Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

باريس للمعطلين: لا تعودوا إلينا حين تسقطون

كانت الساعات السابقة للقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري قد أشاعَت، من خلال الحراك المكثف الذي شهدته، مناخاً أوحى وكأنّ الحكومة دخلت مرحلة المخاض النهائي، وأنّ ولادتها ستسبق نهاية الاسبوع الحالي.

وما عَزّز هذا المناخ، هو الحضور الفرنسي المباشر الذي قاد هذا الحراك، وعَكسَ، من خلال زخم الاتصالات التي شملت مختلف المستويات المعنية بتشكيل الحكومة، أنّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد ضاق ذرعاً بـ”المؤلّفين” ومماطلاتهم، وكلّف مستشاره باتريك دوريل جَلبهم الى بيت طاعة المبادرة الفرنسية ليوقفوا هذا المنحى التعطيلي الذي ينتهجونه، وليتفاهموا، ولو بالإكراه، على حكومة تترجم متطلبات المبادرة وبرنامجها الإنقاذي.

وعلى ما تؤكد مصادر سياسية مطلعة على الاتصالات الفرنسية لـ«الجمهورية»، فإنّ قوة الدفع الفرنسية الجديدة للملف الحكومي، وإن كان ظاهرها محاولة كسر حلقة التعقيدات المانعة لولادة الحكومة، والوصول الى تحقيق انفراج في مسار تأليفها، يترجم في لقاء الرئيسين عون والحريري، الّا أنّها في الوقت نفسه، بقدر ما جاءت لتفضَح عَجز الطاقم المعني بالتأليف عن إتمام هذا الاستحقاق بما يتطلبه من توافق وتفاهم، انطَوَت على إدانة فرنسية متجدّدة لإساءة اللبنانيين للمبادرة الفرنسية وتعطيلهم المتعمّد لمفاعيلها وبرنامجها الانقاذي، وتجاوزهم لكلّ النصائح والتحذيرات المتتالية من المجتمع الدولي، وكذلك النداءات التي أطلقها الرئيس ماكرون، وآخرها في رسالته الى رئيس الجمهورية».

وبحسب المصادر، فإنّ باريس، بتَدخّلها المتجدّد، «قرّرت هذه المرة أن تلحق بـ”المعطّلين” الى باب الدار، بعدما فقدت الثقة بصدقيّتهم ووعودهم التي قطعوها لجهة التزامهم بالمبادرة. وبَدت، من خلال حضورها عبر باتريك دوريل واتصالاته المكثفة ما بين بعبدا وبيت الوسط، ومستويات سياسية أخرى، وكانّها ترمي الورقة الاخيرة على طاولة هؤلاء المعطّلين، وخلاصة مضمونها: «إمّا تأليف الحكومة، أو إفعلوا بأنفسكم ما تشاؤون، ولا تعودوا إلينا عندما تسقطون نهائياً».

وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» أنّ ما بات محسوماً حتى الآن هو حجم الحكومة الذي جرى التوافق النهائي على تثبيته «حكومة الـ18»، وكذلك الأمر بالنسبة الى توزيع الوازارات على الطوائف، وتبقى معضلة الأسماء المسيحية، وأحجام القوى السياسية ومطالبة رئيس الجمهوريّة وفريقه السياسي بالحصة المسيحية الأكبر في الحكومة التي تشكل «الثلث المعطّل»، وهو ما يرفضه الحريري، الذي تؤكد أوساط قريبة منه انّ الحد الاقصى الذي يمكن أن يقبل به هو 5 وزراء للرئيس وفريقه. فيما قالت مصادر قريبة من القصر الجمهوري لـ»الجمهورية» انّ الحريري في لقاء الاثنين الماضي مع رئيس الجمهورية، أبدى استعداداً للقبول بـ6 وزراء للرئيس عون وفريقه.

وبحسب المعلومات، فإنّ مهمة دوريل تمحورت حول هذا الجانب، طارحاً ما يشبه الحل الوسط حول عقدة «مَن يسمّي الوزراء؟»، تفيد بشراكة فرنسا في التسمية على النحو الذي يُرضي الطرفين. أمّا بالنسبة الى وزارة الطاقة، فبَدا انّ الجانب الفرنسي لا يحبّذ الربط بينها وبين اي وزارة اخرى أسندت الى أطراف اخرى

(في اشارة الى ما يعتبره «التيار الوطني» تمييزَ الشيعة عن سائر المكونات ومَنحهم وزارة المالية، في وقت تُسحَب وزارة الطاقة من يده).

وتشير المعلومات الى انّ المسعى الفرنسي المتجدد عَكسَ أنّ وزارة الطاقة هي في رأس أولويات باريس، على أن تتولاها شخصية موثوقة من جانبها. وفيما تردّدت معلومات عن انّ اسم جو صدي، المُقترَح فرنسيّاً لتوَلّي هذه الوزارة، قد تم إسقاطه نظراً لاعتراض «التيار الوطني الحر» عليه، الّا انّ مصادر مواكبة لحركة الاتصالات اكدت لـ»الجمهورية» انّ اسم صدي يسقط في حال تم العثور على بديل له يشكّل نقطة تقاطع بين باريس والتيار، ولكن حتى الآن لم يتم العثور على هذه الشخصية».

وتضيف المعلومات انّ المسعى الفرنسي لم يعكس تَحبيذاً لحصول أي طرف على الثلث المعطّل في الحكومة، بل انّ ما يؤكد عليه هو تجاوز هذه المسألة باعتبار انّ الحكومة الجاري تشكيلها هي حكومة اختصاصيّين لا سياسيّين لمهمة محددة. واللافت للانتباه في المسعى الفرنسي، انه خالفَ كلّ ما تَردد عن «فيتوات» موضوعة على بعض الاطراف ومنع مشاركتهم في الحكومة («حزب الله» تحديداً)، إذ انّ هذا المسعى عكسَ انّ الهدف الفرنسي هو التسريع في تشكيل حكومة اختصاصيين لا سياسيين، توافق عليها القوى السياسيّة جميعها. وقالت مصادر مطلعة على الموقف الفرنسي لـ»الجمهورية»: لا وجود لأيّ عامل خارجي معطّل لتأليف الحكومة في لبنان، وانّ التسريع الفرنسي في تشكيل حكومة يَستبطِن إشارة واضحة الى انّ هذه الحكومة تُشَكّل على أساس المبادرة الفرنسية التي ما زالت تحظى بالدعم الكامل لها من المجتمع الدولي، وتحديداً من الجانب الاميركي.