أكد مفتي محافظة بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي أن “مفتي الجمهورية اللبنانية ليس مرآة طائفة، بل ضمير وطن. هكذا خاطب الرئيس عون ضمائر الحاضرين: “المفتي دريان هو مفتي الجمهورية اللبنانية، لا مفتي السنة وحدهم”. حين تُرفع العمائم فوق الانقسامات، ويُعاد للدين دوره الجامع، يصبح الانتماء طمأنينة، لا اصطفافًا”.
وتابع: “لقاء رئيس الحكومة بالمفتي دريان ومفتي المناطق لم يكن بروتوكولًا فارغًا، بل تذكير بأن في البلد نبضًا لم يمت. المطلوب من القادة اليوم أن يتقدموا خطوة، أن يتنازلوا عن امتيازاتهم لأجل بقاء الدولة، فكل تضحية اليوم استثمار في الغد”.
وقال في خطبة الجمعة: “نحن أمام مفترق مصيري، والطرق متشعبة. الوحدة اليوم ليست شعارًا بل نجاة، والانقسام خنجر في خاصرة الوطن. لبنان ليس طوائف متقابلة، بل نسيج من القيم؛ والسنة، بما يحملونه من اعتدال وروابط عربية، يمثلون صمّام أمان للهوية”.
ولفت إلى أن “لبنان لا يحتمل الغلبة، بل يقوم على التوازن. لا فضل لأحد على أحد إلا بما يقدمه للوطن، ومن يتوهّم امتيازًا يهدد السقف على رؤوس الجميع. الفساد أيضًا ليس تفصيلًا إداريًا، بل خيانة وطنية تأكل من عمر الدولة، ولا يُحاربه إلا من كان وفيًا لها”.
واعتبر أن “النار المشتعلة في سوريا ليست شأناً سوريًا فقط. الفتن لا تعترف بالحدود، وأمن سوريا من أمن لبنان. السلم لا يُبنى بالتفرج على دماء الجيران، بل بالدعاء والعمل والضغط لعودة الدولة واستقرارها”.
وأردف: “غزة اليوم تُحاصر كما حوصرت مكة والمدينة، ويُقتل أهلها جوعًا أمام صمت عالمي مريع. لكن الحصار إلى زوال، كما زال في شِعْب أبي طالب، حين هبّ أصحاب الضمائر. افتحوا قلوبكم قبل أن تُفتح حدودكم، وانصروها بما تستطيعون: بالكلمة، بالمال، بالدعاء، بالضغط، بالمقاطعة، بأي وسيلة”.
وأضاف: “ثقوا أن النصر قادم، وأن الجوع لن يطول، وأن ما بعد الشدة إلا الفرج، وما بعد الصبر إلا النصر. هذا وعد الله، وهو أصدق القائلين. ولا نامت أعين الجبناء”.
ورأى أن “القضية الفلسطينية ليست خبرًا يُستهلك، بل معيارًا للكرامة الإنسانية. غزة تنزف، والعالم في صمته شريك بالجريمة. الصوت يجب أن يُسمع في المحافل الدولية لا للتنديد فقط، بل للمحاسبة، ولا يجوز أن تمر هذه الجرائم بلا عقاب”.
وقال: “الموقوفون الإسلاميون جرح في ضمير العدالة اللبنانية. البراءة لا تحتاج سنوات لتثبت، والإدانة لا تُترك معلقة. العدالة المؤجلة ظلم مضاعف، وتسويف القضايا مساس بثقة الناس في الدولة والقضاء”.
وأضاف: “الحكومة أمام تحديات حقيقية، لكن الوقت لا يكفي وحده. كل لحظة تأخير تُدفع من وجع الناس. المطلوب خطوات لا شعارات، وحسم لا تردد. فلا أحد فوق القانون، ولا منطقة خارج سلطة الدولة. إن لم تبسط الدولة ظلّها على الجميع، سقطت تحت فوضى السلاح والانفلات”.
وأشار إلى أن “المشروع الصهيوني يعيش لحظة رعب وجودي. يحاول تثبيت خرائطه بالقوة بعدما كشفته عواصم الدعم، لكنه ينسى أن الخرائط لا تُرسم بالبندقية، بل بإرادة الشعوب. وحين تتعطّل السياسة، تتكلم المدافع، والمؤسسات الدولية في غيبوبة”.
وتابع: “في غزة، الجوع ينهش البطون، والقصف لا يتوقف. أطفال ينامون على الطوى، ونساء يتحمّلن الألم بصمت، ورجال أعياهم العجز. إنها مجاعة حقيقية تُرتكب بحق شعب أعزل، تحت حصار خانق وصمت عالمي مريب”.
وختم الرفاعي: “نوجّه نداءً عاجلًا للتبرع من أجل أهلنا في غزة، عبر جهات موثوقة نثق بها ونحترمها. التبرع اليوم واجب شرعي وأخلاقي، فكل تأخير قد يعني روحًا تُزهق أو طفلاً يموت جوعًا. فلنكن عونًا لهم بما نستطيع”.
