Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

تناقض في إفادات الموقوفين بشأن الساعات الأخيرة قبل التفجير

رسمت التحقيقات مع عدد من الموقوفين دقائق ما حصل نهار الرابع من آب. استمع المحققون إلى إفادة جميع المسؤولين عن أعمال الصيانة في العنبر الرقم ١٢ والمشرفين المكلّفين بالمتابعة. أظهرت الإفادات تناقضاً بشأن تفاصيل عديدة. ولعلّ أبرزها مسألة إكمال عمّال الحدادة التلحيم، رغم طلب رئيس عنبر المواد المشتعلة مغادرتهم. كما بدا ثابتاً أنّ دخان الحريق ظهر بعد نحو ساعة على مغادرة العمّال. وهنا تكمن القطبة المخفية!

أثناء التحقيق مع مدير العمليات في مرفأ بيروت سامر رعد، ذكر أنّه علِم بوجود نيترات الأمونيوم من رئيس مصلحة البضائع في المرفأ مصطفى فرشوخ. وقال إنّه لم يكلّف أحداً منذ عام ٢٠١٧ ليكون مسؤولاً مباشراً عن العنبر الرقم ١٢ المعروف بعنبر المواد الخطرة كونه لا حاجة إلى ذلك بسبب عدم وجود أعمال بداخله. كما أشار إلى أنّه لم يقدم على مراسلة أمن المرفأ لإعلامهم بوجود أسمدة كيماوية داخل العنبر ١٢ كونها مادة قابلة للاشتعال ولا تؤدي إلى حصول انفجار بحسب علمه. وروى رعد أنّه علم منذ حوالى شهر ونصف شهر (أي قبل التفجير) من أمن الدولة بوجود ثغرة في العنبر الرقم ١٢، لذلك قام بتنظيم كتاب إلى إدارة الصيانة، وقبل أربعة أيام وصلت موافقة من إدارة المشاريع على تصليح العطل داخل العنبر. وكشف عن تعيين المهندسة نايلا الحاج للإشراف على الصيانة وكُلّف سليم شبلي القيام بأعمال الصيانة. في هذه الأثناء، كلّف فرشوخ المدعو وجدي القرقفي مسؤول العنبر الرقم ١٣ للإشراف على الأعمال التي حصلت في العنبر الرقم ١٢ ابتداءً من ٣٠ تموز والثالث والرابع من آب، مع علمه بمحتوبات العنبر وخطورتها.

وأفاد رعد بأنّه أوعز إلى فرشوخ بصيانة أبواب العنبر من الخارج وإعادتها إلى مكانها بعد رفض طلب سليم شبلي إزاحة الأسمدة الكيميائية من مكانها. ولم يُنبّه فرشوخ شبلي وعماله لتوخي الحذر من المواد الخطرة، موضحاً أنّ أعمال الصيانة التي حصلت هي «تسكير وتلييس» فجوة حائط وصيانة ثلاثة أبواب وتلحيم «دلّاية» على الباب الرئيسي لوضع قفل رصاصي جديد بعد موافقة إدارة المرفأ خشية من السرقات، علماً بأنّ لكل عنبر ما بين ١٠ أبواب و12 باباً. وكل باب عليه قفلان، الأول يحتفظ بمفتاحه الجمارك والثاني إدارة عمليات المرفأ حيث توضع المفاتيح لدى حرس المرفأ والمسؤول عنهم هو زياد العوف. وذكر رعد أنّه التقى المهندسة نايلة الحاج داخل مكتب رئيس المشاريع ميشال نحول حيث أعلمته أنّ الأعمال انتهت في العنبر الرقم ١٢، مشيراً إلى أنّ عقارب الساعة كانت تشير إلى الرابعة إلا ربعاً قبل أن تغادر عند الساعة الرابعة وعشر دقائق. وأكد رعد أنّ العنبر ليس مزوّداً بمطافئ حسّاسة تعمل آلياً عند الحريق، إنما هناك مطافئ يدوية معلّقة على الحائط.

أما رئيس مصلحة البضائع في المرفأ مصطفى فرشوخ، الموظف منذ عام ١٩٩٦، فقال إنّه مسؤول عن جميع العنابر، ومن ضمنها العنبر الرقم ١٢ المخصص للمحروقات ومشتقاتها (زيوت آليات وتينر ومواد دهان)، كاشفاً أنّ عمله إداري يتعلق بالتعامل مع الوكيل البحري لجهة تأمين خدمات للباخرة والعنبر المخصص لإدخال البضائع. وقال فرشوخ إنّ كلاً من حسان عانوتي وجورج ضاهر كانا مكلفين سابقاً بصفة رئيسَي العنبر الرقم ١٢، أي أنهما مسؤولان عن معرفة ما يتم إدخاله وإخراجه. غير أنّ حسان توفي عام ٢٠١٠ فيما نُقل جورج من مركز عمله عام ٢٠١٢. وبحسب فرشوخ، تسبّب النقص في الموظفين بإقفال العنبر بشكل نهائي وسُلّم مفتاح إلى حرس المرفأ ومفتاح آخر إلى عنصر في الجمارك، وبقي مقفلاً لغاية عام ٢٠١٤. عامذاك، يضيف فرشوخ، ورد كتاب من وزارة النقل عبر رئيس الميناء محمد المولى يطلب فيه تأمين عنبر لتفريغ حمولة الباخرة «روسوس»، وهي عبارة عن ٢٧٥٠ طناً من الأسمدة الكيماوية (نيترات الأمونيوم)، وذلك بموجب قرار قضائي عيّن المولى حارساً قضائياً على المواد. وتقرر إفراغ البضاعة في هذا العنبر لكون الباخرة موجودة أمام الرصيف ٩ المقابل للعنبر ١٢ ذي المساحة الكبيرة. وتقرر ذلك بناءً على اقتراح رفعه المولى إلى المديرية العامة للمرفأ التي ردّت بالموافقة.

واللافت أنّ فرشوخ أفاد بأنّه سبق أن صدر قرار عن إدارة الجمارك، كونها صاحبة الصلاحية، بتلف جميع البضاعة الموجودة داخل العنابر. وبدأت منذ نحو سنة ونصف سنة بعملية التلف حيث أنهوا تلف محتويات العنبرين الرقم ١٣ و ١٥، مشيراً ألى أنّه كان سيتم تلف البضاعة القديمة الموجودة بداخل العنبر الرقم ١٢ تباعاً.

وقبل أربعة أسابيع، ورد أمر قضائي صادر عن النيابة العامة التمييزية يقضي بتنفيذ عدة أمور وهي: صيانة وتصليح أبواب العنبر الرقم ١٢ وصيانة الفجوات في جدرانه وتعيين شخص وتكليفه ليصبح رئيساً للعنبر ومسؤولاً عن زيادة الرقابة على العنبر وتكليف دوريات من مصلحة الأمن والسلامة بمراقبته كونه يحتوي مواد خطرة. وبناء على هذا الكتاب، عُيّن وجدي القرقفي (رئيس العنبر ١٣) مسؤولاً عن العنبر الرقم ١٢. وطبقاً لإفادة فرشوخ، حضر المتعهد سليم شبلي قبل نحو شهر من الانفجار، يرافقه مندوب إدارة المشاريع، لإجراء كشف على العنبر. ولدى سؤالهم له عمّا إذا كان يحتوي على المواد الكيماوية، رد بالإيجاب وطلب منهم الانتباه أثناء تنفيذ أعمال الصيانة. وأشار إلى أنّ عمّال الصيانة أنهوا الأعمال في غضون ثلاثة أيام (٣٠ تموز و٣ و٤ آب). وروى فرشوخ للمحققين أنّه علم من قرقفي بأنّ العمال حاولوا فتح الباب الأساسي للعنبر بعد إحضار المفتاحين الموجودين لدى الجمارك وحرس المرفأ، إلا أنهما لم يفتحا لوجود صدأ فتم قطع القفل. وبخلاف رعد، قال فرشوخ إنّ العنابر مجهّزه بأجهزة لإطفاء الحرائق، إلا أنّه لم يسبق أن تم تدريب الموظفين على أي خطة لاتباعها في حال حصول حريق.

أحد عمال المرفأ عماد التركماني روى أنّه شاهد العمّال الثلاثة يهمّون بالمغادرة عند الساعة الرابعة والنصف، لكن لم يلفت انتباهه وجود أي أصوات أو دخان أو نيران أو ما يُثير القلق.

 

إدارة المرفأ تزعم أنها حذّرت المتعهّد بشأن خطورة محتويات العنبر، والأخير ينفي

 

سليم شبلي وهو صاحب شركة شبلي للتعهدات والصيانة التي لُزّمت أعمال الكهرباء والصيانة داخل المرفأ، أفاد بأنّ مدير المشاريع في المرفأ ميشال نحّول طلب منه تقديم عرض أسعار لصيانة العنبر الرقم ١٢ لتجليس ثلاثة أبواب وتسكير فتحات داخله، ليُحدد السعر بـ ٦ ملايين ليرة. وقال شبلي إنه ربح المناقصة ليبدأ التنسيق مع جوني جرجس ونايلة الحاج (من إدارة المشاريع)، كاشفاً أنّ الأخيرة أبلغته أنّه لا يمكنه بدء العمل إلا بحضور عناصر من الجمارك والأمن العام وإدارة المشاريع في المرفأ. روى شبلي أنه بتاريخ 30 تموز، توجه العاملون في مؤسسته، رائد الأحمد وخضر الأحمد وأحمد الرجب، إلى المرفأ لمباشرة العمل، ففوجئوا بوجود مستوعب على مدخل العنبر حيث طلبوا من الجمارك إبعاده. كان الباب مقفلاً من الداخل والمفتاح في حوزة الجمارك. وبحسب شبلي، لم يجرؤ أحد في البداية على دخول العنبر، إلا أن أحد العمال، رائد الأحمد، دخل من مدخل خلفي وفتح الباب من الداخل بعدما تم تزويده بآلة قطع كبيرة لاستخدامها بقطع القفل. وقال شبلي إنّه سأل المهندسة عن ماهية الأكياس الموجود داخل العنبر، فأخبرته بأنّها أسمدة زراعية. وذكر أنّ العمال عمدوا إلى تجليس الباب بواسطة «سكتريك»، مشيراً إلى أنّه طوال فترة القيام بالأعمال كان عناصر من الجمارك والأمن العام والمشاريع حاضرين. وفي الثالث من آب أبلغه العمال أنّهم «جلّسوا» الأبواب الأخرى وأقفلوا الفتحات في حيطان العنبر باستخدام الباطون.

 

المسؤول عن الإشراف على صيانة العنبر: طلبتُ من الحدادين ألا يعملوا يوم 4 آب!

 

وبتاريخ ٤ آب، لم يتوجه إلى المرفأ، إنما أبلغه العمال أنّهم أنهوا إصلاح باقي حيطان العنبر كما طلبت منهم المهندسة نايلة زيادة «دلاية» على الباب الرئيسي. وأخبروه أنّهم غادروا العنبر الرقم ١٢ عند الساعة الثالثة إلا ربعاً ليتوجهوا إلى المدخل الرقم ١٤ لإنجاز أعمال طلبتها منهم المهندسة. وقال إنه بتمام الساعة الثالثة، ورده اتصال من المهندسة الحاج أعلمته فيه بانتهاء الأعمال، على أن يتم تشكيل لجنة تسلّم في اليوم التالي. وأكد شبلي أنه لم يكن يعلم بماهية الموجودات في العنبر طوال فترة الأعمال، مشيراً إلى أنّ كل أعمال الصيانة تمّت من الخارج. ونفى ما ورد في إفادة مصطفى فرشوخ ونايلة الحاج أنهما أعلماه بأنّ العنبر يحتوي على مواد كيميائية متفجرة وشديدة الخطورة أو طلبهما منه توخي الحذر أثناء قيامه بأعمال الصيانة، قائلاً إنه لو علم بهذا الأمر لكان رفض القيام بالأعمال.

وفي المسار نفسه أكمل عامل الصيانة رائد الأحمد الرواية. فكرر ما رواه شبلي مؤكداً أنّ أحداً لم يحذّره من خطورة محتويات العنبر وأنّه لم يكن يعلم محتواها، وأنّه تولى أعمال «توريق» الفجوات، بينما قام زميلاه خضر الأحمد وأحمد الرجب باستكمال أعمال الصيانة للباب وتصليح باب آخر. وقال إنهم أنهوا الأعمال في العنبر بتمام الساعة الرابعة والربع، لينتقلوا إلى مكان آخر، مؤكداً أنهم غادروا المرفأ عند الساعة الخامسة.

من جهته، قال خضر الأحمد إنّهم بتاريخ ٣ آب باشروا أعمال الصيانة من دون حضور أحد من الأمنيين، ليغادروا ويعودوا في اليوم التالي. يروي أنّهم استكملوا أعمال الصيانة في ٤ آب حيث حضرت المهندسة لتطّلع على سير الأعمال، حيث أبدت موافقتها الأولية مع بعض الملاحظات. وأشار إلى أنّ وجدي قرقفي حضر ليقفل الباب الرئيسي بتمام الثانية والنصف، لينتقلوا بعدها إلى صيانة باب مواجه للبحر. وبحسب الأحمد، فإن آخر عملية تلحيم في العنبر الرقم 12 قاموا بها كانت عند الساعة الرابعة، لينتقلوا عند الساعة الرابعة والنصف إلى مكان آخر لصيانته قبل أن يغادروا المرفأ بتمام الخامسة.

إفادة الحداد الثالث أحمد الرجب جاءت مطابقة لإفادة العاملين الآخرين لجهة التوقيت وطبيعة أعمال الصيانة التي أجروها. وجزم بأنه لم يحدث أي حريق طوال فترة عملهم وقد أجروا التلحيم من الخارج من دون فتح الأبواب التي بقيت موصدة.

أما المهندسة نايلة الحاج فأكدت أنها أعلمت المتعهد شبلي بأنّ المواد الموجودة في العنبر خطرة وشديدة الاشتعال، لتعيد سرد تفاصيل عمل العمال التي جاءت مطابقة تقريباً لما تقدموا به.

وجدي القرقفي، موظف في إدارة المرفأ منذ ما يزيد عن ٢٠ عاماً ويتولى رئاسة العنبر الرقم ١٣ قبل أن يكلفه رئيس المصلحة فرشوخ بالإشراف على أعمال الصيانة التي ستجرى في العنبر الرقم ١٢ لجهة فتح الأبواب وإقفالها والبقاء مع العمال. غير أنّ ما برز لافتاً في إفادته قوله إنه تلقى اتصالاً عند الساعة الثانية والنصف من أحد العمال الذي طلب ملاقاته عند العنبر. يذكر القرقفي أنّ عنصراً في الجمارك رافقه، حيث تبين أنهم أنهوا تصليح الباب من جهة الإهراءات، ليبلغوه عن نيتهم المباشرة بقص أقفال باب في العنبر نفسه لجهة الرصيف البحري، إلا أنّ قرقفي طلب منه تأجيل ذلك لليوم التالي لأخذ الإذن من الإدارة. وطلب منهم المغادرة والعودة في صباح اليوم التالي، قبل أن يغادر عند الساعة الثالثة إلا ثُلثاً. غير أنّ العمال تابعوا عملهم بالتلحيم حتى الساعة الرابعة والربع في العنبر الرقم ١٢.

ولدى الاستماع إلى إفادة مدير المشاريع ميشال نحول، تحدث عن ورود كتاب من أمن الدولة بناءً على إشارة النائب العام التمييزي لجهة التحرك بصورة فورية وعاجلة جداً كون العنبر يحتوي على مواد خطرة تُستخدم في صناعة المتفجرات. وأشار نحول إلى أنّه أبلغ المهندسة الحاج بضرورة إبلاغ المتعهد وتنبيهه بشأن خطورة المواد، لافتاً إلى أنّه أُعلم بأنّه تم تنبيهه. وذكر أنّ المهندسة الحاج أبلغته يوم ٤ آب أنها طلبت من قرقفي أن يفتح أحد أبواب العنبر لإجراء الصيانة الأخيرة، إلا أنّه رفض بسبب انتهاء الدوام، كاشفاً أنّها أبلغته أنّ العمال قاموا بصيانة هذا الباب من الجهة الخارجية.

كذلك استمع المحققون إلى إفادة جورج ضاهر الذي يعمل في المرفأ منذ عام ١٩٧٤ قبل أن يتقاعد في عام ٢٠١٨، علماً بأنّه كان مكلفاً رئاسة العنبر الرقم ١٢ المعروف بعنبر المحروقات، قبل أن يُنقل في عام ٢٠١٢ إلي العنبر الرقم ١٤. وذكر ضاهر أنّه في داخل هذا العنبر يتم وضع مواد قابلة للاشتعال من دهان وزيت وتينر ونفط. وقال إنه لم يعد يتذكّر وزن كمية المفرقعات التي كانت موضوعة في العنبر منذ مدة طويلة، كاشفاً وجود قرار تلف صادر من الجمارك، لكنه لم يعرف سبب عدم تلفها، محمّلاً الجمارك مسؤولية ذلك.