Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

كيف سيصبح جيل التيك توك عما قريب هو صاحب القرار السياسي

Tik tok advertisement concept.Young girl posing with smart phone in her hands, making selfie on black background.TIK TOK is a popular social network on the internet.Studio shots, copy space for text

قضيت مؤخراً ساعة أحدق في كتلة فوضوية من شعر أحد المراهقين على حاسوبي. صاحب هذا الشعر هو جوش ريتشاردز الكندي البالغ من العمر 18 عاماً. وعلى الأغلب لن يعني لك هذا الاسم شيئاً إذا كنت شخصاً وقوراً مثلي من الجيل إكس من مواليد فترة الستينيات إلى الثمانينيات. لكن إذا كنت من أبناء الجيل زد، أي من مواليد منتصف التسعينيات وحتى عام 2010، فربما تصيح طرباً مثلما فعلت إحدى بناتي.

والسبب هو أنّه في خلال العامين الماضيين أصبح ريتشاردز أحد أنجح “الشخصيات المؤثرة” على تطبيق تيك توك، المنصة التي ينشر عليها الناس مقاطع فيديو قصيرة لأنفسهم وهم يرقصون عادة أو يحركون شفاههم بالتزامن مع أصوات أخرى. وحصد ريتشاردز 1.3 مليار إعجاب على مقاطعه، و21 مليون متابع. ويظهر ريتشاردز عادةً في مقاطع التيك توك بلا قميص، ومعه مجموعة من زملائه المؤثرين المعروفين باسم Sway House، والذين يعيشون معاً في منزل واحد بلوس أنجلوس.

بعد ذلك، في الشهر الماضي، أعلن ريتشاردز والمؤثرون الآخرون أنهم سيهجرون تيك توك لكي ينضموا لمنصة مشابهة تسمى Triller، حيث سيصبح ريتشاردز “الرئيس التنفيذي الاستراتيجي” وسيحصل على نسبة كبيرة من الأسهم. ودع عنك أنه ترك المدرسة الثانوية، إذ أخبرني أنه ليس لديه مخططات للتقدم إلى جامعة في الوقت الحالي.

لا، لم تكن هذه الأخبار كبيرة بما يكفي مثل عناوين الأخبار المتعلقة بتيك توك في الفترة الماضية، مثل أنّ الرئيس دونالد ترامب حاول إغلاق التطبيق في الولايات المتحدة بداعي مخاوف “أمن قومي” متعلقة بالشركة الصينية الأم ByteDance، أو أنّ شركة مايكروسوفت دخلت في مفاوضات لشراء أعمال تيك توك في كندا وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية. لكن ما يعلمنا إياه ريتشاردز وتيك توك بشأن السلطة والمعلومات يستحق الاهتمام.

عندما كنت مراهقة في الثمانينيات في بريطانيا، كان “النجم” هو شخص محمل بمصالح إحدى الشركات القوية ويقدم لي بأسلوبٍ أحادي، في برنامج تلفزيوني على الأغلب مثل برنامج Top of the Pops. وكان المشاهير والمعلومات تُنقل لي عمودياً من الأعلى. وكانت صناعة الإعلانات مرتبطةً بها، في التلفزيون والمذياع والمطبوعات، بطريقةٍ واضحة نسبياً.

لكن اليوم، يبني المشاهير قواعد معجبيهم بطريقة أفقية عن طريق جذب الجموع، والتفاعل معهم، وإقناعهم بحشد أصدقائهم لنشر الأفكار والعلامات التجارية. إذ يقول ريتشاردز على سبيل المثال إنّه بدأ نشر مقاطع الفيديو في عمر 13 عاماً بمفرده تقريباً، وعلى الرغم من أنه الآن “يُدار” من فريق محترف، لكنه يعلم أنه لا يمكنه خلق زخم إلا إذا وجد طريقة لجذب انتباه الجمهور باستمرار بأسلوب تفاعلي. وعلى حد قوله: “لا بد أن تفاجئهم”.

والمقصد هنا أن مؤثري اليوم صاروا أشبه بفناني أوروبا الجوالة في العصور الوسطى، أي أنهم إذا لم يتمكنوا من إسعاد جمهورهم واستقراء حالته المزاجية وترديد أصداء هذه الحالة، فإن شهرتهم وتأثيرهم سيموتان سريعاً. وبالتالي ستقل عائداتهم، فبدلاً من تبني التسويق العمودي من أعلى لأسفل، يتربّح المؤثرون جزئياً من شهرتهم عن طريق إظهار المنتجات في المقاطع الخاصة بهم.

وعلى سبيل المثال، سوَّق ريتشاردز لموسيقيين وعلامات تجارية مثل شركة Reebok لصناعة الملابس الرياضية، وشركة Crocs للأحذية. وقالت الوكالة التي تُمثل ريتشاردز لقناة CNBC الأمريكية إنّ المؤثرين يكسبون مبلغاً يتراوح “من خمسة آلاف إلى 20 ألف دولار في المنشور الواحد” بحسب عدد المتابعين لديهم، الذي يعكس حجم التأثير الأفقي لهم على الجمهور.

وهذا أمرٌ صادم. لكن التساؤل الأكثر إثارة يدور حول الكيفية التي يمكن أن نرى بها أصداء هذا في السياسة. وأحد الشخصيات التي ظهرت في هذا المشهد الغريب الجديد هو بروك بيرس، الممثل الطفل سابقاً الذي يبدو أنه جنى ثروة من العملات المشفرة. إذ أخبرني الشهر الماضي أنه كان لفترة طويلة معلماً لريتشاردز وجمهور تيك توك، والآن يتقدم باعتباره مرشح رئاسي مستقل ويتبنى مفاهيم ليبرالية ويركز على العالم الرقمي.

وربما كانت مسألة ترشحه حلماً بعيد المنال، لكن من الواضح أنه يأمل أن يُساعده جمهور Triller في حملته، طالما ضمّ مشتركين في سن التصويت، وأن يستطيع بناء شبكة تأثير أكبر لنفسه. إذ يبلغ عدد من حملوا التطبيق 250 مليون شخص، في مقابل ملياري شخص حملوا تطبيق تيك توك. ويتوخى المؤثرون الحذر، إذ أخبرني ريتشارد أنّه ومديري تطبيق Triller يريدون الابتعاد عن السياسة في انتخابات 2020، وأن يكونوا “أصدقاء الجميع” -بما في ذلك تيك توك.

لكن النقطة الرئيسية هي أن بيرس وغيره يعرفون أنه إذا استطاع أي شخص تسخير حشود هذا الجيل، من خلال أي تطبيق يستخدمونه، فسيكون هذا سلاحاً سياسياً قوياً. إذ استُخدِم تيك توك لهذا الغرض بالفعل من قبل في منتصف شهر يونيو/حزيران، حيث قال مستخدمو تيك توك إنهم طلبوا أرقاماً ضخمة من تذاكر حشد ترامب في أوكلاهوما دون أن يذهبوا إلى هناك، وتركوا المشهد فارغاً. وأدى مستخدمو تيك توك أيضاً دوراً محورياً في نشر الرسائل خلال تظاهرات حياة السود مهمة.

هل ستصبح جماهير تيك توك أكثر انخراطاً في السياسة قبل انتخابات 2020، أم ستتلاعب بهم مصالح خارجية؟ أم سيهاجرون إلى Triller؟ هل يمكن لمنصة إنستغرام الجديدة Reels، المقصود منها منافسة تيك توك، أن تبعثر كل هذا؟ أم ستختفي هذه الظاهرة بنفس السرعة التي ظهرت بها؟ من الصعب توقع هذا الآن.

وهناك أمر واحد واضح وهو أن الجيل إكس الذي يحتل قمة الهرم المؤسسي والسياسي سيجد صعوبةً في استقراء، ناهيك عن السيطرة، على قنوات التأثير الجديدة هذه. فالأنظمة الهرمية لا تعمل جيداً في هذا العالم الذي يتكون من شبكة أفقية التكوين. لذا، حتى وإن لم تسمع من قبل عن ريتشاردز أو بيرس أو Sway House، فراقب ما سيفعلونه الأيام القادمة وفكر ملياً في معنى العيش في زمن التأثير الأفقي. والإجابة ستكون مزعجة للجيل إكس بقدر مشاهدة مقاطع ريتشاردز التي مدتها 15 ثانية.