Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

التأليف يتحرك بمبادرة حريرية.. وأديب ينتظر ردّ «الثنائية الشيعيّة»

كَسر الرئيس سعد الحريري، بمبادرته الحكومية، جمود التأليف والتقابل السياسي الذي كاد ان يطيح المبادرة الفرنسية، فيما كانت التقديرات والمؤشرات تفيد انّ الاستحقاق الحكومي رُحِّل إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، فأحيَت المبادرة الحريرية المستجدة المبادرة الفرنسية المتعثرة، كذلك أحيَت الآمال بعودة الزخم على خط التأليف على رغم مسارعة رؤساء الحكومات إلى اعتبار هذه المبادرة «شخصية»، لأنّ الكلمة الفصل في نهاية المطاف هي للحريري في اعتباره يترأس تكتل «المستقبل» النيابي.

وقد كان لبيان الحريري مساء أمس وَقع المفاجأة لأنه كان غير متوقّع إطلاقاً، علماً انّ حسابات الجميع كانت تميل إلى التأقلم مع الوضع الجديد، وتنتظر اعتذار الرئيس المكلف وسحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مبادرته، والاستعداد للأسوأ الذي وصفه رئيس الجمهورية ميشال عون بـ«جهنّم»، إلّا أنّ الحريري أعاد خلط الأوراق السياسية واضعاً الكرة في ملعب «الثنائي الشيعي» الذي توجهت الأنظار إليه لمعرفة ما إذا كان سيلتقط مبادرة الحريري التي سلّمت بأحد مطالبه الأساسية، وهو إبقاء وزارة المال للطائفة الشيعية، ولو استتبعها بجملة «لمرة واحدة وأخيرة»، داعياً الرئيس المكلف إلى أن «يختاره هو شأنه شأن سائر الوزراء».

وليلاً، صدر بيان لوزارة الخارجية الفرنسية قالت فيه إنها «تأسف لعدم وفاء المسؤولين اللبنانيين إلى حدّ الآن بالتعهّدات التي قطعوها في الأول من أيلول» للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته إلى لبنان بتشكيل الحكومة في غضون أسبوعين.

وتابع البيان: «ندعو إلى التوصّل بدون تأخير لإتّفاق على تشكيل مصطفى أديب حكومة مهمّةٍ تطبّق الإصلاحات اللازمة».

فالثنائي الشيعي كان قد حدّد مطالبه باثنين: الاحتفاظ بوزارة المال، وتسمية الوزراء الشيعة. وفي الوقت الذي كان قد تقاطع رئيس الجمهورية مع الثنائي لجهة حق الكتل النيابية بتسمية الوزراء، وتعارض معه بمبدأ تخصيص وزارات لطوائف ربطاً بالدستور الذي لا ينص على شيء من هذا القبيل، جاء الحريري ليسلِّم بشيعية وزارة المال من دون إعطاء الحق للثنائي بالتسمية.

فهل يوافق الثنائي الشيعي على مبادرة الحريري فيقدِّم الرئيس المكلف تشكيلته لرئيس الجمهورية وتولد الحكومة، أم انه سيواصل تمسّكه بشرطه الثاني المتصل بحق تسمية الوزراء الشيعة، ما قد يدفع الافرقاء الآخرين الى تحميله مسؤولية الفراغ الحكومي وإجهاض المبادرة الفرنسية؟ وهل سيعتبر انّ مجرد قبوله بالمبادرة يعني تنازله عن الحق بالتسمية وإقراره بأنّ وزارة المال آلت إليه للمرة الأخيرة؟ وفي الوقت الذي قرر فيه الحريري مَد اليد للثنائي، فهل سيمدّ الأخير يده توصّلاً للتسوية التي تحدث عنها رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط؟ وهل يمكن أساساً الوصول إلى حل من دون تنازلات متبادلة؟ وما التنازل الذي يمكن ان يقدم عليه الثنائي؟ وهل سيتحرّك ماكرون بعد مبادرة الحريري؟ وهل هذه المبادرة بعيدة أساساً عن ماكرون ام جرت بالتنسيق معه أو بطلب منه؟

لكنّ أوساط الثنائي الشيعي لم ترَ في تلك المبادرة الحريرية ايجابية «لأنها ما تزال تمنح الرئيس المكلف حق تسمية الوزير الشيعي، وهو ما يرفضه الثنائي المُصرّ على التسمية من ضمن مجموعة اسماء يقترحها هو». ورأت هذه الاوساط انّ بيان الحريري «يؤكد انه هو من يتولى تأليف الحكومة وليس الرئيس المكلف، إلا انه يقرّ في بيانه بنحو غير مباشر بأن لا تأليف للحكومة إلّا بإسناد وزارة المال الى الطائفة الشيعية».

وأكدت مصادر مطلعة على موقف الثنائي الشيعي «أنّ الموقف الشيعي لم يتبدّل بعد كلام الحريري، ولا يمكن للحريري أن يعطي لنفسه او للرئيس المكلف حق تسمية وزير مال شيعي أو أي وزير شيعي آخر. ولذلك، الحل هو بالعودة إلى الشراكة السياسية ونحن من نسمّي وزراءنا، فكما انّ رؤساء الحكومة قدموا أسماء لاختيار رئيس حكومة من بينها، فإنّ هذا الأمر يسري على الوزير الشيعي، نحن نقدّم لائحة أسماء، أو لوائح اذا أرادوا، وهم يختارون من بين من نقترحهم، ونقطة على السطر».

قال قريبون من الثنائي الشيعي لـ«الجمهورية» انّ هناك ملاحظات عدة على مبادرة الحريري، «إذ كيف له ان يقرر من عنده من يختار اسماء ممثلي الكتل والمكونات السياسية؟ وهل من «يريد خدمة اللبنانيين»، كما ورد في بيان الحريري، يعتبر انّ القبول بمنح حقيبة وزارة المال للشيعة هو كَتجرّع السم؟». ودعا هؤلاء الى «الذهاب نحو الحلول النهائية فوراً وفق المبادرة الفرنسية بعيداً من اي حسابات اخرى».

وفي السياق نفسه، استغربت مصادر «الثنائي» قول الحريري «انّ تسمية وزير المال هي من صلب الورقة الفرنسية، خصوصاً أن الورقة لا تتضمن ذلك». وتساءلت: «كيف يسمح الحريري لنفسه في أن يحدد ويشترط في تسمية الوزير الشيعي؟». وقالت: «لا نريد للحريري أن يتجرّع السم، والثنائي الشيعي لطالما أبعَد عن الحريري مرات متعددة كأس السم الذي أراد أن يجرعه إيّاه حلفاؤه».

الى ذلك تتجه الانظار بعد مبادرة الحريري الى ما ستكون عليه حركة الرئيس المكلف في الساعات المقبلة، وهل سيحصل لقاء جديد بينه وبين «الخليلين» النائب علي حسن خليل المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وحسين خليل المعاون السياسي للامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله.

وفي معلومات «الجمهورية» انّ المسؤولين الفرنسيين تبلغوا امس بموقف الحريري الذي أثار نقمة واستياء كبيرين لدى رؤساء الحكومات السابقين نتيجة حجم «التنازل الكبير» الذي قدّمه بفِعل الضغوط التي مورست على اكثر من مستوى، ولا سيما منها التهديدات التي صدرت عن الثنائي الشيعي وما رافقها من حملات تهويل على البلد ومصيره»، على حد قول أحد المعترضين على موقف الحريري.

وفي معلومات لـ«الجمهورية» انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري سيقدّم في الساعات المقبلة مجموعة أسماء خبراء ماليين مستقلين شيعة الى الرئيس المكلف لكي يختار أحدهم لوزارة المال، ما قد يفتح الطريق واسعاً الى تأليف الحكومة الذي سيبقى رهناً بفكفكة شروط أخرى إذا وجدت، خصوصاً ان كانت النية استكمال تطبيق المداورة على بقية الوزارات، ولا سيما منها وزارة الطاقة».

في غضون ذلك، وفي ظل غياب اي موقف فرنسي جديد خارج تمديد المبادرة الى وقت غير محدد، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ الإتصالات التي تلقّتها موسكو من باريس طلباً للمساعدة أدّت الى دعوة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الى موسكو غداً للقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف.

وفي المعلومات، انّ على جدول اعمال الزيارة، بالإضافة الى سلة العقوبات الأميركية الجديدة على ايران، والتي طاولت كيانات وشخصيات على صلة بالملف النووي الايراني، تطورات الملف السوري والوضع في لبنان في ضوء تعثّر مساعي تأليف الحكومة طلباً لدعم المبادرة الفرنسية التي واكَبتها موسكو بلا تحفظ بعدما كانت العاصمتان الفرنسية والروسية قد مهّدتا لها عبر فريق ديبلوماسي فرنسي يتولى الإتصالات مع طهران وموسكو في آن معاً.

على صعيد آخر تترقب الاوساط السياسية والديبلوماسية كلمة رئيس الجمهورية التي سيلقيها ما بين السادسة والنصف والسابعة مساء اليوم في اعمال الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العمومية للامم المتحدة، التي افتتحت اعمالها امس بكلمات للامين العام للامم المتحدة والرئيسين الاميركي والروسي وعدد من رؤساء الدول.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ كلمة عون «ستتعمّق في الشؤون الداخلية حول مجموعة من القضايا الاساسية اللبنانية، وسيتحدث فيها عن مختلف الملفات المحلية من الازمة الحكومية ونتائج انفجار المرفأ والنكبة التي حلّت ببيروت، والتي فاقمت من المخاطر التي يواجهها لبنان في ظل تنامي أزمة النازحين السوريين وتداعياتها على مختلف الصعد الإجتماعية والإقتصادية، فضلاً عن تداعياتها في ظل الازمة النقدية والمالية التي يعيشها لبنان.

كذلك سيشدّد على حجم الدعم الذي يحتاجه لبنان لإعادة اعمار ما تهدم من بيروت ومرفئها، وتجاوز تداعيات الوضع برمّته من جوانبه المختلفة.

وامس، استؤنفت في قصر بعبدا سلسلة الاجتماعات التي يعقدها رئيس الجمهورية لمتابعة عمل الادارات والمؤسسات الرسمية مع رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب، ومن بين الاجتماعات ما خصّص للبحث في السبل الكفيلة بمواصلة الدعم، لا سيما منها الادوية والقمح والمواد والسلع الاساسية في حضور وزير المال وحاكم مصرف لبنان ومستشارين.

وعلمت «الجمهورية» انّ الاجتماع انتهى الى أن تحدد الوزارات المعنية بهذه القطاعات الاساسية، كوزارات الصحة والاقتصاد والنفط، حجم المواد التي يستهلكها السوق اللبناني، ليحدّد مصرف لبنان المبالغ التي يحتاجها لضمان استمرار الدعم في ضوء الارقام التي تحدث عنها حاكم مصرف لبنان وقدرته على التحمل.

أمنياً، وقع انفجار كبير في بلدة عين قانا الجنوبية، تضاربت المعلومات في شأنه، وسط تكتّم «حزب الله» الذي تحدثت مصادر قريبة منه لوكالة «فرانس برس» عن أنّ المكان الذي وقع فيه الانفجار «يتبع له وهو حادث عرضي».

وأشارت رواية المصادر إلى أنّ الانفجار وقع في مركز لتجميع مخلّفات قذائف حرب تموز 2006. وفيما أشار مصدر أمني لوكالة «رويترز» الى انّ الانفجار وقع في مخزن أسلحة لـ«حزب الله» نتيجة خطأ فني، أفاد مندوب «الوكالة الوطنية للاعلام» الرسمية انّ الانفجار الذي وقع في أحد المنازل في بلدة عين قانا، ولم تعرف أسبابه، تَزامَن مع تحليق مكثف للطيران الحربي والتجسسي المعادي، الذي لم يغادر اجواء منطقتي النبطية واقليم التفاح منذ الصباح.

ونتج من الانفجار تصاعد دخان اسود كثيف غطّى سماء المنطقة، وأشاع اجواء من الاضطراب والهلع لدى المواطنين، واقتصرت أضراره على تصدّع بعض المنازل وتحطّم الزجاج. وتحدثت معلومات عن نقل جثتين متفحمتين من مكان الانفجار وعشرات السيارات المحترقة في المكان، فيما منع «حزب الله» الأهالي من الخروج من منازلهم، وسمح فقط للهيئة الصحية بالحضور الى المكان، بينما لم يكن هناك اي حضور للأجهزة الأمنية اللبنانية الرسمية في مكان الانفجار، كما مُنعت الأطقم الاعلامية من الوصول أيضاً إلى المكان.