اكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، ان “لبنان ليس في خطر وكل المؤشرات الاقتصادية إيجابية”، معتبرا ان “الجو العام في المنطقة هو جو تسويات”، مشددا على “ضرورة ان نصل الى وقت تلتزم فيه إسرائيل وقف العمليات العسكرية ضد لبنان ليبدأ مسار التفاوض، لان هذا المسار الذي نراه في المنطقة يجب الا نعاكسه وقد سبق للبنان ان تفاوض مع إسرائيل برعاية كل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، ما أسفر عن إتفاق ترسيم الحدود البحرية”.
وشدد الرئيس عون على ان “للاهتمام بالجنوب والإصلاحات الأولوية، وان الاعمار هو واجب الدولة تجاه شعبها، فأهل الجنوب لهم على الدولة حقوق نعمل عل تأمينها”، نافيا ان تكون المساعدات التي وافق عليها الكونغرس الأميركي “مرتبطة بمسألة سحب السلاح”.
مواقف الرئيس عون جاءت في خلال استقباله قبل ظهر اليوم جمعية الإعلاميين الاقتصاديين برئاسة سابين عويس.
وفي مستهل اللقاء، تحدثت عويس عن “دور الاعلام عموما والاعلام الاقتصادي خصوصا في تكوين الرأي العام”، شاكرة للرئيس عون اللقاء معه، لافتة الى “أهمية توعية المواطنين، لا سيما في ظل الضياع الذي يعيشه اللبناني في هذه الأيام”.
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، مركزا على “أهمية الاعلام، خصوصا في المرحلة الراهنة”، داعيا الى “ان يكون الاعلام اللبناني مسؤولا لأنه يمكن ان يلعب دورا معمرا او دورا مدمرا”، وقال: “ثمة من روج ان زيارتي لنيويورك لم تكن ناجحة واني لم التق رؤساء دول او رؤساء حكومات، في حين ان الوقائع المثبتة في الاعلام تؤكد حصول اللقاءات، وبعض ما ورد في كلمتي امام الجمعية العامة للأمم المتحدة، استعادته وفود دولية زارتني مؤخرا، ومنها الوفد الأوروبي الذي حضر الى بيروت الأسبوع الماضي”، مشددا على ان “الحرية الإعلامية يجب ان تكون مسؤولة، لا سيما عندما تكون المصلحة الوطنية هي الأساس والتي لا يجوز ان تعلو مصلحة أخرى عليها”.
وردا على سؤال حول الوضع الراهن في المنطقة وانعكاساته على الوضع اللبناني، قال الرئيس عون: “الوضع السائد في المنطقة الان والمسار الذي تمر فيه، يدل على صوابية قراراتنا وتوجهاتنا. فالأمور تسير نحو التفاوض لإرساء السلام والاستقرار وهي تعطي نتائج، لذلك نقول دائما انه بالحوار والتفاوض يمكن الوصول الى حلول، ولا يمكن ان نكون نحن خارج المسار القائم في المنطقة، وهو مسار “تسوية الازمات” ولا بد ان نكون من ضمنه، اذ لم يعد بالامكان تحمل المزيد من الحرب والدمار والقتل والتهجير”.
وعن الوضع مع سوريا، قال: “نسمع كثيرا عن حشود على الحدود، فترسل قيادة الجيش دوريات ويتضح ان لا صحة لهذه المعلومات. ان اللقاءات التي اجريتها مع الرئيس السوري احمد الشرع كانت إيجابية، وخلال زيارة وزير الخارجية السوري يوم الجمعة الماضي لبيروت، تم تأكيد سلسلة مبادىء في اطار الإحترام المتبادل والتعاون والتنسيق على مستويات امنية واقتصادية. ولا بد من ان نطور علاقاتنا وهو ما اكدنا عليه لجهة تعيين سفير سوري في لبنان وتشكيل لجان تتولى درس الملفات، ومنها ملف الحدود البرية والبحرية ومراجعة الاتفاقات القائمة بين البلدين”.
وردا على سؤال، اكد الرئيس عون انه “سبق للدولة اللبنانية ان تفاوضت مع إسرائيل برعاية أميركية والأمم المتحدة، ما اسفر عن اتفاق لترسيم الحدود البحرية تم الإعلان عنه من مقر قيادة “اليونيفيل” في الناقورة. فما الذي يمنع ان يتكرر الامر نفسه لايجاد حلول للمشاكل العالقة، لا سيما وان الحرب لم تؤد الى نتيجة. فاسرائيل ذهبت الى التفاوض مع حركة “حماس” لانه لم يعد لها خيار آخر بعدما جربت الحرب والدمار. واليوم الجو العام هو جو تسويات ولا بد من التفاوض، اما شكل هذا التفاوض فيحدد في حينه”.
وسئل الرئيس عون عما اذا كان لبنان في خطر، فأجاب: “لبنان ليس في خطر الا في عقول بعض الذين يتخذون مواقف نقيض الدولة ولا يريدون ان يروا بان لبنان يقوم من جديد، لا سيما وان كل المؤشرات الاقتصادية إيجابية، ووزير الاقتصاد يتوقع نموا قد يصل الى خمسة في المئة آخر السنة والتدفقات المالية قد تصل الى 20 مليار دولار، والاستهلاك ارتفع، مما يدل على أجواء مشجعة. والوضع الأمني في لبنان افضل مما هو عليه في دول أخرى، وفصل الصيف كان واعدا وبلغ عدد زوار لبنان في شهري تموز وآب الماضيين مليون و700 الف شخص لبناني وعربي واجنبي استنادا الى إحصاءات الامن العام، وننتظر باهتمام بالغ زيارة قداسة البابا لاون الرابع عشر. المشكلة في لبنان ان البعض يريد حلولا سريعة، لكن 40 سنة من الازمات المتتالية والتعثر لا يمكن انهاؤها بسرعة، فاليونان مثلا خرجت من ازمتها الاقتصادية بعد 8 سنوات على رغم الدعم الذي قدمه لها الاتحاد الأوروبي وغيره من الدول. لكن التقدم ملحوظ في لبنان وقد وردت إحصاءات أجرتها مؤسسة “غالوب” أظهرته وأوردت ادلة حسية عليه. الحكومة تعمل بجدية وانجزت تعيينات عسكرية وإدارية ومالية وتشكيلات دبلوماسية وهي مستمرة في ذلك، والهيئات تم تشكيلها بعد سنوات طويلة من صدور قوانين تشكيلها”.
وعن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على لبنان، قال الرئيس عون: “إسرائيل مستمرة في توجيه الرسائل العسكرية والدموية للضغط علينا، ولعل قصف الجرافات وآليات الحفر في المصيلح يوم السبت الماضي خير دليل على السياسة العدوانية الإسرائيلية المستمرة ضد لبنان، في وقت تقيد لبنان بالاتفاق الذي تم التوصل اليه في تشرين الثاني الماضي، وطالبنا مرارا بتدخل أميركي وفرنسي لكنها لم تتجاوب. الان نأمل ان نصل الى وقت تلتزم فيه إسرائيل وقف العمليات العسكرية ضد لبنان، ويبدأ مسار التفاوض لان هذا المسار الذي نراه في المنطقة يجب الا نعاكسه”.
وردا على سؤال حول العلاقة مع الرئيس نبيه بري ومطالبته بادراج موازنة للاعمار في مشروع قانون موازنة 2026، قال: “انطلاقا من ضرورة حصول تناغم دائم بين المسؤولين، فعلاقتي مع الرئيس بري ممتازة، وكذلك العلاقة مع الرئيس سلام، ودوري كرئيس للجمهورية التوفيق بين مختلف وجهات النظر. اما بالنسبة الى موضوع الاعمار فهذا واجب الدولة اللبنانية تجاه شعبها، ونحن نحاول ضمن الإمكانات المتوافرة لدينا القيام بهذا الواجب من دون ان نتجاهل الظروف المالية الصعبة للدولة في الوقت الراهن. لكن مع ذلك فان الاهتمام بالجنوب له الأولوية والإصلاحات في محطات الكهرباء وخطوط النقل مستمرة، وكذلك محطات المياه. نعمل في الجنوب لان اهله من الشعب اللبناني وليس من الوارد اغفال هذه الحقيقة، واهل الجنوب لهم على الدولة حقوق ونحن نعمل على تأمينها. وأقول بصراحة ان لا أموال حاضرة الان لاطلاق عملية إعادة الاعمار ولا بد من انعقاد مؤتمر لدعم الاعمار وهذا ما نعمل لأجله”.
وعن الانتخابات النيابية المقبلة، قال: “ان دور رئيس الجمهورية هو السهر على تأمين اجراء الانتخابات، وانا مصر على اجرائها لانه استحقاق دستوري، لكن وفق أي قانون، فالامر متروك لمجلس النواب الذي له دور أساسي ويجب ان يلعبه. لا تنسوا مبدأ فصل السلطات. اما بالنسبة الى المنتشرين – انا لا أقول مغتربين- فلهم حق علينا في المشاركة في القرار السياسي، فهم ليسوا فقط لارسال المساعدات ودعم أهلهم في لبنان. اذا استطعت تقريب وجهات النظر حول قانون الانتخابات، فانا لن اتردد. انا مصر على اجراء الانتخابات، وكذلك الرئيسان بري وسلام، والنقاش حول القانون ميدانه مجلس النواب”.
وعن مسألة حصر السلاح، قال الرئيس عون: “السلاح ليس الأساس. بل النية في استعماله هي الأساس، ذلك ان الذخيرة مثل الدواء لها عمر وفاعلية، ومتى تجاوزت العمر المقدر لها تصبح خطرة على من يقتنيها. المهم هو نزع وظيفة السلاح، وهذه مسألة تأخذ وقتا وليس على قاعدة “كوني فكانت”. الجيش يقوم منذ اتفاق تشرين الثاني الماضي بدوره في جنوب الليطاني، وعدد الشهداء الذين سقطوا في صفوفه بلغ 12 شهيدا حتى اليوم بينهم خبراء متفجرات، ناهيك عن المهمات الموكولة اليه خارج جنوب الليطاني لاسيما على الحدود الشمالية والشرقية والحدود البحرية ومكافحة التهريب والمخدرات وحفظ الامن وغيرها من المهام. على رغم ذلك تم في جنوب الليطاني، “تنظيف” من 80 الى 85 في المئة من الأراضي. لكن لا يمكن تحديد وقت لان مساحة الجنوب واسعة، وفيه اودية واحراج وتلال وغير ذلك، إضافة الى ضرورة ان نأخذ في الاعتبار حالة الطقس مع اقتراب فصل الشتاء، ولا ننسى أيضا الوجود الفلسطيني الذي تتعامل معه الدولة والجيش على حد سواء، خصوصا مع بدء عمليات تسليم الأسلحة في عدد من المخيمات الفلسطينية. الجيش يقوم بواجبه كاملا، كذلك القوى الأمنية الأخرى تقوم بما هو مطلوب منها سواء على مستوى قوى الامن او الامن العام او امن الدولة في مجال مكافحة الفساد”.
وعن زيارته الأسبوع الماضي للهيئات الرقابية، قال الرئيس عون انه فوجئ بالاعداد القليلة للعاملين في هذه الهيئات على رغم ان مهامها أساسية، “وقد نقلت انطباعاتي الى مجلس الوزراء سواء لجهة ضرورة توفير الاعداد المناسبة للعاملين فيها، او إيجاد مجمع لها يمكن تمويل بنائه من الهبات الدولية. وعلى رغم كل الظروف فان خيار مكافحة الفساد لا رجوع عنه، والقضاء فتح ملفات عدة وهناك عدد من الموقوفين وهذا المسار لن يتوقف”.
وردا على سؤال، نفى الرئيس عون ان تكون المساعدات التي وافق عليها الكونغرس الأميركي والتي تبلغ 190 مليون دولار للجيش و40 مليون دولار لقوى الامن الداخلي، مرتبطة بمسألة سحب السلاح، وقال: “تبلغت من أعضاء الكونغرس الذين التقيت بهم في نيويورك ولاسيما السيناتور جاين شاهين ان هذه المبالغ رصدت، وعلى وزارتي الدفاع والداخلية في لبنان ان تحددا الحاجات ويتم رفع لائحة بها، وبعد الموافقة عليها يتم تصنيعها وترسل الاليات والمعدات الى لبنان. لا مساعدات مالية بالمعنى المباشر، بل شراء أسلحة واليات وتجهيزات تسلم الى الجيش وقوى الامن. واننا نراهن على انعقاد المؤتمر الذي سيخصص لدعم الجيش والقوات المسلحة الذي لم يحدد مكانه بعد. لكن الثابت هو وجود قرار بمساعدة الجيش وهناك تقدير كبير لدوره وللمهام التي يقوم بها”.
وردا على سؤال، اكد الرئيس عون “استمرار العمل لاعتماد البطاقة الالكترونية التي ستكون المدخل لخطة الرقمنة التي تجعل كل شيء مؤللا، وهذه الخطوة هي الأساس للقضاء على الفساد”.
وختم الرئيس عون لقاءه مع الوفد، موجها رسالة الى الشباب اللبناني، قال فيها: “الجيل الشاب هو جيل المستقبل. لبنان يتكل عليهم، فليكن ايمانهم كبيرا بوطنهم”.
المر
الى ذلك، شهد قصر بعبدا، سلسلة لقاءات سياسية ومصرفية، فاستقبل الرئيس عون النائب ميشال المر الذي قال بعد اللقاء: “تشرفت بلقاء فخامة رئيس الجمهورية، وقد هنأته على مواقفه الوطنية الصلبة، وأكدت خلال اللقاء على أهمية الموقف الذي صدر عنه بعد قصف إسرائيل لمنطقة المصيلح، وبما يتضمنه من رؤى ومضامين تعبر عن نهج واضح في استعادة الدولة لمؤسساتها وهيبتها. ويقيني أن هذا الموقف يشكل امتدادا طبيعيا لخطاب القسم، وخارطة طريق لإعادة بناء الدولة على أسس دستورية حديثة وعصرية”.
أضاف: “تداولت مع فخامة الرئيس في أبرز الاستحقاقات الدستورية والوطنية المقبلة، إلى جانب قضايا إنمائية واجتماعية تهم المواطنين في مختلف المناطق”.
حرب
وفي قصر بعبدا، المحامي مجد بطرس حرب الذي عرض مع الرئيس عون لشؤون سياسية ومناطقية، وكانت جولة افق في الأوضاع العامة في البلاد.
رئيس مجلس إدارة بنك “بيمو”
واستقبل الرئيس عون رئيس مجلس إدارة بنك “بيمو” الدكتور رياض عبجي، وعرض معه شؤونا اقتصادية ومصرفية.
