Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

النهار: لودريان يواجه أوسع “استطلاع” للانقسام اللبناني

كتبت صحيفة “النهار”: على رغم معرفة جميع اللبنانيين ان فرنسا هي الدولة الأكثر تعمقا في مقاربة الازمات التي تتعاقب على لبنان منذ الشرارة الاولى للانهيار عام 2019 ومن ثم انفجار مرفأ بيروت عام 2020 ومن ثم بدء ازمة الفراغ الرئاسي عام 2022، بكل ما تركته وتتركه هذه الازمات من اثقال واعباء مدمرة ، فان وصول مبعوث الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الوزير السابق جان ايف لودريان اليوم الى بيروت سيشكل علامة فارقة في رحلة الرعاية والاهتمام الفرنسيين بالملف اللبناني. ذلك ان المفارقة اللافتة التي ستواكب انطلاقة لودريان في زيارة الأيام الثلاثة التي سيمضيها في لقاءات كثيفة شاملة تتمثل في ان الموفد الفرنسي سيستكشف اتجاهات ومواقف الذين سيلتقيهم فيما جميع الذين سيقابلونه سينتظرون الإشارات والايحاءات العلنية او الضمنية منه حيال سؤال حصري يتردد بقوة في بيروت هو: هل بدلت فرنسا مقاربتها للازمة الرئاسية وهل ستطرح خطة طريق جديدة ومغايرة لمرحلة دعمها لترشيح سليمان فرنجية ؟

ومن دون أي مغالاة يمكن الجزم بناء على مجمل المعطيات الجدية الموثوقة ان أي فريق داخلي لم تُسرب اليه أي أجوبة او معلومات قاطعة حيال جوهر ما كلف لودريان بنقله او باستطلاعه او بالعمل عليه قبل ان يحط رحاله اليوم في قصر الصنوبر ليشرع منه في ما يمكن ان يشكل أوسع تحرك ديبلوماسي دائري قام به موفد اجنبي من قبل ابان الازمة الرئاسية الراهنة. وقد سجلت ملاحظة لافتة عشية وصول لودريان تمثلت في ان معظم الانطباعات والاتجاهات التي عكسها ممثلو القوى الداخلية على اختلاف مواقعهم أجمعت تقريبا على استبعاد ان يحمل الموفد الرئاسي الفرنسي طرحا او اسما او مرشحا جديدا بحيث سيغلب الطابع الاستكشافي والاستطلاعي على مهمته مع نقل الموقف الفرنسي المستند الى توافق دولي عارم يشدد على ضرورة ان ينهي اللبنانيون بأنفسهم ازمة الفراغ لاطلاق بوادر حل الازمات الكارثية التي يرزح تحتها اللبنانيون. وهو الامر الذي يعني ان لودريان سيعاين مرة جديدة ، بعدما انقطع عن زيارة بيروت منذ نحو ثلاثة أعوام، صورة معبرة وتفصيلية للانقسامات السياسية الحادة التي اصطدمت بها وساطة بلاده في المرحلة السابقة وادت الى اخفاق مقاربتها التي قامت على معادلة ترشيح فرنجية وتعيين نواف سلام رئيسا للوزراء واطلاق الإصلاحات بلا معوقات. كما ان ابرز ما سيعاينه بدقة، الأثر القوي للمعارضة المسيحية الواسعة لمقاربة فرنسا “السابقة” علما ان لودريان سيزور بكركي غدا الخميس للقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، كما ان نواب الكتل المعارضة اعدوا مذكرة تفصيلية باسم هذه الكتل لتسليمها اليه لدى لقائهم به في قصر الصنوبر وتشرح بالتفاصيل دوافع وظروف دعم المعارضة للمرشح جهاد ازعور وتمسكها بهذا الترشيح بالتقاطع مع “التيار الوطني الحر” ونواب تغييريين ومستقلين. وقد أفادت معلومات ان لودريان الذي سيلتقي القوى السياسية المحلية كلّها بالاضافة الى المرشحين الرئاسيين وقائد الجيش العماد جوزف عون، سيستهل نشاطه من عين التينة اليوم، كما سيزور بكركي في العاشرة قبل ظهر غد الخميس.

 

ماذا يحمل؟

وافاد عضو تكتل “لبنان القوي” النائب سيمون أبي رميا ان الموفد الفرنسي جان إيف لودريان “سيجتمع مع رؤساء الكتل في مقراتهم الحزبية أو منازلهم وسيجتمع مع النواب المستقلين في قصر الصنوبر”. وشدد على أن “لودريان لا يحمل أي طرح رئاسي ولكن سيستمع إلى كل الأفكار وسيكتب تقريرًا عما سمعه في لبنان للرئيس ماكرون وعلى أساسه سيجري التنسيق مع الدول الخمس”.

وبدوره لفت عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب مروان حمادة الى أن الموفد الرئاسي الفرنسي “لن يحمل معه أي صيغة، بل مقاربة فرنسية تلتقي أكثر مع الطرح السعودي إذ ترتكز على عدم اقتراح مرشح لرئاسة الجمهورية، بل البحث عن مشروع”. وأشار إلى أن لودريان “سيغيّر المقاربة بناءً على عناصر تحرّكت في الأسابيع الماضية وهي الوحدة المسيحيّة من جهة والتصلب الشيعي على ترشيح فرنجية من جهة أخرى”، وإذ اكد “أن اللقاء الديموقراطي منفتح على طرح أسماء أخرى غير تلك التي اقترحها في البداية” كشف أن “ليس بالصدفة تحضرت لقاءات للودريان مع سفراء الدول الخمس والدول العربية بمن فيهم السفير الإيراني والقائم بالأعمال السوري كما سيجتمع لودريان مع رؤساء كتل نيابية ومرشحين”.

كما ان عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم قال أن لودريان سيلتقي مع المسؤولين اللبنانيين ورؤساء الكتل والأحزاب، “إلّا أن مهمّته استطلاعيّة لمعرفة ما يمكن اقتراحه وذلك حرصاً على لبنان، بعدما فشلت المبادرة الفرنسية السابقة”. وأعلن كرم “أن التقاطع قائم بقناعة مِن المعارضين والتيار الوطني الحر، والتمسك بالمرشح جهاد أزعور مستمر بالنسبة إلى أطراف المعارضة”، وقال:” إذا دعا الرئيس نبيه بري إلى جلسة انتخابية، وهو ما يجب أن يفعله فنحن جاهزون، متوقّعاً أن ينال أزعور عدداً أكبر من الأصوات”.

 

النازحون وأوروبا

ولم تكن افاق الازمة الرئاسية بعيدة عن مهمة الوفد النيابي الاوروبي الذي يجول على المسؤولين ولو غلبت عليها ازمة النازحين السوريين . وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري امام الوفد امس “لا بد من التوافق والحوار بين الأطراف كافة للخروج من الازمة السياسية”. وأكّد أن “إنتخاب رئيس للجمهورية وتسمية رئيس حكومة وتشكيلها هي المدخل لإنجاز الإتفاق مع صندوق النقد الدولي”. كما أمل برّي من الإتحاد الاوروبي، مساعدة لبنان في إيجاد حل سريع لمسألة النازحين “التي بلغت حدا من الخطورة لم يعد بإستطاعة لبنان تحملها” وأضاف: “لم يعد جائزاً لا أخلاقياً ولا إنسانياً ولا قانونياً تجاهل التداعيات الناجمة عن أزمة النازحين السوريين”.

كما ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اكد للوفد ان “المشكلة الاساس في لبنان حاليا، الى جانب الازمات السياسية المعروفة، تتمثل بأزمة النازحين السوريين الذين استقبلناهم بكل ترحاب منذ 11 سنة، ولكن وجودهم بدأ يثقل على اللبنانيين ويتسبب بمشكلات على الصعد كافة، ديموغرافيا واقتصاديا وسياسيا. ومن هنا، نحن في حوار متواصل مع مختلف الدول الاوروبية ومفوضية شؤون اللاجئين ونشرح لهم هذا الواقع، وبأن لبنان لم يعد في استطاعته تحمّل هذا النزوح خاصة في غياب اي خارطة دولية لعودتهم”.

ويعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة سيكون على جدول اعمالها ملف ترقية الضباط، وقد يناقش ايضا ملف النزوح السوري عشية توجه وزير الشؤون الاجتماعية عصام شرف الدين الى دمشق وغداة عودة وزير الخارجية عبدالله بوحبيب من مؤتمر بروكسل.

وفي هذا السياق عقد رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان مؤتمرا صحافيا، بعد جلسة لجنة الإدارة والعدل، أكد فيه أن “اللجنة استهلت جلستها بطرح تصريح منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل”، وقال: “من حق أي مسؤول أن يبدي رأيه، لكن ليس من حقه أن يتناقض هذا الرأي مع مبدأ سيادة دولة ثانية”. وأشار إلى أن “تصريح بوريل يتناقض تماما مع السيادة اللبنانية”، وقال: “إن أراد أن يضع قوانين تتعلق بالنزوح السوري فليضعها في بلاده أو التجمع الذي يمثله. أما أن تكون هذه القواعد في لبنان فهذا مخالف لما تم توقيعه عام 2003 مع مفوضية اللاجئين، والمذكرة حينها أكدت أن لبنان ليس بلد لجوء”.

أضاف: “الحكومة اللبنانية مطالبة بأن تتخذ مواقف صارمة، وتطبق السيادة اللبنانية والقوانين على السوريين الموجودين في لبنان، وهذا موقف اللجنة بكامل أعضائها”.