جدَّد مفتي محافظة بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي العهد بأن “يبقى لبنان وطناً واحداً لجميع أبنائه، متماسكاً بتنوعه، قوياً بوحدته، لا مكان فيه للكراهية أو الإلغاء، بل للمحبة والتكافل والتعاون؛ فبتضامننا نصون الاستقرار، وبانتمائنا الصادق نحفظ الأرض والكرامة، وبوحدتنا نبني مستقبلاً يليق بهذا الوطن”.
أضاف في خطبة الجمعة: “قال الله تعالى: “مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ”، فيها درس بليغ أن المجتمع الذي يسير على خطى النبي صلى الله عليه وسلم هو مجتمع متراحم متعاون، تتماسك فيه القلوب وتتحد فيه الجهود، فإذا انتصرت الرحمة بين أبنائه قويت الأمة وازدهر الوطن”.
تابع: “محمد صلى الله عليه وسلم نبي الصدق والرحمة، أرسله الله رحمة للعالمين، جمع بين صفاء الروح وقوة العقل، وبين نقاء القلب وصلابة الإرادة. نشأ أمينًا صادقًا قبل البعثة، وحمل الرسالة التي أخرجت البشرية من ظلمات الجهل إلى نور الهداية.
أقام التوحيد في القلوب وربط الناس بخالقهم ربطًا متينًا، محررًا إياهم من عبودية الأوثان والشهوات، وأعاد إليهم معنى الكرامة الحقيقية. بفضل دعوته صاروا أحرارًا في ضمائرهم، أعزاء في قيمهم، ثابتين على المبادئ.
ونوّه بمناقبيّة وفضائل الرسول الأكرم، فقال: “ربّى أتباعه على مكارم الأخلاق، فكانوا يحتذون به في الصدق والعدل والحلم والعفو والشجاعة والإحسان. لم تكن أخلاقه مجرد أقوال، بل حياة عملية شاهدوها في كل موقف، فصاروا يتعلمون منه الكمال الإنساني.
في إدارة الدولة كان قدوةً، فقد أسس مجتمعًا قويًا على العدل والشورى، حيث المصالح العامة فوق الخاصة. إدارة لبنان اليوم تحتاج إلى قيادة حكيمة تتحلى بالأمانة والصدق، تجمع الكلمة تحت سقف العدالة وسيادة القانون، بعيدًا عن المحاصصة والفساد.
بنى الدولة على الوحدة والتعاون، فآخى بين المهاجرين والأنصار، وحوّل الاختلاف إلى قوة، والتنوع إلى وحدة. إدارة لبنان اليوم تتطلب نفس الحكمة، أن يكون الجميع شركاء في وطن واحد، يعملون تحت مظلة العقد الاجتماعي العادل.
جاء مصلحًا عظيمًا يحرر العقول من الخرافة والنفوس من الانحطاط والمجتمعات من قيود الجاهلية، ففتح أبواب النهضة والرقي، وأرسى قواعد العلم والمعرفة، لتصبح رسالته منبع حضارة أنارت العالم.
شريعته شاملة ومتوازنة، لا تصادم العقل ولا تنفصل عن الفطرة، بل تحفظ حقوق الإنسان وتبني المجتمع وتضمن نظامًا متناسقًا للعالم. بقيت صالحة لكل زمان ومكان، وملاذًا لمن يبحث عن العدل والرحمة”.
وختم الرفاعي معتبرا أن “في شخصية محمد صلى الله عليه وسلم، اجتمعت كل صفات الإنسانية؛ نبي يوحى إليه، ومربٍ يزكي النفوس، وقائد يقود الجيوش، وحاكم يقيم العدل، وأب رحيم، وزوج مخلص، وصديق وفي، وإنسان كامل في رسالته. أثره خالد في القلوب والعقول، ومنهجه لا يَخبو نوره، بل يزداد إشراقًا مع الأيام”.
