دعا مفتي محافظة بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي إلى “تنحية الخلافات الداخلية جانبًا وتقديم المصلحة العامة ومصلحة البلد أولًا، لأنّ ما يجمعنا أكبر مما يفرقنا، وخدمة الوطن مسؤولية مشتركة تتطلب التكاتف والتعاون”.
وقال في خطبة الجمعة: “الحمد لله الذي فضّل مواسم الطاعات، واختار من الأيام أفضلها وأعلاها درجات، فجعل عشر ذي الحجة من أعظم الأيام وأحبها إليه، وجعل فيها من الخيرات ما لا يُحصى، ومن البركات ما لا يُستقصى، فطوبى لمن أحسن استقبالها، واغتنم أنفاسها، وتعرض لنفحاتها”.
وأشار إلى أن “أيام العشر هي خير أيام الدنيا، والعمل الصالح فيها أعظم عند الله من الجهاد في سبيله، هي أيام اصطفاها الله لعباده المؤمنين، ويكثفوا من الذكر والدعاء، ويجتهدوا في التوبة والرجوع إلى الله”.
وتابع: “علينا كثرة التكبير والتهليل والتحميد، والصيام خاصة يوم عرفة، والقيام والصدقة، وصلة الأرحام، وبر الوالدين، ومساعدة المحتاجين، فكل عمل فيها مضاعف الأجر. يوم عرفة، ذلك اليوم المشهود، يوم الرحمة والمغفرة، يوم يباهي الله فيه الملائكة بأهل عرفات، ويُعتق فيه العباد من النار، فكيف بمن صامه محتسبًا؟ له أجر تكفير سنتين”.
ورأى أن “هذا الحج مختلف؛ يقف الحجاج على عرفات متجردين من زينة الدنيا، ويقف أهل غزة على أرضهم بعدما جُرّدوا من كل شيء. الحجاج مفطرون، وأهل غزة صائمون عن غير إرادة. الحجاج يطلبون الرحمة، وأهل غزة يشكون مرارة الخذلان”.
وأضاف: “تقبل الله حجكم يا أهل غزة الكرامة! أحرَمتم بالشهادة، ولبستم الأكفان قبل الإحرام. تمتعتم بالصبر قبل التمتع بالحج، وطفتم حول الدمار لا الكعبة. تقربتم بأرواحكم لا بأضحيتكم، ورجمتم المعتدين لا الشيطان”.
وأردف: “كما نُجدد إدانتنا للاعتداءات الصهيونية المتواصلة في الجنوب خاصة، والصمت العالمي كما هو، ولا حول ولا قوة إلا بالله”.
وقال: “كأنّما العيد وقفة مع النفس لا تقل قداسة عن وقفة الحجيج في عرفات. إنه اجتماع على المعنى، وتذكير بأن الأعياد الحقيقية للأمم إنما تُصنع حين تنتصر المبادئ وتُستعاد الكرامات، لا حين تمتلئ البطون وتُنسى القضايا”.
واعتبر أن “عيد الأضحى يحمل في طياته معنى الثورة والتجديد، فذبح الكبش رمز لذبح النفس الأمارة بالسوء، ورمز آخر لضرورة ذبح الذلّ والهوان من قلوب الشعوب… الأضاحي التي تُقدَّم في العيد ليست مجرد شعيرة، بل تذكير بأن أعظم القربات هي ما يُقدَّم في سبيل الحق والحرية والكرامة. الأمة التي تتعلم أن تقدم أغلى ما تملك – أرواحها، أمنها، راحتها – فداءً لدينها ومقدساتها، هي الأمة التي تستحق أن يكون لها عيد”.
وختم الرفاعي: “يُستحب في هذه الأيام الإكثار من الذكر والدعاء، وخاصة التكبير. ونُذكّر أن صلاة العيد ستكون جامعة في المسجد الأموي الكبير الساعة 6:15 صباحاً، وهي سنة مؤكدة”.
