Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الأخبار : هل يعيد مجلس النواب إحياء التدقيق الجنائي؟ دولة رياض سلامة تنتصر‎!‎

كتبت صحيفة ” الأخبار ” تقول : كما كان متوقّعاً منذ البداية، تفوّقت دولة رياض سلامة على الدولة، أو ما ‏تبقّى منها. اليوم ينتهي مشوار التدقيق الجنائي، بعدما لم يسلّم المصرف ‏المركزي المعلومات التي كانت قد طلبتها شركة “ألفاريس أند مارسال”. ‏لكنّ مشواراً جديداً يتوقّع أن يبدأ. المعركة ستتحول من صراع قانوني على ‏تفسير قانون النقد والتسليف إلى صراع سياسي عنوانه إقرار قانون يُلزم ‏مصرف لبنان بالتعاون مع أي تدقيق جنائي تقرّه الحكومة. حينها ستتّضح ‏حقيقة مواقف الكتل النيابية: من يؤيّد الإصلاح ومكافحة الفساد، ومن يريد ‏قيادة البلاد إلى قعر الهاوية
بصفته الرجل الأقوى في الجمهورية، نجح رياض سلامة في فرض وجهة نظره. لم يهتمّ لرأي هيئة الاستشارات ‏والتشريع، ولا اهتمّ للكتب التي تلقّاها من رئاسة الوزراء ووزارتَي المالية والعدل. بالنسبة إليه قانون النقد والتسليف، ‏في المادة 151، يمنعه من إفشاء السر المهني، وأي كلام آخر لا يعنيه. وبناءً عليه، مرّ اليوم الأخير من المهلة المعطاة ‏له لتسليم المعلومات إلى شركة “ألفاريز أند مارسال” من دون أن تتسلّم وزارة المالية من المصرف المركزي أي ‏مستند من المستندات التي أعادت طلبها‎.


وبحسب المعلومات، فإن وفداً من الشركة سيلتقي وزير المالية اليوم، للتباحث في الخطوة اللاحقة، وسط توقّعات ‏بأن تعلن عدم قُدرتها على تنفيذ العقد الموقّع مع الوزارة، من دون المستندات المطلوبة. قد يكون ذلك فورياً، وقد ‏يتأخر لأيام، لكنّ شيئاً لن يتغيّر في الوقائع التي فرضها مصرف لبنان على كل الجهات‎.


محاولات الساعات الأخيرة بدت أقرب إلى “اللهم اشهد أنّي قد بلّغت”، التي وردت حرفياً في بيان رئاسة ‏الحكومة. كل طرف سعى إلى رفع مسؤوليته عن فشل التدقيق. مصادر رئاسة الجمهورية سبق أن حمّلت ‏المسؤولية لوزارة المالية لأنها لم تأخذ بكل ملاحظات هيئة الاستشارات على العقد الموقّع مع الشركة. مصادر في ‏وزارة المالية أكدت أنها تفاهمت مع رئاسة الجمهورية على كل المواد باستثناء إدخال مجموعة “إيغمونت” إلى ‏العقد، مشيرة إلى أن ما أطاح هذا العقد ليس مضمونه، بل الحماية السياسية التي يتمتّع بها حاكم مصرف لبنان، ‏والتي طالما ستبقى موجودة يمكن أن تطيح أي محاولة للإصلاح. مصادر رئاسة الحكومة، لم تكن بعيدة عن رأي ‏رئاسة الجمهورية، مشيرة إلى أن وزارة المالية برفضها الأخذ برأي هيئة الاستشارات كاملاً، إنما فتح الباب أمام ‏مصرف لبنان لعدم الأخذ بالاستشارة، التي أكدت أن المصرف ملزم بتنفيذ قرار مجلس الوزراء بصفته مصرف ‏الدولة، وأن السرية لا تشمل التدقيق في حساباته وعملياته‎.‎


نجم: المجلس المركزي مسؤول
كررت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم قولها إن القوانين القائمة تسمح بالتدقيق المالي ‏الجنائي، مشيرة إلى أن “السمسرات القائمة هي التي لا تسمح به”. ودعت أعضاء المجلس المركزي في مصرف ‏لبنان الى تحكيم ضمائرهم والتزام القانون، و”هم يتحمّلون المسؤولية أمام الحكومة والشعب والتاريخ‎”.‎

لم يعد مهماً أين تقع المسؤولية. لكن في اليومين الأخيرين، أوحت كل المواقف أن أصحابها فوجئوا بالنتيجة التي ‏وصل إليها التدقيق الجنائي، متجاهلين أن هذا المصير كان متوقعاً منذ لحظة توقيع العقد: رياض سلامة لن يتعاون ‏مع شركة التدقيق، بحجة القوانين اللبنانية، ولا سيما المادة 151 من قانون النقد والتسليف (على كل شخص ينتمي ‏أو كان انتمى الى المصرف المركزي، بأية صفة كانت، أن يكتم السر المنشأ بقانون 3 أيلول سنة 1956…). إحياء ‏النقاش مجدداً لن يغيّر الواقع. دولة رياض سلامة لا تزال أقوى من الدولة. لذلك، كان بديهياً أن لا تنجح كل الكتب ‏الرسمية التي أرسلت إلى مصرف لبنان في ثنيه عن قراره، كما لم تنفع الاستشارة الحاسمة لهيئة الاستشارات، في ‏تعديل موقفه. وهو بذلك، نجح في تخطّي كل المؤسسات الدستورية والقانونية، من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة ‏الحكومة إلى وزارتَي المالية والعدل، مستفيداً من دعم لامؤسساتي يؤمّنه له الخائفون من التدقيق الجنائي‎.


آخر الكتب، كانت قد أرسلتها وزارة المالية إلى المصرف المركزي، بعد ظهر أمس، متضمّنة كتاب رئاسة مجلس ‏الوزراء الرقم 2172/م، الذي يطلب فيه العمل بموجب رأي هيئة التشريع والاستشارات، والذي أرفقه بكتاب ‏وزيرة العدل إلى رئاسة الحكومة (السرية المصرفية لا تسري على حسابات الدولة وحسابات مصرف لبنان). ردّ ‏مصرف لبنان كان بمزيد من الاستخفاف. مصادر المصرف سرّبت، عبر “ام تي في”، أن المجلس المركزي، ‏الذي يجتمع دورياً يوم الأربعاء، “سيناقش الآراء المختلفة حول التدقيق الجنائي، كما الطروحات”! المصادر ‏نفسها لم تتردّد في الإشارة إلى أن “المركزي سلّم حساباته كافّةً إلى شركة التدقيق الجنائي عن طريق وزارة ‏الماليّة”، علماً بأن رئاسة الحكومة أعلنت بنفسها أنه “لم يسلّم الشركة سوى 42% من هذه الملفات فقط، معلّلا ذلك ‏بقانون السرية المصرفية‎”.


في ظل العجز الكلي لمؤسسات الدولة أمام سطوة سلامة، لم يجد رئيس الحكومة سوى التحذير من خطورة إفشال ‏التدقيق. قال إن أي إصلاح لا ينطلق من التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، يكون إصلاحاً صوَرياً لتغطية ‏استمرار النهج الذي أوصل البلد إلى ما وصل إليه على المستوى المالي. وأكد أن ذلك سيؤدي إلى منع اللبنانيين من ‏معرفة حقيقة خلفيات اختفاء ودائعهم، وأسباب الانهيار المالي والتلاعب المدروس بسعر العملة الوطنية‎.‎

بالنتيجة، إذا كان سلامة قد انتصر في هذه المرحلة، بحجة القانون، فإن الخيارات ضاقت إلى حدود، لم يعد ينفع ‏معها سوى خيار وحيد، بحسب مصادر حكومية رفيعة. السير بإقرار قانون يشير صراحة إلى “منع العاملين في ‏الإدارات والمؤسسات العامة من التذرع بالسرية المصرفية أو السر المهني في حالة التدقيق الجنائي” هو الفرصة ‏الأخيرة لإنقاذ التدقيق. بحسب المعلومات، وبعد فشل محاولات دفع سلامة للأخذ بتفسير هيئة التشريع للسرية ‏المصرفية، يُتوقع أن تنتقل رئاسة الجمهورية، ومن خلفها تكتّل لبنان القوي، إلى الخطّة باء، أي إلى تقديم اقتراح ‏قانون بهذا المعنى. ذلك ينقل الخلاف من خلاف قانوني إلى خلاف سياسي، يكشف معه حقيقة مواقف الكتل ‏النيابية من التدقيق الجنائي. في مجلس النواب سيكون الفرز أوضح. من يؤيد الإصلاح ومكافحة الفساد، ومن يريد ‏أن يوصل البلاد إلى قعر الهاوية. سيكون حينها رافضو الإصلاح معروفين بالأسماء. وهذا قد يشكل فرصة جدية ‏لإمرار القانون الذي يحرّر التدقيق الجنائي، بعدما تحوّل، بحسب وزيرة العدل ماري كلود نجم، وبحسب رئيس ‏لجنة الإدارة والعدل جورج عدوان، إلى ممرّ إلزامي للحصول على المساعدات الدولية‎.‎