Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

(مونديال قطر وصورة العرب)بقلم الدكتور علي عجمي

مونديال قطر وصورة العرب

ربما كان حلماً
أو يكاد
ربما كان وهماً كاذباً
أو يكاد
وإني لأقسم بالله
مثنى وثلاث ورباع
أنني ما كنت أصدّق ما أرى
وكنت أسأل نفسي
وأسأل غيري
هل ما نراه حقيقة
وهل ما تبثّه الشاشات
يحدث في الواقع
على أرض الواقع
وبقدر الفرح الذي كان يتدفق في أوردتنا
ونحن نتابع اللقاءات والحوارات مع الناس
كل الناس
من الجمهور الكبير الذي تدفق
لحضور مباريات كأس العالم في قطر
وبقدر الدهشة التي كانت تنتابنا
ونحن نسمع ما تجود به عفوية الناس قبل عقولهم
كانت أسئلة مرّة تجتاحنا
ذات اليمين وذات الشمال
هل الصورة التي تبدّت أمامنا هي صورتنا الحقّة
وهل الناس الذين تحدثوا وأسهبوا هم نحن
وهل فلسطين التي رفلت بثوب العرس
وتدحرج اسمها بنشوة على كل لسان
هي حقا عروس عروبتنا
يا الله ما أجمل ما رأينا
ويا الله ما أبشع ما تختزنه الذاكرة
يقول الشاعر العراقي الراحل مظفر النواب
هل عرب أنتم
والله أنا في شك من بغداد إلى جدة
لكن من تهادت أصواتهم وكلماتهم على أرض قطر في حب فلسطين
وكانوا كثراً
هم عرب عرب عرب حتى انقطاع النفس
كأننا نقف عند حد فاصل بين خطّين متوازيين لا يلتقيان أبداً
فهنا شعب عربي حقيقي
يحمل قضيّته في قلبه مثل أيقونة عشق
وهناك خونة باعوا القضية بقليل من الفضة
هنا شباب وصبابا بعمر شقائق النعمان الفلسطيني والياسمين الدمشقي
يصدحون بحب فلسطين
ويغنون لشعبها الصابر المقاوم
وهناك من يسعون جاهدين
لإهدار دم الشعب والورد والياسمين والقضية
هنا وجوه نيّرة تلهج حباً
كلما ذكر اسم العرب واسم فلسطين
وهناك وجوه مغبرّة تتنفس خيانة
ويتناثر من جباهها سواد الموت
هنا قلوب تشتعل كرامة وعزة وافتخارا
وهناك عقول سوداء متحجرة
فقدت كل ما يمت الى العزة والفخار
وباعت كرامتها على قارعة الهزيمة
**********
تُرى
هل يكون ما رأيناه في قطر
بداية ضوء لا بد أن يتواصل إشراقه
كي يمحو هذا السواد المطبق على أمتنا العربية
من ماء المحيط إلى ما الخليج
بل تراه يكون الضوء
الذي بدأ يظهر في آخر هذا النفق العربي الطويل
بعد أن ظننا أن لا نهاية له
وفلسطين العروس
التي كانت بحق نجمة المونديال
والتي خرجت من البطولة حاملة الكأس المشتهاة
كانت في الوقت نفسه
العنصر الجامع والموحّد
حول اسمها تحلّق الجميع
ونصراً لقضيتها
جرى طرد من تواجد من إعلام العدو
وجرى إفهامُهم بالعربية الفصحى وبكل لهجاتها
أن ليس لكم مكان هنا
وليس لكم مكان في فلسطين
وفلسطين هي ملك لناسها وأهلها الطيبين
**********
إن ما شاهدناه في كأس العالم في قطر
لم يبدّل فقط في النظرة النمطية
التي ينظر الغرب بها إلينا نحن العرب
وإنما قبل ذلك
غيّر من نظرتنا نحن إلى أنفسنا وإلى واقعنا
وعليه فإن الصورة المشتهاة للمستقبل العربي
نتمنى أن تكون مشابهة لما تابعناه في المونديال
وأن تكون واضحة وناصعة
ويزول عنها تدريجيا كل هذا السواد
**********
ربما كان حلماً
…. وكثيراً ما تصدق الأحلام
**********
د. علي عجمي