Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الخازن للوطنية : الفاتيكان غير معني بالتجاذبات السياسية بل بمعاناة الناس

تناولت الصحف الإيطالية موضوع لقاء البابا مع رؤساء الكنائس في لبنان. وسأل بعض الكتاب هل هو سينودس تلتقي فيه جميع الطوائف أم أنه لقاء لاتخاذ موقف موحد للكنائس بالنسبة الى الوضع السياسي في لبنان. والبعض اآخر سأل لماذا لم تتم دعوة أطراف إسلامية. وتوضح مصادر في الفاتيكان أن “اللقاء روحي تتخلله صلاة من أجل لبنان”.

التقت “الوكالة الوطنية للاعلام” سفير لبنان لدى الكرسي الرسولي الدكتور فريد الخازن، للاستفسار عن أهمية هذا اللقاء وأبرز معانيه، فقال: “اللقاء الذي دعا إليه الحبر الأعظم في الأول من تموز لا طابع سياسيا له، وليس ثمة أجندة خاصة يريد الفاتيكان تمريرها. فالفاتيكان لا يتبنى طرحا سياسيا معينا في الشأن اللبناني، وهو غير معني بتجاذبات المحاور السياسية، ولا يسعى طبعا الى أن يحل مكان المسؤولين اللبنانيين، فهم المعنيون باتخاذ القرار لوضع حد للأزمات المتفاقمة”.

أضاف: “إن اهتمام الكرسي الرسولي ينصب بالدرجة الأولى على معاناة الناس من أجل وضع حد للمسار الانحداري المتواصل، وخصوصا الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية، أي أن الاهتمام بالشأن المعيشي للناس، من كل الطوائف والمذاهب، يأتي في الصدارة. وهذا غير ممكن في ظل انسداد الافق السياسي. الجامع في اللقاء هو الهم اللبناني، والهدف مساعدة لبنان وشعبه بكل الوسائل المتاحة في المجالات الإنسانية والديبلوماسية وسواها، وتفعيل الدعم الدولي للبنان عبر تسليط الضوء على أوضاعه الصعبة. لذلك، فإن الحاجة الى حكومة مسؤولة في لبنان باتت اليوم تتجاوز الشأن السياسي التقليدي لتصل الى الحيز الوجودي. فبديهيات شؤون الحكم باتت حاجة ملحة للاستقرار في لبنان ولتماسك الدولة والمجتمع وأيضا لدعم المجتمع الدولي، وفي مقدمه الكرسي الرسولي الحريص على المساعدة دون أي مقابل”.

وتابع: “لا يمكن إعطاء اللقاء صفة السينودس، ولا يمت إليه بصلة شكلا ومضمونا. كما أنه لا يشبه السينودس الخاص بلبنان الذي دعا اليه البابا القديس يوحنا بولس الثاني في منتصف التسعينات، ولا السينودس حول الشرق الأوسط الذي أعلن البابا بندكتوس السادس عشر الإرشاد الرسولي الذي صدر عنه في زيارته الى لبنان في 2012. السينودس الكنسي مسار طويل يتضمن مراحل إعداد منظمة بمشاركة الإكليروس ومدعوين وخبراء من العالم كله، ومن ثم يتم إعلان الإرشاد الرسولي والاعداد لمرحلة ما بعد السينودس. وهذا يتطلب سنوات من التحضير، إداريا وروحيا، في حاضرة الفاتيكان وخارجها. والبابا فرنسيس دعا الى سينودس خاص بالخبرة “السينودسية”، ينطلق في تشرين الأول 2021 وعنوانه “Pour une Eglise synodale”. فلا حاجة لتفسيرات في غير محلها، أو إصدار أحكام مسبقة، وصولا الى إدعاء البعض معرفة مضامين المداولات بين المشاركين قبل حصولها”.

وقال: “رؤساء الكنائس المدعوون أكدوا حضورهم. والأهمية تكمن في مشاركة قداسة البابا شخصيا في اللقاء، ما يؤكد اهتمامه وقلقه على لبنان. وسيتضمن اللقاء صلاة مشتركة في بازيليك القديس بطرس، يتبعها كلمة البابا الختامية. والغاية من هذا اللقاء المسكوني في الإطار اللبناني جمع القيادات الروحية المسيحية المعنية بالشأن اللبناني وليس تغييب المسلمين. ببساطة، انه اللقاء المسيحي الأول حول لبنان الذي يضم الكنائس جميعها، ممثلة برؤسائها الكاثوليكية والأرثوذكسية والانجيلية، ولكل كنيسة خبرتها ورؤيتها والتزامها. وجمعها في هذا اللقاء محاولة إنتشال البلاد من أزمات يعاني منها جميع اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين. فلا داعي للتأويلات حول اقتصار اللقاء على القيادات الروحية المسيحية، لا سيما وان البابا فرنسيس لم يألو جهدا طيلة حبريته لمد الجسور والإنفتاح والتواصل مع كافة الأديان، وبشكل خاص مع المسلمين. وقد يفيد التذكير بلقاءات البابا مع شيخ الأزهر في مصر والفاتيكان وفي أبو ظبي، حيث تم إعلان وثيقة “الأخوة الإنسانية”، ولقائه الأخير مع المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني في مركز إقامته في النجف”.

أضاف: “قد يغيب عن بال البعض في لبنان ان طبيعة الأزمات الضاغطة التي تصيب الناس في الصميم، أي في حياتهم اليومية، افرادا وجماعات، لأي طائفة أو جهة سياسية انتموا، مختلفة عن التحديات التي واجهت لبنان في مراحل سابقة، أثناء الحرب وبعدها. لبنان اليوم ليس ساحة حرب، وما من طرف يريدها، بل ساحة صراع بين حق الإنسان بحقوقه المشروعة بالعيش الكريم وواقع العوز والإذلال والتخوف من مصير عنوانه المجهول، بما ان الآتي من الأيام قد يكون أعظم”.

وختم: “المسيحيون في لبنان مكون أساسي في نشوء الكيان. وهم، مع إخوانهم المسلمين، مؤتمنون على عيش مشترك سوي، يجسد رسالة الحرية والتعددية، حسب ما جاء في كلام البابا يوحنا بولس الثاني في أيلول 1989. وحرص البابا فرنسيس على صون هذه الرسالة وتحصينها. فلا رسالة ممكنة بلا ذاتية الكيان الذي تجسده الدولة. فالرسالة المرجوة بحد ذاتها لا تصنع الكيان ولا تقيم الدولة العادلة والفاعلة، فتصلح الخلل وتبني لمستقبل أفضل لأبنائها، فيستقيم العيش بكرامة الإنسان ويصان المشترك بالإرادة والالتزام.
لقاء التفكير والصلاة المرتقب، اذ يشكل حافزا لمزيد من التقارب والحوار بين المسيحيين، فإنه يعطي دفعا للتعاون المثمر مع المسلمين، وللعمل “معا من أجل لبنان” (together for Lebanon)، شعار هذا اليوم الفاتيكاني المكرس للبنان”.