Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الفرق بين سعد ونجيب ؟ : بقلم السيد صادق الموسوي

 

الفرق بين سعد ونجيب ؟
بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام ٢٠٠٥، والتطورات التي اعقبته جاءوا بولده سعد الدين من العاصمة السعودية الرياض ونصّبوه وريثاً لوالده رغم أنه لم يكن هو الإبن البكر ولم تكن له سابقة نشاط سياسي أيام والده.
وتسلم هذا الشاب الحّدَث زمام السلطة التنفيذية في لبنان من دون أن تكون له أية تجربة في الميدان السياسي اللبناني المعقّد جداً، فكان من الواجب أن يستعين بفريق مستشارين كانوا إلى جانب والده، لكن الواقع أن دور هؤلاء المستشارين اختلف كلياً مع الوريث، حيث أن تعامل الوالد صاحب التجربة الطويلة والجذور الضاربة في الأعماق مع أولئك المستشارين كان لمجرد الإستفادة من آرائهم وإغناء رأيه المبني على تلك التجارب، فيما الذي خلفه لا يملك بتاتاً أية تجربة ولم تعرفه الساحة اللبنانية أصلاً قبل ذلك، وتكون النتيجة أن تلك الآراء تكون هي مقدمة لاتخاذه القرار وليس مساعداً لتمتين الرؤية السابقة المبنية على تراكمات التجارب طوال عقود من السنين، ولذلك نرى اختلاف الشخصية بين رفيق الحريري وسعد الدين الحريري.
لقد نتج عن اختلاف الشخصية هذه أمور كثيرة نرى بالعين المجردة بعض آثارها، فلا تأثير لسعد على مراكز القرار الإقليمية والدولية كما كان لوالده، بل هو يحاول كسب ودّ تلك المراكز وهم يفرضون شروطهم عليه وهو لا يجرؤ على معارضتها أو حتى تعديل بعض أجزائها، بل وجدنا كيف تعاملت المملكة العربية السعودية معه، ولولا الأداء اللبناني من مختلف الجهات وتكاتف الجميع على اختلاف ميولهم وتناقض مبادئهم لما تم فكّ القيود عن سعد الدين الحريري وعودته إلى لبنان، لكن الوالد كانت له علاقات شخصية متينة وراسخة وتبادل مصالح متعددة مع كثير من أصحاب القرار في المنطقة وعلى الصعيد الدولي، فيما يواجه الولد مشاكل كبيرة وخطيرة داخل أسرته أيضاً، حيث ينافسه أخوه الأكبر بهاء الدين ويشاغب عليه، وهو يحاول الحضور في الساحة اللبنانية عبر إعلان مواقف متطرفة جداً ومتعارضة مع أخيه سعد، ويعمل على خرق صفوف أخيه وجمع مؤيدين له من بينهم وسحب البساط قليلاً من تحت قدمي أخيه سعد.
وفي هذ المجال يجد بهاء من يسنده ويسوّق له في الساحة الداخلية وفي بعض دول المنطقة، وهو أساساً يُطلق مواقفه من قلب العاصمة السعودية الرياض.
وعلى صعيد زوجة أبيه السيدة نازك أيضاً يواجه سعد مشكلة كبيرة إذ هي ترى نفسها الوارثة الطبيعية لزوجها رفيق الحربري بعد مقتله وسعداً تراه دخيلاً على الكيان الأسري الذي أسسته بعد ارتباطها برفيق عقب انفصاله عن والدة بهاء وسعد، وكانت هي الظل لزوجها في كافة المناسبات وتسير معه في جميع الرحلات وتبني مجدها من خلال اتخاذ الأدوار المختلفة في المجتمع طوال حضور رفيق الحريري في الساحة اللبنانية، ولم يكن لبهاء ولا لسعد أي حضور مشهود في تلك الفترة الطويلة.
وانقلب الوضع بين عشية وضحاها، وتسلم سعد الدين دفة الحكم في لبنان وسارع إلى تحجيم دور زوجة أبيه نازك، ففي البداية تم حظر تواجدها في لبنان كلياً، وهي أيضاً بدورها تواجه مشكلة مع ابنتها هند لا نريد الغوص فيها.
إن كل هذه الأمور جعلت سعد الدين الحريري يتخبط في مواقفه ويتعثر في تصرفاته، ويأخذه المستشارون يُمنة ويُسرة دون أن تكون له القدرة على التأثير فيهم ومقاومة آراء أولئك الذين لكل واحد منهم مصالحه الخاصة وارتباطاته وأجنداته ويحاول الإستفادة من موقعه داخل فريق عمل الحريري لكسب المنافع المادية وتدعيم كيانه وترتيب أوضاعه، ولا يهمه ماذا سيكون مآل سعد الدين الحريري وعاقبته الشخصية والسياسية والمالية.
وهذا الإتكال بالكامل والإنسباق وراء المستشارين بدل الإستفادة من آرائهم قد أدى إلى هذه النتيجة والتي اضطر الحريري إلى الخروج من الساحة السياسية وإفساح المجال أمام شخص آخر ليأخذ مفتاح السراي الحكومي بعد تسميته في الإستشارات النيابية المُلزمة.
أما نجيب ميقاتي ويسمى بـ ” رفيق الحريري ” الصغير بسبب ثروته المالية الكبيرة، فإنه يستمتع هذه الأيام على يخته في سواحل اليونان بعيداً عن التأثر بالأزمات الخانقة التي يواجهها الشعب اللبناني ويتلذذ بالهواء النقي هناك، وهو يحصل على كل ما لذّ وطاب من الماكل والمشرب وحوله عائلته وحاشيته يتنعمون به، ولا يسمع أصوات الجياع ولا صرخات المساكين، ولا يحسّ بالأزمة الإقتصادية والمالية التي تضغط على رقاب الشعب اللبناني حتى تكاد أنفاسهم تنقطع وينتقلوا إلى عالم الآخرة، وإذا بالوحي ينزل من الغرفة السوداء على جميع القوى في لبنان على اختلاف توجهاتها وسياساتها وحتى مبادئها بضرورة تسمية نجيب ميقاتي في الإستشارات النيابية المقبلة، وحتى لو رفض البعض تسميته فهذا لا يؤثر كما يقال في الأكثرية النيابية المضمونة له، وبعد هذا يدّعي هذا الفريق وذاك في الساحة وهذا الحزب والتنظيم وغيرهما بأنه حريص على السيادة اللبنانية ومتمسك باستقلال لبنان في قراراته.
إن نجيب ميقاتي صاحب الثروة الكبيرة والأموال الطائلة والشركات الضخمة المتعددة كيف يمكنه الإحساس بما يعانيه الذين لا يجدون ثمن ربطة الخبز، ولا يملكون المال ليدفعوه إلى صاحب المولّد الكهربائي ليضيؤوا منازلهم بالحد الأقل بعدما يئسوا من كهرباء الدولة، وإذا مَرِض أحد من أفراد أسرهم لا سمح الله واحتاج كبير الأسرة إلى دواء ليعالج أحداً من عياله فتكون المصيبة لانه لا يجد في الصيدليات أية أدوية، ويجب عليه البحث حتى عن حبة ” البندول ” فى عشرات الصيدليات لعل أحداً من أصحابها ” يرقّ قلبه ” ويعطيها له، وإذا اشتد المرض ووجب التوجه نحو المستشفى فهناك الطامة الكبرى، حيث المطالبة قبل كل شيء بمبالغ على الحساب تكسر الظهر، والإصرار يكون على الدفع بالدولار في أكثر المستشفيات، ثم تأتي فواتير الأدوية اللازمة للمعالجة والخدمات و ” البقشيش ” حتى يكون شيء من الإعتناء والإهتمام بالمريض، ويا ترى من أين يمكن أن يأتي المواطن العادي المسكين بكل هذا المال ليدفعه لصندوق المستشفى حتى تتم معالجة المريض من اسرته ؟!.
إن نجيب ميقاتي التاجر الثري لا همّ له إلاّ دعم شركاته، وتوسيع ثرواته، والحصول على مزيد من المليارات، وعليه فإن تسميته من قبل النواب وتكليفه من قبل رئيس الجمهورية لا يعني انفراجة في حال الرعية، فنجيب ميقاتي قد ترك الإهتمام بشؤون الناس وهمومهم من عقود، وهو يطمح ليرفع مستوى أمواله ليكون له موقع بين أغنى أعنياء العالم، وهذا يعني أن خلايا مخّه لا تفهم الأمور إلاً من زاوية الإقتصاد، وهو يريد جمع القرش فوق القرش ويكدس الدولار فوق الدولار، فكيف يمكن التوقع من هكذا شخص معالجة المشكلة الإفتصادية في لبنان، وإشباع بطون الجوعى، وإعادة سعر الليرة اللبنانية إلى سابق عهدها، وخفض أسعار السلع الأساسية ليتمكن المواطن العادي من شرائها ؟!،
وفي الختام أؤكد أن مجيء نجيب ميقاتي لا يحمل بشارة للمستضعفين ولا يرفع الحرمان عن كاهل المحرومين، بل يزيد فساداً على فساد الفاسدين، ويجد الفرصة ” ليحوّش ” مزيداً من الملايين، وهو سوف يستخدم السلطة لمصالحه الخاصة لا التضحية بمصالحه الخاصة في سبيل تأمين ” حاجيات ” المواطنين.
والإمام أمير المومنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو با ب علم رسول رب العالمين صلى الله عليه واله قد أكد على أن ” ما جاع فقير إلاّ بما مُتّع به غني “، فكيف لهؤلاء الأغنياء الذين يتمتعون بأموال الفقراء أن يكون نجاة الشعب من الفقر على أيديهم، وكيف لهؤلاء المترفين أن يكون رفاه المساكين عن طريقهم ؟!
السيد صادق الموسوي