Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الرفاعي: الوطن لا يُبنى بالخصومات ولا بالشعارات الحادّة

أكد مفتي محافظة بعلبك الهرمل الشيخ الدكتور بكر الرفاعي في خطبة الجمعة، أن “رحمة الله إذا نزلت على القلب صنعت فيه ما لا تصنعه الدنيا كلها؛ فهي التي تلمّ شعث الروح وتجمع ما تفرّق من المعاني. يقول الله تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾، ومن لمس آثار هذه الرحمة أدرك أنّ الله لا يترك عبده في ظلمةٍ مهما طال الليل أو اشتدّ البلاء”.

وتابع: “إذا تأمّل المؤمن مواقف حياته رأى أن أبواب النجاة التي فُتحت له لم تُفتح بقوّته ولا بتدبيره، بل برحمةٍ سبقت خطواته وأعانته قبل أن يسأل. ولذلك قال النبي ﷺ: «لَنْ يُنْجِيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ»، لأن النجاة ليست حصاد الأعمال وحدها، بل نفحةٌ من رحمة الله تتدارك العبد حين يوشك على السقوط”.

وأضاف: “ما أرحم ربًّا يقول لعبده: «يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ». إن رحمةً بهذا الاتساع لا يُحرم منها إلا قلب أغلق أبوابه، وابتعد عن نور التوبة الذي يُحيي النفوس بعد مواتها”… قال ﷺ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ»؛ فمن فتح للناس باب رحمة، فتح الله له أبوابًا من فيضه الواسع. وإذا رقّ قلبك لألم إنسان، فاعلم أن الله هو الذي ألقى تلك الرحمة في صدرك ليختبر بها صدقك، ويرفع بها درجتك”.

وأردف: “إذا نزل المطر على الأرض، فهو شاهدٌ من شواهد رحمة الله، يحيي به ما مات، ويُخرج به ما ظنّه الناس قد انتهى. وهكذا قلوب المؤمنين: إذا نزلت عليها رحمة الله عادت لها الحياة وتجدد فيها الأمل، واشتعل فيها النور الذي يهديها إلى سواء السبيل”.

واشار إلى أن “بعلبك، المدينة السياحية العريقة، تغيب الكهرباء عن البيوت لمدد طويلة، بينما تُستَخدم أراضيها لمنشآت تنتج الكهرباء لمناطق أخرى. هذا الظلم المزدوج يترك في النفوس مرارة، ويُضعف الثقة بالدولة، ولا سيّما حين يتصرّف بعض المسؤولين وكأنّ معاناة الناس تفصيل يمكن تجاهله. إنّ الدولة التي لا تعطي أبناء بعلبك حقّهم الطبيعي في أبسط الخدمات، تفتح باب اليأس وتغلق باب الثقة”.

وقال: “لا يغيب عنّا بطش العدو وانتهاكاته اليومية في الضفة وغزة ولبنان. عدوّ لا يحترم عهدًا ولا يلتزم مواثيقًا، يعتدي، يهدم، يقتل، ويستبيح الأرض والإنسان بلا رادع. إنه نموذج حيّ لانهيار الأخلاق السياسية، وسقوط الاتفاقات الدولية إذا غاب ميزان القوة والحق”.

ولفت إلى أن”في الداخل اللبناني، يُصرّ بعض الأطراف على التفتيش عن الخلافات وإثارة الفتن، وصناعة الانقسام بدل البحث عن المشترَك. والوطن لا يُبنى بالخصومات ولا بالشعارات الحادّة، بل بالتفاهم والحكمة. إنّ المشترَك هو الذي يرفع الأوطان، أمّا النزاعات فتهدم ما تعجز عنه الحروب”.

واعتبر أن “قوانين الانتخاب المطروحة اليوم فإنها — بدل أن تعالج الجرح — تزيد الطين بلّة، وتعمّق الانقسام. ولدينا اتفاق الطائف الذي ارتضاه اللبنانيون صيغةً للخروج من الحرب؛ فإذا أحسنّا تطبيقه وحافظنا على روحه، استعدنا للدولة توازنها وللمجتمع استقراره”.

وختم المفتي الرفاعي مباركا للشعب السوري “الذكرى السنوية الأولى لتحرّره من الاستبداد، ونبارك رفع العقوبات الجائرة، وعلى رأسها قانون قيصر، سائلين الله تعالى أن يُعيد على الشام وأهلها الأمن والعافية والطمأنينة، وأن يجعل مستقبل بلادهم وبلادنا خيرًا وبركة”.