Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الخطيب استنكر انتهاكات العدو وآخرها تلويث الشاطئ الجنوبي: لحكومة إنقاذية إصلاحية تعيد ثقة اللبنانيين بدولتهم وثقة العالم بلبنان

وجه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب رسالة الجمعة، قال فيها:

“أتوجه بداية بالتهنئة والتبريك لكم ولجميع المؤمنين بولادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، هذه الشخصية الاستثنائية في التاريخ البشري بعد رسول الله بما تمتعت به من مواصفات، وما كان لها من مواقف وأدوار رسالية ما لم تتمتع بها أي شخصية أخرى، كاشفة عمليا عن تطابقها مع ما ورد في حديث رسول الله عن مناقبه وعن فضائله التي تميز بها عن غيره ويستحق بها عن جدارة أن يكون وبنحو موضوعي في المحل الذي وضعه الله تعالى ورسوله، في الموضع القيادي المتقدم كما هو المعيار في اصطفاء الأنبياء والرسل حيث كانت عملية الاصطفاء غير عشوائية، وإنما تخضع لمعايير موضوعية تفرضها ضرورات المهمة التي أسندت إلى الموقع الذي تسيدته وأسندت إليه الشخصية المعنية، فكما أن مهمة النبوة استدعت أن تتوافر في من اختير للقيام بمهمة تلقي الوحي والرسالة وتبليغها، وما يستدعيه ذلك من إمكانات شخصية وذهنية عالية وذكاء وقاد وفهم متميز وصفاء نفسي لا يضاهى وإخلاص لا يبارى يمكنه من مواجهة وضع غاية في الاستثنائية لا يستطيعها أي أحد آخر”.

اضاف: “ليست الحالة حالة عادية كسماع الوحي وتمييزه عن حالة الهذيان التي تصدر عن حالة نفسية مرضية وتشخيص مصدره أو أن يتمكن من مواجهة ملقيه وهو رسول الوحي الأمين جبرائيل التي هي من طبيعة ملكوتية ومن طبيعة غير بشرية مادية، فيبقى على حالته الطبيعية من الإستقرار والهدوء الذي يستلزمه من الإنصات والإستيعاب وفهم طبيعة المهمة التي عليه تحمل مسؤولية القيام بها وبلوغ أهدافها وغاياتها وما يترتب على ذلك من صعوبات وعقبات ينبغي أن يهيء نفسه لها حتى يستطيع أن يواجهها بما يناسبها، فهي مهمة تستدعي أن يكون من يحملها ذو قدرات غير عادية، أضف إلى ذلك أن طبيعة هذه المهمة وهي الرسالة التي تحملها ليست محدودة لا زمانا ولا مكانا، فهي تستوعب كل الظروف والتحولات وتستجيب لها تضع الحلول لمشكلاتها، لذلك فإن حياة الرسول حيث أنها محدودة في الزمان فلا بد من وجود من يتابع هذه المسؤولية في المتابعة ويحقق أهدافها الرسالية والإلهية”.

واشار الى ان “ما أسفرت عنه التجربة والأحداث التي خاضها علي إلى جانب رسول الله أو تلك التي انفرد بها بعد مصيبة الأمة بفقد نبيها وكشفت عن طبيعة هذه الشخصية وما تختزنه من قدرات هائلة مكنته من تخطي أعظم الأخطار التي كانت كفيلة بإنهاء هذه الرسالة لو قدر أن شخصية أخرى كلفت هذه المهمة ولم يكن لعلي دور في هذه المرحلة”.

وقال: “لقد تصرف علي بما يقتضيه حفظ الرسالة منفذا وصية رسول الله مستوعبا الظروف والموقف بحكمة ودقة عالية وبصبر لا مثيل له تنوء تحته الجبال، فلله درك يا ابن أبي طالب حيث أثبت كما ورد وصفك في زيارة أمين الله، السلام عليك يا أمين الله في أرضه وحجته على عباده السلام عليك يا أمير المؤمنين، أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده وعملت بكتابه واتبعت سنن نبيه حتى دعاك الله إلى جواره إلى آخر الزيارة، وهي زيارة معتبرة غاية الاعتبار التي ينبغي للمؤمنين المواظبة عليها”.

اضاف: “هذه المواصفات التي توافرت في شخصية أمير المؤمنين من الإستعدادات العالية التي بدت في سن مبكر فلازم رسول الله منذ أن كان صغيرا حيث اختصه رسول الله بنفسه من بين إخوته حينما ضاق أمر المعاش على أبي طالب وكان معيلا، يقول أمير المؤمنين في ذلك (وقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل، ولقد قرن الله به (صلى الله عليه وآله) من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم، ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره، ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام، غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة، ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه (صلى الله عليه وآله) فقلت يا رسول الله ما هذه الرنة، فقال هذا الشيطان قد آيس من عبادته، إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى، إلا أنك لست بنبي ولكنك لوزير، وإنك لعلى خير)”.

ورأى ان “كل ذلك كان إعدادا خاصا من الله تعالى ورسوله لمهمات الولاية التي من أعظمها حفظ الرسالة من التشويه والتحريف وتفسيرها وإيصالها سليمة عن أيدي العابثين للآتي من الأجيال ينبئ عن ذلك كل كلمة في هذه الخطبة الرائعة من خطبه سواء في التربية على يدي رسول الله أو في قربه منه ومشاركته له في أخص الخصائص من استماع الوحي أو سماعه لرنة الشيطان، وهذا يعبر عن السمو الروحي الذي أهله لأن يكون صنو رسول الله ونفسه كما عبر عنه في كتاب الله العزيز (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم و نساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)”.

وقال: “ونحن اذ ندعو الحكام والقادة وكل من يتحمل مسؤولية ويعمل في الشأن العام الى قراءة سيرة الامام علي عليه السلام الحافلة بالتضحيات والعطاءات والانجازات التي جعلته أعدل حاكم في التاريخ واعظم شخصية بعد رسول الله، فإننا نؤكد ان صلاح أمتنا واستقرار شعوبنا ورقي مجتمعاتنا رهن بعودتنا الى تعاليم ديننا التي جسدها أمير المؤمنين في حكمه وعدله ومواقفه ومحاربته للفساد والانحراف والظلم والنفاق”.

واعتبر الخطيب “ان ما يعانيه وطننا من انهيار اقتصادي وترد معيشي منشأه فساد وجشع المسؤولين الذين نهبوا المال العام واستباحوا ممتلكات الدولة وعمموا ثقافة الرشى وتقاسم الحصص والصفقات، فيما كان المواطنون اسرى الوعود الكاذبة للمسؤولين بأن لبنان سيحظى بالاف فرص العمل وبدعم خارجي وهبات وقروض ميسرة، فيما كانت عملية تحويل الاموال المنهوبة والودائع الاجنبية تحصل على قدم وساق وعلى مرأى ومسمع المؤتمنين على حفظ النقد الوطني الذي انهار بشكل كارثي”.


وقال: “وهنا، نحن نسأل من هو المسؤول عن خسارة عملتنا لقيمتها النقدية، ومن المسؤول عن عدم انجاز الإصلاحات الموعودة منذ عشرات السنين، ولماذا التباطؤ والتسويف في تشكيل حكومة انقاذية إصلاحية تجنب لبنان الانفجار الاجتماعي الذي نحذر من وقوعه بعد ان حذرنا من الوصول اليه”.

اضاف: “ونحن، اذ نكرر ونشدد على ضرورة تشكيل حكومة إنقاذية إصلاحية تكون مهمتها الأولى حفظ لبنان بشعبه واقتصاده ونقده واستقراره، وأولى مهام هذه الحكومة الانقاذية ان تعيد ثقة اللبنانيين بدولتهم فضلا عن ثقة العالم بلبنان، وما يؤسف له ان لبنان اصبح في عداد الدول الفقيرة الموسومة بالفساد اذ بات يشكل متوسط دخل الفرد اللبناني مستوى متدنيا عالميا، في حين تقلص حجم الاقتصاد اللبناني السنوي الى مستوى يبعث على القلق. وما يؤسف له ان لبنان اصبح يتسول المساعدات الدولية من صندوق النقد الدولي بدل ان تتحرك الدولة بكل أجهزتها لاستعادة المال العام المنهوب ومعاقبة المسؤولين عن الانهيار الاقتصادي والمعيشي”.

وأعلن الخطيب “اننا اذ نستنكر انتهاكات العدو الصهيوني المتكررة للسيادة الوطنية، والتي كان آخرها تلويث الشاطئ الجنوبي اللبناني، فاننا نضع هذا العدوان البيئي برسم الأمم المتحدة ونطالب الحكومة اللبنانية ووزاراتها بالتحرك السريع على المستوى الدولي والمحلي لمعالجة تداعيات هذا العدوان، ونشكر كل الجهات التي تحركت للحؤول دون تلويث الشاطئ اللبناني”.

واستنكر “بشدة الغارات الأميركية على سوريا التي تشكل انتهاكا فاضحا للسيادة السورية وعدوانا موصوفا ينافي القوانين والشرائع الدولية، ما يستدعي ادانة وشجبا دوليا له، ونحن اذ نتضامن مع سوريا الصامدة بوجه المؤامرات العالمية فإننا نؤكد ان سوريا ستبقى عصية على اعدائها”.

وختم: “سلام عليك يا أمير المؤمنين، يا من خصك الله إلى جانب العلم والشجاعة والولاية بالولادة في بيته، فكنت كنزه المعد للبشرية التي ستكشف حتما في القادم من الأيام على يد حفيدك المذخور لقيادة العالم وإنقاذه من شرور وأخطار قوى الشر والطغيان ليحقق للبشرية استقرارها وسعادتها المفقودة ويخرجها من المتاهات التي تتخبط بها”.