تحدث أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين إلى وسائل الإعلام الفاتيكانية في الذكرى الثانية للهجوم “المخزي وغير الإنساني الذي شنّته حماس ضد إسرائيل، والذي دمّر قطاع غزة ” وقال: “نطالب بالإفراج عن الرهائن ووضع حدّ لهذه الدوامة المنحرفة من الكراهية والعنف. عواقب الحرب على غزّة “كارثية وغير إنسانية”، ولا يكفي أن تكتفي الأسرة الدولية بالقول إن ما يحدث غير مقبول ثم تستمر في السماح بحدوثه. يلفت نظري إيجابياً التزام الناس في تظاهرات السلام والتزام العديد من الشباب. إنَّ معاداة السامية هي سرطان يجب محاربته”.
تابع ردا على سؤال عما يمكنه قوله لعائلات الرهائن الإسرائيليين الذين لا يزالون في قبضة “حماس”، وقال : “للأسف، مضى عامان. بعضهم قُتل، والبعض الآخر أُفرج عنه بعد مفاوضات طويلة. تؤلمني صور هؤلاء الأشخاص الذين ظلوا أسرى في الأنفاق يعانون الجوع. لا يمكننا ولا يجب أن ننساهم. أتذكّر بأن البابا فرنسيس خلال السنة والنصف الأخيرة من حياته وجّه 21 نداءً علنياً للإفراج عنهم، والتقى بعض عائلاتهم. وخلفه البابا لواون الرابع عشر الذي واصل هذه النداءات. أعبّر لهم عن قربي، وأصلي يومياً من أجل معاناتهم، وأؤكد استعدادنا للقيام بكل ما يمكن لكي يتمكنوا من معانقة أحبائهم أحياء وسالمين، أو على الأقل استعادة جثامين القتلى لدفنهم بكرامة”.
وبالنسبة إلى المطلوب اليوم للسلام، اعتبر أن “الوضع في غزّة اليوم أكثر خطورة ومأسوية من العام الماضي، بعد حرب مدمّرة حصدت عشرات الآلاف من القتلى. من الضروري استعادة صوت العقل، والتخلي عن منطق الكراهية والانتقام الأعمى ورفض العنف كحل. إنَّ الدفاع عن النفس حق لكن يجب أن يراعى معيار التناسب. لكنَّ الحرب للأسف، أفرزت نتائج كارثية وغير إنسانية. يؤلمني تعداد الموتى يومياً في فلسطين: عشرات بل مئات أحياناً، كثر منهم أطفال ذنبهم الوحيد أنهم وُلدوا هناك. نخشى أن نعتاد على هذه المجزرة. أشخاص يُقتلون وهم يبحثون عن لقمة خبز، أشخاص يُدفنون تحت أنقاض بيوتهم، يُقصفون في المستشفيات والمخيمات، والنازحون يُجبرون على التنقل من مكان لآخر في أرض ضيقة ومكتظة. من غير المقبول وغير المبرر اختزال البشر إلى مجرد ضحايا جانبيين”.
وفي ما يتعلق بالمصالح المتعددة التي تمنع إنهاء الحرب التي أشار إليها، قال:” يبدو واضحاً أن الحرب التي يشنّها الجيش الإسرائيلي للقضاء على مسلحي حماس تتجاهل أن أمامه شعباً أعزل منهك القوى، في أرض دُمِّرت مبانيها. يكفي أن ننظر إلى الصور الجوية لكي نفهم ما أصبحت عليه غزة اليوم. كما يبدو واضحاً أن الأسرة الدولية عاجزة، وأن الدول القادرة على التأثير لم تفعل شيئًا حتى الآن لوقف المجزرة. لا يسعني إلا أن أكرر كلمات البابا لاوون الرابع عشر الواضحة التي قالها في 20 تموز يوليو الماضي: “أوجّه إلى المجتمع الدولي نداءً لاحترام القانون الإنساني، وحماية المدنيين، ورفض العقاب الجماعي، ومنع الاستخدام العشوائي للقوة والتهجير القسري للسكان”. كلمات ما زالت تنتظر أن يتمَّ قبولها وفهمها”.
وعما يمكن أن تفعله الأسرة الدولية، أجاب: “يمكنها أن تفعل أكثر بكثير مما تفعله. لا يكفي أن تقول إن ما يحدث غير مقبول ثم تسمح باستمراره. عليها أن تطرح أسئلة جدّية عن مشروعية استمرار تزويد الأطراف بالسلاح الذي يُستخدم ضد المدنيين. للأسف، لم تتمكن الأمم المتحدة حتى الآن من إيقاف ما يحدث. لكن هناك أطرافاً دولية يمكنها التأثير أكثر لإنهاء هذه المأساة، ويجب إيجاد سبيل يمنح الأمم المتحدة دوراً أكثر فاعلية لإنهاء الحروب الداخلية الكثيرة في العالم”.
أما بالنسبة إلى وضع الجماعة المسيحية على الأرض بعد الهجوم على كنيسة العائلة المقدسة ولماذا دورها مهم في المشهد الشرق أوسطي، قال:” إنَّ مسيحيي غزة، كما رأينا، كانوا أيضاً تحت الهجوم يؤثر فيَّ عزمهم على البقاء ومواصلتهم الصلاة يوميًا من أجل السلام والضحايا. إنَّ الوضع يزداد هشاشة. ونحن نحاول أن نكون قريبين منهم عبر نشاطات البطريركية اللاتينية في القدس وكاريتاس، ونشكر الحكومات والمؤسسات التي تساعد على إدخال المساعدات ومعالجة الجرحى. إنَّ دور المسيحيين في الشرق الأوسط كان وسيبقى أساسياً، حتى لو قلّ عددهم. أود أن أذكّر بأنهم يشاركون مشاركة كاملة في معاناة شعبهم الفلسطيني الممزّق، ويتقاسمون آلامه”.
