الإعلان عن إتخاذ لبنان مركزاًِ للشركات العالمية لإعادة إعمار سوريا التي خربتها يد الإرهاب الأمريكي. وقد أبرزت جريدة النهار قي عنوان عددها بتاريخ 5 حزيران/ يونيو , 2014 : “طريق إعادة إعمار سوريا تمرّ ببيروت والشركات الأجنبية أعدّت العدَّة للمرحلة المقبلة”.

 

وقد إخترت المقطع التالي من تفاصيل الخبر فصفقات كبرى الشركات لإعادة اعمار

 

سورية بدأت تٌبرم في الكواليس ومقر إدارة هذه العملية سيتم من لبنان. وفي هذا السياق، تضيف المصادر، إن الشركات إختارت لبنان لموقعه الجغرافي المتميز عن بلدان الجوار السوري وقربه من البحر ومرافئه العديدة والقريبة من الحدود السورية. ولمرفأ طرابلس دور مهم في إستقبال البواخر بفضل عمقه وطاقة إستيعابه بالإضافة إلى مرفأ بيروت الذي لطالما كان مركز الإنطلاق من المتوسط إلى الدول العربية وتحديداً سورية، تسهل عملية نقل مواد البناء والمعدات واليد العاملة بالإضافة إلى طرقه التي تربط الساحل اللبناني بالداخل السوري . ويضاف الى ذلك، تمتّع لبنان بكل المؤهلات والخبرات الخاصة بإعادة إعمار ما تُدمره الحروب.

 

ولكن هناك من يتربص بلبنان ومصالحه ومنشآته الحيوية الإستراتيجية ويهدده بالسر والعلن بالويل والثبور وعظائم الأمور. ونعود مجدداً إلى تهديد فيلتمان الصريح حول مرافئ لبنان الثلاثة وآمل التدقيق في كل كلمة من كلماته وخاصة إننا نتحدث عن عائدت مئات البلايين من الدولارات من مشروع إعادة إعمار سوريا وإن اللبيب من الإشارة يفهم:

 

وقد أبدى فيلتمان قلقه من توسّع الدور الروسي «العدواني» في الإقليم والمتوسط، ومن كون هذه الأخيرة تضع لبنان نصب أعينها كمكان لمواصلة دورها المتصاعد. للدلالة على وجهة نظره، سأل: «ماذا لو استغلت روسيا موانئ لبنان الثلاثة ومخزونات الهيدروكربون البحرية؟ ستفوز في شرق وجنوب المتوسط، على حسابنا». ليس هذا فحسب، فهو قلق أيضاً من تنامي النفوذ الصيني، وصعوبة مقاومة اللبنانيين تقنية الجيل الخامس الصينية، «بالنظر إلى الحالة المؤسفة لشبكة الاتصالات». يخلص إلى أن لبنان، باختصار، «مكان للمنافسة الاستراتيجية العالمية، وإذا تنازلنا عن الأرض، سيملأ الآخرون الفراغ بسعادة».

 

فأعتقد بأن هذه الإثباتات كافية كدليل إتهام لأمريكا وقادة الكيان الغاصب بالتخطيط والتنفيذ لتعطيل مرفأ بيروت وإخراجه عن الخدمة نهائياً لفرض المزيد من الضغوط على الرئيسين ميشال عون لتعاونه مع حزب الله والرئيس بشار الأسد الذي بقي شوكةً في عيون أمريكا وحلفائها بالرغم من إستقدام أمريكا المرتزقة من كافة أقطار العالم منذ حوالي 9 سنوات وإحتلال شرق الفرات ومحاولة تقسيم سوريا بالتعاون مع تركيا وفرض العقوبات الإقتصادية الجائرة وغير القانونية.

 

ومن خلال متابعتي لوسائل الإعلام وما تذيعه من أخبار رسمية حول نتائج التحقيق النهائية في قضية “إنفجار” العنبر رقم 12 فإن مذكرات التوقيف بحق كبار مسؤولي المرفأ جاءت بناء على تهم الأهمال. ولم يتم التطرق إلى النوايا الجرمية مطلقاً. وكأن هناك قوى ضاغطة تريد تجهيل الفاعل الحقيقي.

 

وبناءأ لتحليلي للوثائق والوقائع الدامغة والتي لا لبس فيها فقد توصلت إلى نتيجة مفادها بأن أمريكا نفذت تهديدها للبنان بالفقر الدائم من خلال تنفيذ تفجير “العنبر رقم 12” من خلال عملية معقدة ليبدو التفجير بأنه إنفجار عرضي؛ وبذلك حرمت لبنان من أهم مورد دخل له وتسببت بزهق مئات الأرواح وآلاف الجرحى وتدمير عشرات الآلاف من المنازل والمحلات التجارية. فما يتوجب على الدولة اللبنانية هو دفع مئات المليارات من الدولارات كتعويضات.

 

فالتفجير لم يحصل صدفة ولم يكن عرضياً. وقد حصل بعد نصف ساعة من ذهاب فريق التلحيم حسب معظم وكالات الأنباء. فمن غير المنطق جمع كميات كبيرة من المفرقعات في نفس العنبر الذي يحتوي على سوائل ومواد قابلة للإشتعال ومواد خطرة جداً قابلة للإنفجار (نترات الأمونيوم) . ولا بد من الإشارة إلى أن البيروقراطية المكتبية كان لها الدور السلبي في التخلص من المتبقي من 2750 طن من نترات الأمنيوم والتي أصبحت عبئاً كبيراً على من إستفاد منها سابقاً. فمن السذاجة جداً أن نعتقد بوضع البنزين قرب النار أن لا نتوقع إشتعاله.

وإن التأخير في صدور نتائج التحقيق النهائي في قضية المرفأ دفعني إلى الكتابة للتأكيد على أن مصلحة لبنان فوق كل إعتبار.

 

وإن غداً لناظره قريب

 

تحقيق : عدنان علامه