Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الجمهورية: التصعيد الواسع مستبعد.. الداخل مصدّع سياسياً وانتخابياً… وكل شيء وارد

كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول:

لم يسبق للبنانيِّين أن انحدروا إلى هذا المستوى من انعدام الشعور بالأمان، كما هو حالهم في هذه الفترة، فالرياح السوداء تعصف ببلدهم من كلّ جانب، ونفخت في أجوائه نفير القلق ممّا تختزنه من عواصف ومفاجآت وسيناريوهات مجهولة، كأنّ البلد قد دخل في الإقامة الجبرية في حقل مزروع بالألغام والمفخّخات؛ إسرائيل تفرض جواً حربياً وتُهدّد بمزيد من الاستباحة والتصعيد، وفي موازاة ذلك، وضع داخلي هشّ، ومخلّع في كلّ مفاصله، يُسيّره عبث سياسي يزيده هشاشة وإرباكاً وارتخاءً عن قصد أو عن غير قصد، أو عن غباء، أو خبث متعمّد، فكلّها نتيجتها واحدة.

في السياسة، بعد قرار الحكومة بإعداد مشروع قانون انتخابي يُجيز للمغتربين التصويت لكل المجلس النيابي وإحالته على المجلس النيابي لدراسته وإقراره، من دون أن تُحدِّد موعداً محدِّداً لهذه الإحالة، تدخل المكوّنات السياسية في مرحلة تحضيرية للمعركة الكبرى التي تنتظر هذا المشروع في المجلس، إذ يحشد مؤيّدوه لإكمال ما يعتبرونه النصر الذي حققته أكثرية الحكومة لتمرير تصويت المغتربين في جلسة مجلس الوزراء أمس الأول الخميس، بنصرٍ موازٍ في مجلس النواب يفرض تصويت المغتربين لكل المجلس نافذاً في الانتخابات النيابية في أيار المقبل.

على أنّ الأجواء الموازية لهذا الفريق، تشي باستنفار جدّي، لما يُسمّيه رافضو تصويت المغتربين محاولة الإنقلاب الذي يهدف إلى العبث بالإستقرار السياسي، عبر محاولة تطويع القوانين لمصلحة جهات سياسية على حساب سائر المكوّنات والفئات الأخرى. ووفق ما يقول مصدر مسؤول في فريق ثنائي «حركة أمل» و«حزب الله» لـ«الجمهورية»: «بمعزل عمّا حصل في مجلس الوزراء، والنكث بالتعهّدات التي قُطعت، وتمّ الإلتزام بها حتى لحظة انعقاد مجلس الوزراء، فما حصل قد حصل، وأكّد أنّ ثمة مَن يُريد أخذ البلد إلى مشكل كبير، معتقداً أنّه بذلك يتمكن من تحقيق هدفه بإطباق السيطرة على البلد والتحكّم فيه».

ورداً على سؤال أجاب: «هم أرادوا المعركة، وإن استطاعوا أن يفرضوا إرادتهم فليتفضّلوا، ونحن بالتأكيد لسنا مكتوفي الأيدي، وكل الأمور واردة بالنسبة إلينا. وفي أي حال المعركة لم تبدأ بعد، والمهمّ ليست بداية المعركة، بل خواتيمها، وإنّ غداً لناظره قريب».

مائدة أهداف مفتوحة

أمنياً، البلد ما زال تحت تأثير يوم الخميس العاصف بالإعتداءات الإسرائيلية، والتهديدات التي تُطلقها المستويات السياسية والأمنية والإعلامية في إسرائيل بتصعيد واسع لا يقتصر على المنطقة الجنوبية، بل يتعدّاها إلى العمق اللبناني، وفي ظل هذا التفلت، تتعاظم المخاوف ممّا تبيّته إسرائيل للبنان في المرحلة المقبلة، على رغم ممّا تردّد عن إشارات خارجية توالت في الساعات الأخيرة، وقلّلت من احتمالات التدهور الأمني.

وإذا كانت تلك الإشارات تُفيد في جانب منها، بأنّ واشنطن ما زالت لا تحبّذ انزلاق الوضع إلى تصعيد واسع، إلّا أنّ ذلك على ما يقول مرجع سياسي لـ«الجمهورية»: «لا يعني ردع إسرائيل وكبح تماديها في الإعتداءات والإغتيالات، فالتركيز فقط هو على لبنان، وفي مقابل تُطلق يد إسرائيل لاستباحته».

وعلى حدّ توصيف المرجع عينه، فإنّنا أمام فلتان عدواني لا حدود لعصفه، فإسرائيل باتت تتعاطى مع لبنان كحقل رماية ومائدة أهداف مفتوحة (Open Buffet)، تختار منها الهدف الذي تريده في المكان الذي تريده، وتضربه ساعة تشاء، فتقصف القرى والبلدات في الجنوب والبقاع وغيرهما من المناطق، وتغتال مدنيِّين وتستهدف أماكن سكنية ومحالاً تجارية ومنشآت وبنى تحتية مدنية، والذريعة جاهزة «استهداف محاولة «حزب الله» إعادة بناء قدراته».

ومقابل كل هذا المنحى العدواني، يحظى بضوء أخضر، يوفّره انكفاء رعاة اتفاق وقف الأعمال العدائية عن لعب دورهم، وتعامي لجنة «الميكانيزم» المولجة الإشراف على تنفيذ هذا الاتفاق، عمّا تقوم به إسرائيل، فمنذ إعلان الاتفاق في تشرين الثاني من العام الماضي لم نلحظ جهداً صادقاً لردع هذا العدوان، وبتنا على يَقين بأنّ مطالباتنا بإلزام إسرائيل بهذا الاتفاق، لا تعدو أكثر من كلام فارغ، إذ ثبت بالملموس أنّ الدول، وفي طليعتها رعاة هذا الاتفاق، مسلّمون بتحرّر إسرائيل منه، وأكثر من ذلك يجارونها في عدوانها. فيما تكتفي لجنة «الميكانيزم» بأخذ العلم لا أكثر ولا أقل. وبمناسبة الحديث عن «الميكانيزم»، فلا يُسجّل لها أي موقف أو خطوة محسوسة في سياق مهمّتها الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف العمال العدائية، بل ما يُسجّل لها، هو أمر وحيد لا غير، وهو أنّها منذ تشكيلها غيّرت رئاستها ثلاث مرّات، وكلّ رئيس جديد لها يبدأ من جديد، وبديهي في هذه الحالة أن تتحضّر اللجنة إلى تغيير رابع في رئاستها.

اتصالات

على أنّ عدوان الخميس الواسع الذي استهدفت فيه إسرائيل عمق الأحياء السكنية في العديد من القرى والبلدات الجنوبية، واكبه، ما وصفته مصادر واسعة الإطّلاع لـ«الجمهورية»: «استنفار سياسي وحركة اتصالات ناشطة، فتحت الخطوط بين المستويات الرسمية وقيادة «اليونيفيل» ولجنة «الميكانيزم»، بالتوازي مع تواصل على أكثر من خط خارجي، وخصوصاً مع دول «الميكانيزم». وبحسب معلومات المصادر عينها، فإنّ «الجانب اللبناني تلقّى تأكيدات بإثارة موضوع المستجدات الأمنية مع الجانب الإسرائيلي، لكن من دون الحديث عن أيّ ضمانات لوقف الإعتداءات وعدم تجدّدها أو توسعها».

وبحسب المصادر عينها، فإنّ اللافت في موازاة تلك الاتصالات التي تؤكّد على الحاجة إلى ترسيخ الأمن والإستقرار على جبهة لبنان، وهو ما يُشكّل أولوية بالنسبة إلى الإدارة الأميركية، التي لا ترغب بأي تصعيد، هو تركيز تلك الدول على ثلاثة أمور:

الأول، استبعاد التصعيد الواسع، وأنّ ما يثار حول هذا الأمر بتحضيرات إسرائيلية لعمل عسكري ضدّ لبنان، يندرج في سياق الضغط المباشر على الحكومة اللبنانية لتسريع الخطى التنفيذية لقرار سحب سلاح «حزب الله».

الثاني، استفزاز «حزب الله» لإسرائيل، أولاً من خلال إعلان قادته أنّه دخل مرحلة التعافي وإعادة تذخير قدراته، وثانياً من خلال ما يقوم به من تحرّكات وإجراءات وخطوات تعتبر إسرائيل أنّها تُشكّل خطراً على أمنها.

الثالث، شعور إسرائيل من جهة بأنّ الظروف مؤاتية لها لفرض قواعد اشتباك جديدة، وخصوصاً في الجانب اللبناني من المنطقة الحدودية. ومن جهة ثانية بأنّ حرّية حركتها مطلقة في الأجواء اللبنانية، للعمليات والاستهدافات، وبأنّها متحرّرة كلياً من أي ضوابط تلزمها باتفاق وقف العمليات العدائية. ويبرز في هذا السياق، ما أبلغه أحد السفراء الغربيِّين إلى مسؤول كبير، إذ أوضح في معرض تحليله للوضع القائم، ما حرفيّته: «طالما أنّ نتنياهو يشعر بالإطمئنان، ولا أحد يردعه عن القيام بما يقوم به في لبنان، فسيستمر في القيام بما يقوم به بلا تردّد، وضمن هذا السياق، لا نستطيع أن نتوقع أنّه قد يوقف استهدافاته للبنان».

باريس: نزع السلاح صعب

إلى ذلك، دعا الاتحاد الأوروبي إسرائيل إلى وقف انتهاكاتها للقرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار، كما دعا «كل الفاعلين في لبنان، خصوصاً «حزب الله» إلى التحفّظ عن أي عمل يؤجّج الوضع».

إلى ذلك، أكّد الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال كونفافرو، أنّ بلاده تدعو إلى انسحاب إسرائيلي من النقاط الخمس، وتُدين كل الضربات الإسرائيلية التي توقع ضحايا مدنيِّين في جنوب لبنان.

وأضاف كونفافرو في تصريحات لـ«العربية»، أنّ تجريد «حزب الله» من السلاح هو مهمّة القوات المسلحة اللبنانية، مؤكّداً أنّ نزع سلاح «حزب الله» أمر صعب ويتطلّب جهداً يومياً، وأنّ فرنسا تدعم الجيش اللبناني بشكل كامل في هذا المجال.

وأشار المتحدث باسم الخارجية الفرنسية إلى أنّ باريس تدعم بشكل كامل خطة الحكومة اللبنانية المعروفة بخطة الخامس من أيلول، والمتعلقة بانتشار القوات المسلحة اللبنانية في الجنوب لاستعادة السيادة على هذا الجزء من الأراضي، والوصول إلى نزع كامل لسلاح «حزب الله»، مشدّداً على أنّ هذا الأمر مهمّ جداً بالنسبة إلى فرنسا.

وفي وقت سابق أمس، دانت فرنسا الغارات الإسرائيلية الأخيرة في لبنان، ودعت إسرائيل إلى «الانسحاب بأسرع وقت من جميع الأراضي اللبنانية». وأضافت الخارجية الفرنسية في بيان، أنّ «باريس تدعو جميع الأطراف إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار».

وفي سياق متصل، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، «أنّ الجيش الإسرائيلي يعتبر القرى القريبة من الحدود إرهابية»، لافتةً إلى أنّ «ارتفاع وتيرة الهجمات على لبنان، في الأسابيع الأخيرة، جاء نتيجة أنّ نزع سلاح «حزب الله» لا يتقدّم بالوتيرة المطلوبة».

عون

إلى ذلك، جدّد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون خلال استقباله أمس، وفد البنك الدولي، تأكيد «إلتزام لبنان باتفاق وقف الاعمال العدائية الذي تمّ التوصل إليه في شهر تشرين الثاني 2024 برعاية الولايات المتحدة وفرنسا، لكن للأسف، ووفقاً لهذا الاتفاق، كان من المفترض أن تنسحب إسرائيل كلياً وبشكل كامل من الجنوب بعد مرور 60 يوماً على الاتفاق، إلّا أنّها لا تزال تحتل 5 تلال، وهي تضاعف من اعتداءاتها على لبنان في ظل المزيد من التهديدات اليومية ضدّه وضدّ أبنائه».

وأثنى عون على «نهج البنك الدولي القائم على ربط التمويل بالإصلاحات، لما فيه من تعزيز للمساءلة وتحقيق للنتائج الملموسة»، مؤكّداً «إلتزام لبنان بالقيام بالإصلاحات، علماً أنّه يواجه الكثير من التحدّيات، لكن في المقابل أجرت الحكومة الكثير من التغييرات ولا يزال أمامها طريق طويل لتقطعه في هذا المجال»، لافتاً إلى أنّ لبنان يصبّ كل تركيزه الآن على إصلاح النظام القضائي لأنّه لا يمكن تنفيذ أي إصلاحات من دون وجود نظام قضائي قوي وفاعل»، وشدّد على «أهمّية بقاء البنك الدولي إلى جانب لبنان في هذه المرحلة الدقيقة، ومواصلة التعاون البنّاء لتحقيق التعافي والنمو المستدام».

وزار الوفد أيضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، وخلال اللقاء في عين التينة، قدّم الرئيس بري شرحاً تفصيلياً مسهباً على الخريطة التي أعدّها المجلس الوطني للبحوث العلمية، وتبيّن حجم الأضرار التي تسبّب بها العدوان الإسرائيلي على لبنان على مدى العامَين الماضيَين قبل اتفاق وقف إطلاق النار وبعده وفي مختلف القطاعات، لا سيما التدمير الكلي لعدد من القرى الحدودية مع فلسطين المحتلة بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية من طرقات ومؤسسات تربوية وصحية وسياحية وصناعية وقطاع الطاقة، فضلاً عن الخسائر التي مُنيَ بها القطاع الزراعي والأثر البيئي الناجم عن إستخدام إسرائيل للإسلحة المحرّمة دولياً.

سلام يردّ

من جهة ثانية، أكّد الرئيس سلام أنّ «لبنان يسير بخطى ثابتة نحو استعادة دوره الطبيعي في محيطه العربي». وأشار في كلمة له في قمة لبنان للتكنولوجيا والذكاء الإصطناعي، أنّ «عملية نزع السلاح وحصره بيَد الدولة ماضية، لكنّها تتطلّب وقتاً وتعاوناً وطنياً شاملاً»، موضحاً أنّ «المرحلة الأولى من خطة الحصر بدأت وتشمل منطقة جنوب الليطاني، حيث يُسجّل الجيش انتشاراً أكبر ويحقق تقدّماً ملموساً في منع تهريب السلاح والمخدّرات».

وردّ على بيان «حزب الله»، قائلاً إنّ «قرار الحرب والسلم هو حصراً بيَد الحكومة اللبنانية، التي تتحمّل وحدها مسؤولية حماية السيادة وتثبيت الاستقرار. التصعيد الإسرائيلي خطير ويهدّد الأمن الإقليمي»، مؤكّداً أنّ «الحكومة تسعى إلى الحصول على دعم عربي ودولي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، وتعزيز قدرة الدولة على فرض سلطتها الكاملة على أراضيها».