وخلال اللقاءات والاتصالات الرئاسية التي جرت خلال عطلة نهاية الاسبوع، وكان منها جولة رئيس الحكومة نواف سلام على كل من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، تمّ التشاور في مضمون ورقة برّاك، واتفق الرؤساء الثلاثة على تشكيل لجنة مشتركة ضمّت كلاً من ديديه رحال وجان عزيز وربيع شلهوب، عن رئيس الجمهورية، وعلي حمدان عن رئيس المجلس، وفرح الخطيب عن رئيس الحكومة.
وكُلفّت هذه اللجنة إعداد الأجوبة عن الأسئلة التي تضمنتها ورقة الموفد الأميركي ورفعها إلى الرؤساء الثلاثة ليطلعوا عليها ويقرّوها في صيغتها النهائية تمهيداً لتسليمها له عند عودته المقرّرة خلال الأسبوعين المقبلين. وقد عقدت هذه اللجنة لهذه الغاية اجتماعاً دام 5 ساعات وأُعدّت المسودة الأولى للأجوبة المطلوبة.
وعلمت “الجمهورية”، انّ ورقة برّاك لم تتضمن مطالب أميركية وإنما مجموعة أسئلة طلب من الرؤساء الثلاثة أجوبة عليها، وفحواها يتعلق بالموقف من إسرائيل، وماذا سيفعل لبنان في شأن سلاح “حزب الله” الذي يدور بحث في شأنه بين رئيس الجمهورية وممثلين لقيادة الحزب، وكيف ستكون علاقة لبنان مع سوريا في ظلّ السلطة الجديدة فيها، وما هو مصير الإصلاحات المالية والاقتصادية والإدارية غيرها التي وعدت الحكومة بإجرائها.
وفي المعلومات ايضاً، انّ قيادة “حزب الله” تلقّت نسخة من ورقة برّاك، وطُلب منها الإدلاء برأيها فيها، فاستمهلت المعنيين إلى ما بعد الانتهاء من مراسم ذكرى عاشوراء، وبعد ان يكون الرؤساء الثلاثة قد اتفقوا على مضمون معيّن للردّ على الأسئلة التي تضمنتها الورقة.
وقالت مصادر، إنّ كل ما يتمّ تداوله عن مضمون الورقة من جداول زمنية تضمنتها الورقة حول ملف نزع السلاح لا وجود له، لأنّها ورقة أسئلة وليس ورقة مطالب…
خلافاً للترويج
وإلى ذلك، أكّدت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية”، انّه وخلافاً لما روّجه البعض فإنّ اجتماع السبت بين الرئيس نبيه بري والرئيس نواف سلام في عين التينة كان جيداً وإيجابياً.
وأشارت المصادر إلى أنّ هناك حرصاً لدى الرؤساء جوزاف عون وبري وسلام، على أن يكون الردّ المرتقب على الورقة الأميركية متناسباً مع متطلبات المصلحة اللبنانية بالدرجة الأولى، موضحةً انّ الموقف الرسمي ينطلق من قاعدة أساسية وهي انّ لبنان نفّذ ما يتوجب عليه بموجب اتفاق وقف الأعمال العدائية، في حين أنّ تل أبيب تواصل انتهاكه.
ونفت المصادر أن تكون واشنطن قد حدّدت مهلة نهائية للمسؤولين حتى يتجاوبوا مع الطرح الأميركي المقترح تحت طائلة تحمّل العواقب في حال رفضه. وأشارت إلى “أنّ هناك في الداخل من يتعمّد ان يكون ملكياً أكثر من الملك، كما فعل من قبل في استحقاقات أخرى”.
تجاذب حاد
وفيما ينتظر الأميركيون أن يقدّم لبنان الرسمي جواباً عملانياً واضحاً وجدّياً إلى الموفد الأميركي توماس برّاك حول مسألة حصر السلاح بيد الدولة، خلال زيارته المنتظرة بعد نحو اسبوعين، تخشى أوساط ديبلوماسية أن يؤدي تباعد المواقف في هذا الملف إلى انفجار يتجاوز المستوى السياسي، بحيث تبرّر إسرائيل لنفسها الاستمرار في خروقها الدموية العنيفة، التي تتواصل يومياً، وتكلّف اللبنانيين أثماناً غالية.
وتوقعت مصادر سياسية عبر “الجمهورية” أن يتحول التجاذب الحاد بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة و”حزب الله” ولبنان الرسمي من جهة أخرى إلى عملية عضّ أصابع قاسية، بسبب الخلاف الجذري على أولويات برنامج التسوية المنوي تنفيذه. فالمعلومات التي ترشح عن موقف واشنطن مفادها أنّ تسليم “الحزب” سلاحه إلى الدولة يجب أن يكون هو الأولوية في أي برنامج حل، أي أن يسبق الخطوة الإسرائيلية بالانسحاب الكامل. وهذا الموقف مرفوض تماماً في بيروت. وقد عبّر “الحزب” أمس عن ذلك على لسان الوزير السابق وعضو المجلس السياسي في “حزب الله” محمود قماطي، الذي قال “إنّ أولويات لبنان الوطنية تبدأ بتحرير الأرض وعودة الأسرى ووقف العدوان الإسرائيلي قبل أي نقاش داخلي”. واتهم الولايات المتحدة بالتواطؤ مع إسرائيل، مؤكّداً “أنّ المقاومة والجيش التزما بما عليهما، وأنّ المطلوب الآن هو التزام العدو وراعيه الأميركي بتنفيذ القرار 1701”. وهذا الموقف أكّده أيضاً عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسين الحاج حسن الذي قال إنّ “لا مقايضة مع العدو الإسرائيلي تحت الضغط والاعتداءات”.
طريق جديد
وإلى ذلك، أكّد الموفد الأميركي برّاك، امس أنّ الحرب بين إيران وإسرائيل تمهّد لـ”طريق جديد” في الشرق الأوسط. وقال لوكالة “أنباء الأناضول” “أنّ سوريا ولبنان يحتاجان للتوصل إلى اتفاقات سلام مع إسرائيل، بعدما فتحت الحرب بين إسرائيل وإيران طريقاً جديداً للشرق الأوسط”. وأضاف: “أشار الرئيس أحمد الشرع إلى أنّه لا يكره إسرائيل (…) وأنّه يريد السلام على هذه الحدود. أعتقد أنّ هذا سيحصل أيضاً مع لبنان. إنّ اتفاقاً مع إسرائيل هو أمر ضروري”. وأكّد براك “أنّ قوات سوريا الديمقراطية “قسد” يجب أن تندمج في سوريا الجديدة”. وأضاف: “حكومة دمشق هي المحاور الوحيد في سوريا”. وقال إنّ “وقف إطلاق النار في غزة ممكن في المستقبل القريب”.
ترامب وخامنئي
من جهة ثانية، وعلى الجبهة الأميركية ـ الإيرانية قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب امس “قد نرفع العقوبات عن إيران إذا أبدت حسن النية”. وأضاف في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأميركية، “إنّ إيران لا تفكّر الآن بالعودة إلى المشروع النووي”، مضيفاً أنّها “مرهقة جداً”.
وقال: “إيران لم تملك الوقت لنقل اليورانيوم قبل الضربات الأميركية”.
وأوضح أنّ “الحرب الأخيرة كانت مكلفة على إيران، وكل صاروخ أطلقناه على إيران أصاب هدفه ودمّرنا المواقع النووية الـ 3″.
وأكّد أنّ إيران كانت على بعد أسابيع من الحصول على سلاح نووي و”ما كنت لأسمح لها بتخصيب اليورانيوم”. واعتبر انّ “التخصيب كلمة سيئة يجب أن لا تستخدمها إيران”. واشار إلى “أنّ دولاً عدة تود الانضمام للاتفاقات الإبراهيمية”، وأضاف: “لا أعلم إن كانت سوريا ستوقّع اتفاق تطبيع مع إسرائيل، لكنني رفعت العقوبات عنها وقد نرفع العقوبات عن إيران إذا أبدت حسن النية”.
من جهته، كتب المرشد الإيراني الأعلى للجمهورية الاسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي عبر حسابه على منصّة “إكس”: “ترامب بالغ في تهويله كالمعتاد في شرح ما حدث لأنّهم لم يتمكنوا من إنجاز شيء، وإن هذا يدلّ إلى رغبة بإخفاء الحقيقة”.
فيما قال علي لاريجاني مستشار خامنئي عن قصف منشأة فوردو النووية: “دعهم يفرحون.. ولن أقول أكثر من ذلك”.
“خريطة التطبيع”
في هذه الأثناء تطرّقت “القناة 14” العبرية القريبة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تقرير أمس، إلى خريطة الطريق التي وضعها وترامب للتطبيع في الشرق الأوسط خلال الأشهر القريبة المقبلة، تحت العنوان “سوريا أولاً”. وكشفت أنّه في الأسابيع الأخيرة، “حصل تقدّم ملحوظ في المحادثات مع النظام الجديد في دمشق”، مشيرةً إلى أن “الفهم السائد في تل أبيب وواشنطن هو أن أحمد الشرع لا يهتم كثيراً بإنهاء الحرب في غزة، وإنما يركّز أكثر على رفع العقوبات الأميركية عن سوريا”.
ونقلت القناة عن مصدر سياسي قوله: “هو بالتأكيد لم يتحوّل صهيونياً، لكن المصالح هي التي تُحدد مسار خطواته”.
في هذه الأثناء، يسعى الأميركيون بحسب “القناة 14” إلى ربط التطبيع مع سوريا أيضاً بتحسين العلاقات بين إسرائيل وتركيا.
وأضافت القناة: “على هذه الخلفية، يمكن ربما فهم تصريح توم برّاك- سفير الولايات المتحدة في أنقرة والذي يعمل أيضاً كمبعوث خاص لسوريا- عندما قال إنَّ الخلاف بين واشنطن وأنقرة بخصوص تزويد تركيا بطائرات F-35 قد يُحل قريباً”.
وأشارت “القناة 14” العبرية إلى أنّه “أما في ما يتعلق بلبنان، فالوضع أكثر تعقيداً، ويتوقف بدرجة كبيرة على نضوج المسار المتعلق بنزع سلاح “حزب الله”- وهو ما لم يتحقق بعد، لكن الحكومة في بيروت، وخصوصاً الإدارة الأميركية، لم تتنازل بعد عن هذا الهدف”.
وأوضح التقرير أنّه “في المرحلة التالية، من المفترض أن تنضمّ السعودية، لكنها لن تفعل ذلك إلاّ بعد انتهاء الحرب في غزة، بسبب الرأي العام داخل المملكة”. ونقلت القناة عن “مصادر في القدس قولها إنّ انتهاء الحرب من المتوقع أن يحدث خلال الأشهر القريبة، سواء عبر حسم عسكري أو من خلال صفقة استسلام من جانب “حماس”.
وقالت “القناة 14”: “في حال انضمت السعودية، فالمتوقع هو أن تلحق بها إندونيسيا أكبر دولة مسلمة في العالم، والتي انتُخبت فيها أخيراً حكومة مؤيّدة للغرب برئاسة برابوو سوبيانتو. ومن المحتمل أن تنجح السعودية لاحقاً بجلب أقرب حلفائها، باكستان ثاني أكبر دولة مسلمة”.
ولفتت في التقرير إلى أنه “أما بالنسبة لباكستان، فالأمور أكثر تعقيداً، سواء بسبب التيارات الإسلامية القوية داخلها، أو بسبب العلاقات الوثيقة بين إسرائيل والهند، وحالة الحرب أو التوتر الشديد بين الهند وباكستان”.
وختمت القناة تقريرها: “على أي حال، وفقاً للخطط الموضوعة في القدس وواشنطن، فإنّ كل ذلك من المفترض أن يحدث خلال النصف سنة إلى السنة القادمة، هدف طموح ومتفائل للغاية، لكن في ظل التغيّرات السريعة والدراماتيكية في المنطقة، خاصة بعد سقوط إيران، لا يمكن استبعاده”.
انفجار في واشنطن
في واشنطن، ذكرت تقارير صحافية أنّ انفجاراً كبيراً هزّ جنوب العاصمة الأميركية أمس وتسبب بسقوط ضحايا وأضرار مادية.
ووفق صحيفة “واشنطن بوست”، قُتل شخص وأصيب اثنان آخران في انفجار سيارة هزّ منطقة سكنية قرب واشنطن، وتسبب بأضرار في منازل مجاورة.
وقالت السلطات المحلية إنّ بعض المنازل معرض لخطر الانهيار، وتمّ استدعاء قوات الأمن إلى موقع الحادث، التي طوقت المكان ومنعت الاقتراب منه. فيما باشرت السلطات الأميركية تحقيقاً في سبب الانفجار الذي لم يرد مزيد من التفاصيل حول طبيعته وأسبابه.
