Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

النهار: حرب الرئاستين تشعل آخر المراكب

كتبت صحيفة “النهار” تقول: لم يكن مستغرباً ولا مستبعداً ان تؤول مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى مصير مماثل للمبادرة الفرنسية، أي الإخفاق في اختراق جدار تعطيل تأليف الحكومة الجديدة، بعدما تصاعدت بسرعة معالم “القنص” المبكر عليها من فريق العهد وتياره السياسي عبر طرح استباقي إجهاضي شعاره إقامة طاولة حوار في بعبدا. بيد أن الامر المفاجئ وغير المتوقع تمثل في السرعة الخاطفة التي طبعت اشتعال #حرب الرئاستين بين بعبدا وبيت الوسط، وتفجّرها في مستويات غير مسبوقة تنذر هذه المرة، باشعال آخر المراكب بين الرئاستين والإطباق النهائي على كل محاولات احياء المبادرات والوساطات في ظل تحول الصراع السياسي المديد على الازمة الحكومية الى مبعث عداوة شخصية وسياسية في آن واحد.


ما جرى في الاشتعال الواسع في الساعات الأخيرة على جبهة رئاسة الجمهورية و”التيار الوطني الحر” من جهة و”تيار المستقبل” في جهة مقابلة، تجاوز آخر الخيوط الواهنة من الامال المتبقية على مبادرة الرئيس بري او على معطيات أخرى غير مرئية كان بعض الأوساط لا يزال يعتقد بإمكان تعويم محاولة تاليف الحكومة في ظلها خصوصا انها تتصل بالخشية المتعاظمة لدى دول عدة عربية وغربية من تسارع وتيرة الانهيارات اللبنانية في وقت وشيك وقيام هذه الدول بضغوط استثنائية لتأليف الحكومة التي ينتظرها المجتمع الدولي. لكن كل هذا إنهار بدوره بأسرع مما توقع معظم المعنيين، ولم يفسح الاحتدام الناري بين العهد وتياره من جهة، والرئيس المكلف سعد الحريري وتياره ورؤساء الوزراء السابقين من جهة أخرى، امام استنفاد ما تبقى من مهلة حددها الرئيس بري في نهاية الأسبوع الحالي لبت مصير مبادرته بعدما ثبت بما لا يقبل جدلاً ان رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل تعمد مساء الثلثاء الفائت اطلاق طرح استفزازي لبري اكثر منه للحريري في التلويح بطرح عقد طاولة حوار في بعبدا قبل ان يتبلغ منه بري بصراحة ووضوح موقفه من مبادرته.


عند هذا المستوى من تصاعد التوتر والاحتقان السياسي بين الطرفين، بدا من الصعوبة تجاهل خطورة الانفجار الذي تفاعلت فصوله امس عبر سجالات بالغة الحدة والعنف عكست ما يخشى ان يشكل تثبيتاً لاستحالة نجاح أي محاولة جديدة للتعايش السياسي الإكراهي بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري في تجربة الحكومة الموعودة خصوصا ان أي تفصيل كبير او صغير في مواقف العهد سيمر حكما بالنائب باسيل. وفي ضوء الانطباعات الموغلة في التشاؤم حيال أي امكان لردم الدمار السياسي الناشئ عن الازمة الحكومية، لم تر الأوساط المعنية والمواكبة للتطورات السلبية المتعاقبة أي امكان لترجمة ما طرحه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعد زيارته امس لقصر بعبدا من تشكيل حكومة اقطاب مصغرة على غرار تجربة الحكومة الرباعية في عهد الرئيس فؤاد شهاب، نظرا الى جملة عقبات جوهرية ابرزها استحالة التوافق الداخلي على حكومة كهذه والصدى السلبي لاعادة تشكيل حكومة ذات طابع سياسي مفرط لدى المجتمع الدولي الذي يشترط حكومة إصلاحية من المستقلين لمد لبنان بالدعم، ناهيك عن الاختلاف الجذري بين العهد الشهابي ورجالاته وأقطاب تلك الحقبة ومستوياتهم المميزة عن العهد والحقبة الحاليين بما لا تجوز معه ابدا أي مقارنة لئلا يقال اكثر.


اشتعال السجالات
اما مجريات اشتعال حرب السجالات غير المسبوقة بعنفها فكانت بلغت ذروتها بإصدار رئاسة الجمهورية بيانا ناريا ردت فيه على البيان الذي أصدره “تيار المستقبل” اول من امس واتهمته “باستعمال عبارات وتوصيفات تدل على المستوى المتدني الذي وصلت اليه ادبيات القيمين على هذا التيار وسوق الاضاليل والتعابير الوقحة ” كما اتهمت الرئيس المكلف سعد الحريري “بالاستمرار في الهروب من تحمل مسؤولياته في تأليف حكومة متوازنة وميثاقية تراعي الاختصاص والكفاءة وتحقق المشاركة، مما يشكل امعانا في انتهاك الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وينم عن رغبة واضحة ومتعمدة في تعطيل عملية تشكيل الحكومة”.


وأضافت “يصر الرئيس المكلف على محاولة الاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية وحقه الطبيعي في احترام الدستور من خلال اللجوء الى ممارسات تضرب الاعراف والأصول، وابتداع قواعد جديدة في تشكيل الحكومة منتهكا صراحة التوازن الوطني الذي قام عليه لبنان “.


وعلى الفور رد “تيار المستقبل” على بعبدا ، فاعتبر ان “من يستولي على صلاحيات رئيس الجمهورية يا فخامة الرئيس، هو من يتاجر بها ويضعها في البازار السياسي للبيع والشراء بها، ويستدرج العروض بشأنها، كما هو حاصل من خلال احتجاز التوقيع على تشكيل الحكومة كرمى لعيون الصهر”، آسفا “أن يصبح موقع الرئاسة ممسوكاً من قبل حفنة مستشارين، يتناوبون على كسر هيبة الرئاسة وتلغيمها بأفكار واقتراحات وبيانات لا تستوي مع الدور الوطني المولج بها”، وداعيا رئيس الجمهورية الى العودة الى الدستور وتجنيب اللبنانيين “كأس جهنم”.


اما “التيار الوطني الحر”، فقال ان “استخدام تيار المستقبل لغة الشتائم المستفزة لن ينحدر بنا الى هذا المستوى، بل سنكرر الدعوة الى تعاون الجميع من أجل كل اللبنانيين الذين تشد الازمة خناقها على اعناقهم”. وأضاف “إننا من موقع الشعور بالمسؤولية، نحضّ تيار “المستقبل” على العودة إلى لغة العقل والمنطق والكف عن العراضات الكلامية لمواجهة التحديات الضاغطة على اللبنانيين”.


موقف الراعي
اما زيارة البطريرك الراعي لقصر بعبدا امس فبرز من خلالها إفصاحه علناً عن استيائه من بيان “تيار المستقبل” اذ اعرب عن “استهجانه للاهانات التي توجه نحو الآخر واعتمادها لغة في التخاطب، وانتهاك الكرامة التي تعطّل ولا تساعد في الحل … فهذا امر غير مقبول بأي شكل من الاشكال، وهو من خارج ثقافتنا اللبنانية. لذلك، نحن مجروحون”. وحين سئل اذا كان يقصد بيان تيار “المستقبل” أجاب: “طبعاً”.


ودعا الراعي الى قيام حكومة اقطاب.وشدد على انه ليس من شأنه تسمية الوزراء والمناصب التي سيتولونها، وانه يسعى لحصول اللقاء بين الرئيس عون والرئيس المكلف سعد الحريري، معتبراً انه من الواجب الوطني والضميري ان يلتقيا لتشكيل الحكومة، دون الحاجة الى طاولة حوار موسعة.


وقيل ان موعد الراعي في بعبدا كان بهدف اطلاع عون على زيارته للفاتيكان والتحضيرات للقاء رؤساء الطوائف المسيحية اللبنانية مع البابا ولكن أجواء التوتر السياسي الكبير طغت على لقاء عون والراعي الذي بدا مستاء ومنزعجا من السجالات الحاصلة وانعكاسها على الجهود المبذولة لتذليل تعقيدات تاليف الحكومة وسيجري الراعي إتصالات بالرئيس بري .