Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الجمهورية: معركة «لَيّ أذرع» على الساحة التشريعية… حضور مصري يقتحم حلبة التصعيد والتهويل

كتبت صحيفة “الجمهورية”: الوضع اللبناني في نقطة الوسط بين أربعة مسارات متوازية، المسار الأمني يحكمه التصعيد الإسرائيلي والتفلّت المتمادي من اتفاق وقف الأعمال الحربية، وربطاً به، مسارٌ تهويلي تجنّدت فيه جهات داخلية وخارجية في شنّ حرب نفسية متعمّدة على اللبنانيِّين، تُنذِر بعدوان إسرائيلي وشيك على لبنان، وفي موازاتهما، مسارٌ يُقال إنّ فيه نافذة أمل، قد تتبدّى من حراكات ديبلوماسية منظورة وغير منظورة، لبلورة تسوية أو تفاهم ما لتبريد جبهة لبنان، وتندرج في سياقها زيارة رئيس المخابرات المصرية إلى بيروت. وبحسب معلومات قناة «الجديد» فإنّ زحمة الموفدين الدوليّين القادمين إلى لبنان اتسعت، إذ يصل المبعوث السعودي الأمير يزيد بن فرحان لبنان خلال الـ24 ساعة المقبلة. وأمّا المسار الرابع، فهو المسار السياسي الذي حكمت تعرّجاته وانقساماته واصطفافاته الحادة، بأن يتنقل من ساحة اشتباك إلى أخرى، وها هو في هذه المرحلة، يتأهّب لجولة اشتباك جديدة على حلبة الانتخابات النيابية.

العَين على الجنوب

أمنياً، العَين على الجنوب، في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المكثفة على الأراضي اللبنانية، بالتوازي مع تحرّكات عسكرية أعلن عنها الجيش الإسرائيلي بالقرب من الحدود مع لبنان، وأعطاها طابعاً روتينياً، فيما لم يستفق الداخل بعد، من عنف الحرب النفسية التي شُنَّت عليه في الأيام الأخيرة، وتجنّدت فيها بعض القنوات ومواقع التواصل الاجتماعي وبعض نجوم الشاشات ومدّعي التحليل السياسي، لترويج تهويلات تُنذِر بحرب إسرائيلية وشيكة على لبنان، حتى أنّ بعض هؤلاء لم يكتفوا بذلك، بل، وفي خطوة مريبة وخبيثة، شرعوا في تحديد «بنك الأهداف» الذي سيُستهدَف في هذه الحرب، ولا يقتصر فقط على استهداف «حزب الله».

وفي موازاة الأجواء التي تحدّثت عن ورود تحذيرات من جهات خارجية، من تحضير إسرائيل لعمل عسكري ضدّ لبنان، أكّد مرجع سياسي لـ«الجمهورية»: «أنا شخصياً لم أسمع بهذه الأمور إلّا من الإعلام، ثم إنّهم يتحدّثون عن حرب إسرائيلية على لبنان، فهل أوقفت إسرائيل عدوانها على لبنان ليتمّ الحديث عن حرب جديدة. فإسرائيل تواصل حربها واغتيالاتها وتستبيح الأجواء ليل نهار ولا أحد يردعها».

وأكّد المرجع، أنّ «التحذيرات إن وُجِدَت ليست مستغربة، إذ مع عدو كإسرائيل يجب أن تتوقع أي شيء، لكن ما هو مستغرب أن يواكَب عدوان الخارج بعدوان أخطر من الداخل، فمع الأسف كل التهويل الذي حصل في الأيام الأخيرة هو صناعة لبنانية، من قِبل أطراف، تبدو في ما تمارسه من توتير وتهويل، أنّها تحث الإسرائيلي على القيام بعدوان، حتى لا أقول إنّها تلوم الإسرائيلي لتأخّره في شنّ عدوانه».

الحضور المصري

في هذه الأجواء، يصل إلى بيروت اليوم رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، الذي كان في زيارة قبل أيام لإسرائيل، حيث التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ومن المقرّر أن يُجري لقاءات مع كبار المسؤولين اللبنانيِّين، وليس مستبعداً أن تشمل لقاءات مع جهات حزبية.

وسبق وصول رئيس المخابرات المصرية سَيل من التكهّنات، التي حمّل بعضها زيارته بُعداً قلقاً، مرجّحةً نقله رسالة تحذيرية إلى لبنان. فيما قارب البعض الآخر هذه الزيارة بأهمّية بالغة. وضمن هذا السياق، استبعد مسؤول رفيع ما تردّد عن أنّ «رئيس المخابرات المصرية قد ينقل تحذيرات إلى لبنان، لأنّه ليس الجهة الصالحة لنقل الهديدات أو التحذيرات، إذ إنّ لذلك قنوات ومصادر أخرى، سواء أكانت غربية أو أميركية أو غير أميركية، وتوم برّاك لم يقصّر في هذا المجال».

فيما أكّد مصدر ديبلوماسي لـ«الجمهورية»، أنّ هذه الزيارة بالغة الأهمية والدلالة في هذا التوقيت، والفرضية الأقرب إلى الواقع، هي أنّها لا تخرج عن محاولة للتأسيس لإطلاق المسار السياسي، وتُعبِّر عن دفع مصري نحو إحياء فرصة التسوية. ومثل هذه الزيارة المهمّة لا تتمّ سواء في توقيتها أو في مستوى الشخص الذي يقوم بها، بمعزل عن الأميركيِّين.

هذه الزيارة، كانت محور تداول بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون والسفير المصري في لبنان علاء موسى، الذي أكّد أنّه نقل إلى رئيس الجمهورية تأكيد «وقوف مصر الكامل والواضح إلى جانب الخطوات التي يتخذها لبنان»، مضيفاً أنّ «مصر لديها القدرة على تقديم يَد العون في هذا المجال». ولفت إلى أنّ «زيارة رئيس المخابرات المصرية إلى لبنان تدخل في إطار التنسيق الأمني والسياسي مع لبنان»، مؤكّداً أنّ «مصر تبذل جهوداً لتهدئة الأوضاع».

وزار السفير المصري أيضاً رئيس الحكومة نواف سلام، ودعا إلى أن نستغل حالة الزخم المصاحب لاتفاق غزة ونتائج اتفاق شرم الشيخ، لإنهاء الصراعات والنزاعات كافة في المنطقة.

عون: للتلاقي والحوار

وكان الرئيس عون قد أكّد أمام زواره أمس، على «التلاقي بين اللبنانيِّين». وشدّد على «أهمّية لغة الحوار في الحفاظ على الوطن. الحوار هو خيار اللبنانيِّين جميعاً، وجميعنا نعيش تحت سقف واحد، إمّا أن ينهار هذا السقف علينا جميعاً، أو نعمل لإعادة لبنان إلى عصره الذهبي».

ولفت إلى «أنّ لا وجود لأي انقسام بين اللبنانيِّين إلّا على مستوى الطبقة السياسية. لا نرى وجوداً لهذا الإنقسام الحاد على المستوى الشعبي بل على العكس، وخير دليل على ذلك الاتصالات التي وردتنا من مختلف الأطراف التي ترغب بالمساعدة في التحضير لزيارة البابا الذي سيزور لبنان أواخر الشهر المقبل. ولهذا الأمر أبعاد على مستوى التكاتف الوطني. وهذا لا يعني أنّنا لسنا في حاجة إلى حوار، فهو أساسي لإزالة رواسب الحرب الطائفية والمذهبية التي دمّرت لبنان، ونعوّل في ذلك على دور وسائل الإعلام كما على دوركم ونشدّ على أيديكم لتواصلوا هذه الرسالة؟».

وأضاف أنّ «الإمام موسى الصدر كان يقول إنّ مشكلتنا في لبنان تكمن في أنّنا نعمل للمصلحة الشخصية وليس للمصلحة العامة. وأنا أقول مهما كانت المشكلة ونوعها وحجمها، فهي لا تُحَل إلّا عبر الحوار والتحاور، وهذا ما أشدِّد عليه دائماً. ونحن جميعاً نتفيّأ تحت ظل العلم اللبناني ونحمل هوية واحدة، وحق الاختلاف مقدّس لكنّ حق الخلاف غير مسموح به. فولاؤنا يجب أن يكون للبنان وللمصلحة اللبنانية، وكل شخص على دينه الله يعينه. وهذا الاختلاف هو ثروة للبنان الذي وصفه البابا يوحنا بولس الثاني بوطن الرسالة، وإذا ما فقدنا هذا النموذج فيه، فتأكّدوا أنّه سيُفقد في المنطقة ككل».

معركة نصاب

سياسياً، مجلس النواب على موعد اليوم مع انعقاد جلسة تشريعية لمتابعة درس وإقرار مجموعة البنود المؤجّلة من الجلسة السابقة التي طيّرها النصاب، وكما هو واضح فإنّ هذه الجلسة تُشكّل ساحة مفتوحة لـ«معركة نصاب»، أو بمعنى أدق معركة «لَيّ أذرع» بين مجموعة النوّاب المصنّفين سياديِّين وتغييريِّين، والمتحمّسين لإشراك المغتربين في التصويت لكلّ أعضاء المجلس النيابي، وبين النواب المتمسّكين بإجراء الانتخابات النيابية في أيار المقبل على أساس القانون الانتخابي النافذ، الذي لحظ عند إقراره قبل الانتخابات السابقة إشراك المغتربين للتصويت لكل المجلس، لمرّة واحدة، وأكثر المتحمّسين لإقرار القانون بالصيغة التي أُقِرّ فيها آنذاك، هي الجهات السياسية والنيابية المعترضة عليه، والتي ثبت للقاصي والداني أنّ تباكيها ليس على حق المغتربين في التصويت، بل على مصلحتها. إذ إنّ هذه الجهات تعتبر أنّ هذا التصويت يمنحها الفرصة للربح الانتخابي وزيادة أحجامها على حساب سائر المكوّنات السياسية في البلد، ويمنحها أيضاً القوة الفصل في كل الإستحقاقات.

وبحسب الأجواء السائدة عشية الجلسة التشريعية، فإنّ الساعات الماضية عكست سباقاً محموماً بين طرفَي الاشتباك، تكثفت فيه اتصالات سيادية بهدف ربح معركة النصاب وتوسيع دائرة مقاطعي الجلسة، وبالتالي تطييرها كردّ على عدم إدراج اقتراح القانون الذي تقدّمت به، والرامي إلى منح المغتربين حق الانتخاب لكلّ أعضاء المجلس النيابي، فيما بدت في الجهة المقابلة مروحة الاتصالات في أعلى زخمها لتأمين نصاب انعقاد الجلسة.

وبمعزل عمَّن سيتمكن من تحقيق أكثرية تعطيل جلسة اليوم أو أكثرية انعقادها، فإنّ جبهة السياديّين قد تجد صعوبة في تحقيق هدفها لسبب بسيط، وهو أنّ مساحتها العددية لا تُمكّنها من التحكّم بالنصاب، فيما الوضع في المقابل يبدو أكثر يسراً في تحقيق أكثرية الانعقاد، وخصوصاً أنّ الكثير من النواب لا يماشون السياديِّين في موقفهم، لا بالنسبة إلى تصويت المغتربين، ولا بالنسبة إلى تعطيل التشريع، وتبعاً لذلك يبدو انعقاد الجلسة أكثر ترجيحاً، إلّا إذا حدث ما لم يكن في الحسبان.

لقاء مريح

وفي سياق متصل، وعلى مسافة أيام قليلة من زيارة وفد نواب اقتراح تصويت المغتربين لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في القصر الجمهوري في بعبدا، للمطالبة بمنح المنتشرين حق الانتخاب لكل المجلس النيابي، كان الملف الانتخابي أمس، محل بحث بين رئيس الجمهورية ووفد نيابي يمثل ثنائي «حركة أمل» و«حزب الله» وحلفائهما، ضمّ أعضاء «كتلة التنمية والتحرير» النواب علي حسن خليل، محمد خواجة، قاسم هاشم، غازي زعيتر، علي خريس وفادي علامة، وأعضاء «كتلة الوفاء للمقاومة» النواب: حسن فضل الله، حسين الحاج حسن، علي عمار وأمين شري، والنائب جهاد الصمد.

وأكّد الرئيس عون خلال اللقاء، «إنّني وانطلاقاً من احترامي لمبدأ فصل السلطات، أعتبر أنّ مجلس النواب هو الذي يُقرّر، لكنّ للمنتشرين حقاً علينا يجب احترامه، مشدّداً على أنّ ما يهمّني هو أن تجري الانتخابات في موعدها».

ووفق ما قال أحد أعضاء الوفد لـ«الجمهورية»، فإنّ أجواء اللقاء كانت إيجابية ومريحة، كرّر خلاله رئيس الجمهورية تأكيده على إجراء الانتخابات في موعدها، فيما أكّد الوفد على هذا الأمر، مشدّداً على إجراء الانتخابات وفق القانون النافذ، من دون الغوص في أي تعديلات، كمثل التي تُطرَح من قِبل بعض الجهات، والتي تتعنوَن بمصلحة المغتربين وحقهم في انتخاب كل المجلس، فيما حقيقة الأمر مغايرة، إذ يريدون أن يستعينوا بأصوات المغتربين ويستخدموهم جسراً يعبرون عليه فقط ليحققوا مصلحتهم وليس لأي أمر آخر، ويُريدون من الآخرين أن يفتحوا لهم هذا الجسر كرمى لسواد عيونهم، وهذا لن يحصل على الإطلاق، وكما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، «هناك قانون انتخابي نافذ وفلتجر الانتخابات على أساسه».

وإذ أشار عضو الوفد رداً على سؤال إلى أنّ رئيس الجمهورية أكّد على الجهوزية لإجراء الانتخابات في موعدها، لفت إلى أنّ ما سمعناه من وزير الداخلية يؤكّد على جهوزية الوزارة لإجراء الانتخابات في موعدها وبأعلى قدر من الحيادية والنزاهة، وقال: «كل الأمور شبه جاهزة لإجراء الانتخابات، ولا يبقى سوى بعض الإجراءات والتدابير التي يُفترض أن تقوم بها الحكومة، إذ لا يزال هناك متسع من الوقت، لتنفيذ البطاقة الانتخابية. أمّا ما يتصل بإجراء الانتخاب في دول الاغتراب لانتخاب 6 نواب يمثلون القارات الـ6، فقد سمعنا ترجيحات رسمية حول صعوبة إجراء هذا الأمر، مع أنّه في رأينا أنّ في إمكان الحكومة، وخلال الوقت الذي لا يزال متاحاً، (6 أشهر)، إنجاز الإجراءات المطلوبة لتحقيق هذا الأمر».

وبعد لقاء الوفد مع رئيس الجمهورية، تحدّث باسمه النائب علي حسن خليل أنّه «تمّت مناقشة قانون الانتخابات الذي حاز على الإجماع، واعتُبر إنجازاً في حينه، وعبّرنا عن أنّ هناك شرائح لا يمكن أن تمارس دورها في الخارج، ممّا يُعطّل أهم مبدأ وهو تكافؤ الفرص».

وشدّد على «أنّنا حريصون على إجراء الانتخابات في مواعيدها، ونتمنّى على الحكومة أن تلحظ عند نقاش القانون أنّ هذا الأمر سيؤدّي إلى شرخ وطني كبير».

ورداً على سؤال حول الجلسة التشريعية المقرّر انعقادها اليوم، قال النائب خليل: «رئيس مجلس النواب نبيه بري حريص على المجلس النيابي، وسنرى غداً مَن يُعطّل عمل المجلس».