كتبت صحيفة “الجمهورية”: يدخل لبنان غداً في استراحة عيد الأضحى، ليستأنف بعدها نشاطاً سياسياً وديبلوماسياً حافلاً بعد العيد مباشرة يبدأ، بحسب معلومات «الجمهورية»، مع الموفد الرئاسي الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان، ويُستكمل مع المبعوث الأميركي الجديد الذي سيخلف مورغان أورتاغوس، وكذلك من المنتظر ان يزور وفد سعودي رفيع المستوى لبنان… على أنّ هذه الزيارات تصبّ في مجملها على متابعة اتفاق وقف إطلاق النار وملف السلاح والإصلاحات.
وقال مصدر سياسي بارز لـ«الجمهورية»، إنّه كان يُفترض أن تزور اورتاغوس لبنان بعد العيد مباشرة، ولكن على الأرجح لن تحصل هذه الزيارة بسبب المتغيرات على مستوى الموفدين الأميركيين إلى الشرق الأوسط.
وكشف المصدر، انّ لبنان لم يتبلّغ رسمياً لا بتغيير اورتاغوس ولا باسم الموفد الجديد. وكل ما يُقال في هذا الإطار هو كلام إعلامي او عبر قنوات اتصال خاصة بين لبنان وواشنطن. وقال المصدر «انّ الأكيد حتى الآن انّ لودريان سيزور بيروت الثلاثاء المقبل بتكليف من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لمتابعة ملفي إعادة الإعمار والإصلاحات. وقد تمّ الاتفاق على هذه الزيارة في اتصال حصل منذ يومين بين رئيس الجمهورية جوزاف عون وماكرون، تحضيراً لمؤتمر دعم لبنان الذي بادرت إليه فرنسا، والمرجح أن ينعقد الخريف المقبل، على ان تتبلور في المدة الفاصلة مطالب المشاركين وشروطهم المرتبطة بعضها بضرورة إنجاز الإصلاحات الضرورية وأخرى بنزع السلاح او الاثنين معاً».
واكّد المصدر نفسه، انّ هوية وموقع الشخص الذي ستنتدبه إدارة الرئيس دونالد ترامب لتولّي الملف اللبناني يحدّد مستوى الاهتمام بلبنان، وما إذا كان هذا الاهتمام تراجع ولم يعد من الأولويات، هكذا يقول منطق الأمور. وأشار إلى انّ وقف إطلاق النار في مرحلته الحالية انتقل من التنفيذ الميداني إلى القرار السياسي، وهذا ما ينتظره لبنان من الدولتين الراعيتين أميركا وفرنسا بعدما أنجز كل ما عليه وتخلّف الإسرائيلي عن التنفيذ، وخصوصاً النقطتين التي التزم بهما في الاتفاق وهما: الانسحاب الكامل ووقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701.
وفد فرنسي
وكان عون نوّه أمام وفد من مجلس النواب الفرنسي زاره أمس، بـ«الاهتمام الذي يبديه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تجاه لبنان، ومتابعته الحثيثة للأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية، «وانا على اتصال دائم معه، وهو يبدي استعداده لمساعدة لبنان في المجالات كافة». وأبلغ عون إلى الوفد «انّ لبنان نفّذ اتفاق وقف النار في الجنوب بكل حذافيره، والجيش انتشر بنسبة تفوق 85 في المئة في منطقة جنوب الليطاني، وهو يتعاون مع قوة «اليونيفيل» لتطبيق القرار 1701 ومتمماته لجهة حصر السلاح في يد القوى المسلحة اللبنانية، لكن ما يعوق استكمال انتشاره حتى الحدود هو استمرار إسرائيل في احتلالها للتلال الخمس وعدم إطلاق الأسرى اللبنانيين، إضافة إلى استمرارها في الأعمال العدوانية». واكّد «انّ التعاون مع «اليونيفيل» ممتاز، ولبنان متمسك ببقاء هذه القوة في الجنوب لمساعدة الجيش على تحقيق الأمن والاستقرار حتى الحدود المعترف بها دولياً، ودور فرنسا في هذا المجال أساسي». وأكّد «انّ الوضع في الجنوب هو من الأولويات، ولبنان طالب المجتمع الدولي، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا راعيتي اتفاق وقف الأعمال العدائية، بالضغط على إسرائيل كي تنسحب من الأراضي اللبنانية التي تحتلها». وشدّد على انّه «من ضمن الأولويات إعادة الإعمار، ومعاودة التنقيب عن الغاز في الحقول البحرية في الجنوب، ودور شركة «توتال» الفرنسية مهمّ في هذا الاطار».
جولة عراقجي
في هذه الأثناء، تصدّرت زيارة وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي للبنان آتياً من مصر، مجمل الاهتمامات الداخلية، لما عكسته من مؤشرات، سواء حول مستقبل العلاقات اللبنانية ـ الإيرانية، او بالنسبة إلى مستقبل الوضع في المنطقة من زاويتي المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية وما يمكن ان تفضي اليه، او من زاوية استمرار إسرائيل في خرق وقف إطلاق النار والقرار الدولي 1701، تاركة الوضع في لبنان عموماً وفي جنوبه خصوصاً مفتوحاً على شتى الاحتمالات.
وقالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية»، إن زيارة عراقجي للبنان هذه المرّة كان عنوانها الأساس العلاقات الثنائية بين البلدين، خصوصاً بعد اكتمال عقد المؤسسات الدستورية اللبنانية. فخلال الفترة السابقة اتُخذت خطوات من جهة لبنان أساءت إلى العلاقات بين البلدين، ولا سيما منها حظر هبوط الطيران المدني الإيراني في بيروت، ولكن برز من الجانب اللبناني موقف عبّر عنه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون عشية زيارته الأخيرة لمصر، حيث قال إنّ لبنان «مستعد لتعزيز العلاقات من دولة إلى دولة مع إيران»، وبالتالي جاءت زيارة عراقجي لملاقاة يد رئيس الجمهورية الممدودة لتعزيز العلاقات الثنائية، ومن هنا كان حديث عراقجي عن فتح صفحة جديدة في العلاقات مع لبنان.
وأضافت المصادر نفسها، أنّ إيران أكّدت من خلال زيارة عراقجي استعدادها لتقديم الدعم للبنان في ثلاثة مجالات أساسية:
ـ أولاً، دعم الموقف اللبناني الجامع أو التوافقي حول مختلف الملفات المطروحة. فإيران مستعدة لدعم التوافق حول أي ملف لبناني من دون ان تدخل في أي تفاصيل.
ـ ثانياً، دعم حق لبنان في استعادة أرضه المحتلة بشتى الوسائل الممكنة، وفي هذا الإطار كان تعبير عراقجي عن دعم إيران سيادة لبنان ووحدته واستقلاله.
ـ ثالثاً، إستعداد إيران لدعم جهود الحكومة اللبنانية لإعادة الإعمار. وفي هذا المجال كرّرت بلسان عراقجي أنّها حاضرة لتقديم الدعم عندما تضع الحكومة اللبنانية قطار إعادة الإعمار على السكة. وإلى ذلك أطلع عراقجي المسؤولين على آخر ما توصلت إليه المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية. واكّد لهم أنّه كديبلوماسي لا يقطع الأمل من إمكانية توصل هذه المفاوضات إلى اتفاق، لكن المؤشرات على الأرض لا ترفع من نسبة نسب التوصل إلى هذا الاتفاق، لأنّ مسودة الاتفاق في إطارها العام تتضمن كثيراً من النقاط السيئة التي لا يمكن إيران أن تقبل بها.
بين رجي وعراقجي
وفي اللقاء بين وزير الخارجية يوسف رجي والوزير عراقجي، ساد نقاش طويل، تخلّله تباين في وجهات النظر بينهما. وسرّبت فحواه مصادر إلى قناة «الحدث»، قالت إنّ رجي أبلغ عراقجي الآتي:
ـ إنّ المغامرات العسكرية لم تنهِ الاحتلال الإسرائيلي.
ـ إنّ المغامرات العسكرية وضعت لبنان في ظرف صعب.
ـ إنّ التنسيق بين البلدين يمرّ عبر الدولة.
ـ إنّ لا أموال لإعادة الإعمار من دون نزع سلاح «حزب الله».
ـ إنّ مسألة نزع السلاح قرار لبناني.
ـ أوضح عراقجي لنظيره اللبناني أنّ الديبلوماسية قد لا تنفع وحدها.
ولاحقاً كتب رجي عبر منصة «إكس» انّه «ساد اللقاء نقاش صريح ومباشر، وأعربت للوزير الضيف عن تعويل لبنان على حرص إيران على أمنه واستقراره وسلمه الاهلي ليتمكن من تجاوز التحديّات الجسام التي يواجهها، بدءاً باستكمال الجهد الديبلوماسي الرامي إلى تحرير الأراضي التي ما زالت تحتلّها إسرائيل ووقف إعتداءاتها المتواصلة، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها وحصر السلاح بيدها، وصولاً إلى تأمين الدعم اللازم من الدول الصديقة للبنان من خلال الحكومة اللبنانية والمؤسسات الرسمية حصراً، لكي تتمكن من القيام بدورها في إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي المنشود».
من جهته، أكّد الوزير عراقجي أنّ زيارته تأتي في إطار فتح صفحة جديدة في العلاقة مع لبنان، انطلاقاً من الظروف المستجدة التي يشهدها لبنان والمنطقة.
لكن مصادر إطلعت على ما دار من نقاش بين رجي وعراقجي قالت لـ«الجمهورية»، إنّ الأخير ردّ على طروحات نظيره اللبناني، مؤكّداً «أنّ الضغوط الدولية لتحرير الأراضي اللبنانية لا تكفي وحدها لكي يستعيد لبنان حقوقه، وأنّ إسرائيل هي من النوع الذي لا يخضع إلّا بالقوة، وأنّ المقاومة من خلال النتائج التي حققتها سابقاً أثبتت نجاعتها ونجاحها في إنهاء الاحتلال». وأضاف متوجّهاً إليه: إنّ أميركا وإسرائيل لن تكتفيا بنزع سلاح المقاومة لأنّهما بعد ذلك ستطلبان حتى نزع سلاح الجيش اللبناني، لأنّ ما يحصل في المنطقة، وخصوصاً في لبنان وسوريا، يدلّ في وضوح إلى أنّ المطلوب على ما يبدو هو أن يكون جوار إسرائيل منزوع الأنياب أمامها».
صفحة جديدة
وكان عراقجي الذي وصل أمس إلى لبنان آتياً من مصر، جال على الرؤساء الثلاثة جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام ووزير الخارجية. وأبلغ عون إليه انّ لبنان يتطلّع الى تعزيز العلاقات من دولة إلى دولة مع إيران، لافتاً إلى «انّ مسألة إعادة إعمار ما هدّمته الحرب الإسرائيلية على لبنان هي من الأولويات التي نعمل عليها مع الحكومة بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة وفق القوانين المرعية الإجراء». وشدّد على «انّ الحوار الداخلي هو المدخل لحل المسائل المختلف عليها، وكذلك الحوار بين الدول بعيداً من العنف، خصوصاً انّ دولاً كثيرة في المنطقة من إيران إلى دول الخليج فلبنان، عانت كثيراً من الحروب ونتائجها السلبية». وأمل في «أن تصل المفاوضات الأميركية- الإيرانية إلى خواتيم إيجابية، لانّ الشعب الإيراني يستحق ان يعيش براحة وبحبوحة، لا سيما وان النهاية الإيجابية لهذه المفاوضات ستكون لها انعكاسات إيجابية أيضاً على المنطقة كلها». مؤيداً ما ذكره الوزير عراقجي من «انّ العلاقات بين الدول يجب ان تقوم على الصراحة والمودة والاحترام المتبادل وعدم التدخّل في شؤون الآخرين».
ومن جهته عراقجي شدّد على تعزيز العلاقات اللبنانية-الإيرانية على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وأشار الى انّ بلاده «تدعم استقلال لبنان وسيادته ووحدة أراضيه، وكذلك تدعم الجهود التي يبذلها لبنان لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ولاسيما منها الجهود الديبلوماسية اللبنانية. معرباً عن استعداد إيران للمساعدة فيها. وشدّد على انّ «دعم بلاده للبنان يأتي في إطار العلاقات الجيدة بين البلدين، ومبدأ عدم التدخّل في السياسة الداخلية، وهو مبدأ تعتمده ايران مع الدول كافة». كذلك أعرب عن دعم بلاده للحوار الوطني في لبنان بين الطوائف والمجموعات والاتجاهات المختلفة، على أمل أن يؤدي الحوار والتفاهم الوطني إلى ما يحقق مصلحة قضايا لبنان من دون تدخّل خارجي». وأكّد رغبة ايران في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، معرباً عن استعداد بلاده للمساعدة في اعادة الاعمار وانّ الشركات الايرانية مستعدة لذلك من خلال الحكومة اللبنانية.
وبعد لقائه بري قال عراقجي: «نتطلع إلى إقامة علاقات قائمة على الاحترام المتبادل مع لبنان وعدم التدخّل في شؤونه الداخلية». وأضاف: «ندعم جهود لبنان لإخراج الاحتلال من أراضيه. وقلت لنظيري اللبناني إنّ بإمكانه الاعتماد على إيران».
وبعد لقائه مع رئيس الحكومة نواف سلام، اعتبر عراقجي انّ «حوار اللبنانيين أمر يخصهم فقط ولا يحق لأحد بالتدخّل فيه». وأكّد «حرص بلاده على فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية مع لبنان، تقوم على قاعدة الاحترام المتبادل وعدم تدخّل اي دولة بشؤون الأخرى».
بدوره سلام أكّد أنّ «لبنان حريص على العلاقات الثنائية مع إيران على قاعدة الاحترام المتبادل والحفاظ على سيادة البلدين، وما يضمن استقلال كل دولة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة».
ولاحقاً زار عراقجي ضريح الشهيد السيد حسن نصرالله، وقال: «الشهيد نصر الله هو بطل مبارك ضدّ الاحتلال، كرّس حياته للنضال ضدّ الاحتلال الصهيوني وحقق الانتصارات للبنان»، واضاف: «استشهاد السيد حسن نصرالله سيؤدي إلى ازدياد قوة المقاومة، لأنّ المقاومة حيّة والشهيد نصرالله حيّ، وأنا على ثقة تامة بأنّ دماء السيد نصرالله ستكون أكثر تأثيراً».
«اليونيفيل»
جنوباً، وفي وقت انطلق رسمياً مسار التمديد لليونيفيل في مجلس الأمن، سُجّلت مواجهة جديدة بين «الاهالي» والقوات الدولية. فقد اعترض عدد من اهالي بلدة صديقين في قضاء صور، دورية من قوات اليونيفيل حاولت الدخول إلى منطقة جبل الكبير في البلدة من دون مرافقة الجيش. وعمد عدد من الفتيان إلى رفع رايات «حزب الله» و «حركة امل» على آلية اليونيفيل. إثر ذلك حضرت قوة من الجيش اللبناني وعملت على مرافقة الدورية وإبعاد الاهالي.
