Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الجمهورية: حشود سياسية تمهّـد لمعركة تصويت المغتربين… عون من بلغاريا: مهمّة الجيش مصيرية

كتبت صحيفة “الجمهورية”: سؤال يؤرق الشريحة الواسعة من اللبنانيين: إلى متى يستطيع بلدهم أن يصمد أمام ما يتعرّض له من عواصف سياسية وأمنية من الداخل والخارج، وبعدما أنهكته الضغوط، هل ما زال يملك رصيداً ولو متواضعاً من قدرة التحمّل، وهل تبقّى أمامه سبيل للنجاة؟

الجواب لا يتطلّب كثير عناء، حيث أنّه يُقرأ بوضوح شديد في واقع لبنان الذي يتقلّب على صفيح التصعيدين الأمني والسياسي،، ومعلّق بحاضره ومستقبله على حبل الاحتمالات المجهولة؛ من جهة، مفخّخ بلغم إسرائيلي جاهز للتفجير في أي لحظة، وشراراته تتصاعد من عدوانية متمادية بالاستهدافات المتنقلة بين منطقة وأخرى والاغتيالات المكثفة، بمواكبة حرب نفسية متعدّدة المصادر والمنصات، تروّج لتصعيد واسع على جبهة لبنان، ومن جهة ثانية، مفخخ بلغم مزروع بين أنقاض واقع سياسي منخور بسوس الانقسامات والاصطفافات والرهانات، تُحشد له منذ الآن كل عوامل التفجير والاشتعال، تمهيداً للإشتباك الكبير المنتظر على حلبة الإنتخابات النيابية، التي تؤشر الوقائع المحيطة بها إلى أنّها مقبلة على ما يبدو أنّه تصعيد بلا ضوابط.

فتيل المغتربين

سياسياً، تبقى الأنظار مشدودة في اتجاه الحكومة، والخطوة المنتظرة منها على صعيد إحالة مشروع قانون تعديل القانون الحالي للانتخابات النيابية.

وفي انتظار إحالة هذا المشروع، وما سيتضمنه من تعديلات تقنية، والأسباب الموجبة التي سيستند إليها في تبرير إشراك المغتربين في انتخاب النواب الـ128، وما إذا كان هذا الإجراء يصبّ في خدمة البلد، او يصبّ في مصلحة فريق دون آخر، وتحقيق غلبته على سائر الآخرين.

عملياً، فالمشروع إن أحيل من الحكومة، له مسار يسلكه قبل طرحه على الهيئة العامة لمجلس النواب، حيث سيُحال حتماً إلى اللجان النيابية المعنية، وهذا مسار طبيعي، ولكن إلى أين يمكن أن يصل في ظل الأجواء المكهربة على كل الجبهات المعنية بالملف الانتخابي، فلا أحد يعلم.

وإذا كان المتحمسون لتصويت المغتربين قد استندوا إلى أكثرية عدديّة في مجلس الوزراء لتمريره، فهذا الأمر، وفق ما يؤكّد مصدر سياسي مسؤول لـ«الجمهورية»، «أمر طبيعي مع تركيبة الحكومة التي تبدو فيها الغلبة واضحة لفريق معيّن، والقرار الذي اتخذوه ليس نهاية المطاف بل هو خطوة في مسار بدأوه، ولكنهم لا يضمنون استكماله نحو تحقيق الهدف الذي يرجونه. ففي المجلس النيابي مسار طويل جداً، وثمة اقتراحات قوانين بالجملة مطروحة لتعديل قانون الانتخابات، وثمة اقتراحات أخرى قد تولد وتذهب إلى مديات أبعد من تصويت المغتربين، وباب النقاش مطروح حولها وربما لمديات زمنية طويلة».

ورداً على إعلان بعض نواب «السيادة والتغيير» بأنّ معركتهم المقبلة هي معركة الدفع إلى إدراج المشروع في الهيئة العامة، قال المصدر: «هم يكشفون نواياهم قبل وصول المشروع إلى مجلس النواب، هناك آلية دستورية وقانونية في كيفية إحالة المشاريع، وهناك اصول تُتبّع في مجلس النواب في التعاطي مع المشاريع، وهناك صلاحيات ليس في مقدور أحد أن يتخطّاها، ورئيس المجلس ملتزم بهذه الصلاحيات».

وأكّد المصدر، انّ «فريق تصويت المغتربين تعاطى مع هذا الملف بمنطق التحدّي، وثمّة في الحكومة من جاراه في تعديل قانون انتخابات نافذ ومعمول به، ولا سبب موجباً لتعديله، مع الأسف هم أصرّوا على الغلط، وارتكبوه عن سابق تصوّر وتصميم، وطبيعي أن يجد هؤلاء من يقول لهم لا، وانّ القانون الانتخابي يقوم على أساس العدالة وتكافؤ الفرص، وليس على أساس غلبة طرف على آخر، وإنّ القانون الانتخابي لا يمكن له أن يكون فرصة لبعض الحالمين ليزيحوا من طريقهم من يعتبرونهم عوائق او مطبات مانعة لتحقيق أهدافهم وأحلامهم وطموحاتهم المزمنة، للتحكّم بالواقع السياسي وكل استحقاقاته».

زيارة بلغاريا

على صعيد سياسي آخر، كانت بلغاريا أمس، محطة قصدها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في زيارة رسمية، التقى خلالها الرئيس البلغاري رومين راديف. واكّد في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس البلغاري، انّ الجانبين عرضا الآليات التنفيذية لفتح خط طيران مباشر بين بيروت وصوفيا، وزيادة الصادرات الزراعية والتبادل التجاري والتعاون في قطاع الطاقة. كما نوّه باتفاق الجانبين على دعم الجيش اللبناني وتقديم كل ما يمكن لمساعدته في أداء واجبه، معتبراً أنّ لبلغاريا إمكانات مهمّة في الصناعات العسكرية وإعداد الأطباء العسكريين.

وأكّد الرئيس عون أنّ مهمّة الجيش اللبناني مصيرية في هذه الظروف، مشدّداً على أنّه «وحده، من دون شريك له، لا من خارج الدولة ولا من خارج لبنان، عليه أن يبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحدودها ويفرض سيادتها الكاملة». ورأى أنّ ذلك يجب أن يواكب بمسار تفاوضي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وانسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها داخل لبنان، مذكّراً بأنّ لبنان سبق أن فاوض أكثر من عشر مرّات بإجماع القوى السياسية، كان آخرها بين 2020 و2022 لترسيم الحدود البحرية، وفي تشرين الثاني الماضي بهدف وقف الاعتداءات وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.

بدوره اكّد الرئيس البلغاري رومن راديف «جهوزية بلاده واستعدادها للمساهمة في تعزيز الشراكة مع لبنان وضمان الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط»، مشدّداً على انّ «بإمكان بلغاريا ان تلعب دوراً مهماً في إعادة إعمار لبنان والمساهمة في الزراعة والتعليم العالي والثقافة والاستثمارات والتجارة». كما اكّد «التوافق على أهمية التعاون في المجالين العسكري والأمني الثنائي»، مشدّداً على «دعم جهود لبنان من أجل إقامة السلام والامن والاستقرار في الشرق الأوسط».

وقال: «لقد ناقشنا عدداً من المسائل التي تخصّ منطقة الشرق الأوسط، وعبّرت مجدداً عن دعمي لجهود لبنان التي يبذلها من اجل إقامة السلام والامن والاستقرار، وكذلك ندعم الحوار بين الاتحاد الأوروبي ولبنان».

الوفد الأميركي

من جهة ثانية، تابع وفد الخزانة الأميركية ومجلس الأمن القومي في البيت الابيض برئاسة نائب مساعد الرئيس الأميركي لشؤون مكافحة الارهاب سيباستيان غوركا زيارته بيروت، وأجرى سلسلة لقاءات، حيث التقى رئيس الحكومة نواف سلام، الذي اكّد امام الوفد «التزام الحكومة باستكمال مسيرة الإصلاح، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وترسيخ سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية».

وكان لافتاً ما كتبه غوركا بالأمس، حيث قال: «الرئيس جوزاف عون هو الزعيم المسيحي للدولة اللبنانية متعددة الطوائف. لقد كان شرفاً كبيراً لي أن ألتقي به مجدداً مع جون هيرلي، بعد 17 عامًا حين كان مجرد العقيد عون، وكان أحد طلابي في جامعة سيدة اللويزة. لقد قطعتَ شوطًا طويلًا يا جوزاف، اليوم هذا القائد هو صديقي، وهو في موقعٍ يمكنه من المساهمة في تحقيق رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط في إطار اتفاقات أبراهام الجديدة والأوسع. لقد عانى لبنان طويلًا تحت النفوذ الشرير لإيران».

في سياق متصل، نسبت وكالة «فرانس برس» إلى مصدر لبناني قوله، بأنّ الوفد الأميركي الذي يزور بيروت لمناقشة سبل تجفيف مصادر تمويل «حزب الله»، وجّه رسالة «حازمة وواضحة» إلى المسؤولين اللبنانيين، طالبهم فيها بالعمل بشكل فعّال من أجل مكافحة تبييض الأموال» وقال: «وجّه الوفد الأميركي رسالة حازمة وواضحة جداً»، مطالبين السلطات بـ«أفعال حقيقية قبل نهاية العام». وأضاف: «طلب من السلطات اللبنانية أن تكافح تبييض الأموال والاقتصاد القائم على النقد، وإغلاق القرض الحسن».

تصعيد إسرائيلي وتهديد

منطقة الجنوب كانت على موعد أمس، مع جولة عدوانية عنيفة، تُرجمت بسلسلة غارات جوية عنيفة استهدفت مناطق لبنانية واسعة، حيث تركّزت على مناطق المحمودية والدمشقية والجرمق والعيشية واقليم التفاح، ومنطقة الشعرة في السلسلة الشرقية، بالتزامن مع تحليق مكثّف للطيران التجسسي في الأجواء، وتحديداً فوق الضاحية الجنوبية على مدى فترة ما بعد الظهر.

هذه الاعتداءات أشاعت جواً شديد التوتّر، ولاسيما انّها تواكبت مع سيناريوهات حربية يروّج لها الإعلام العبري، وتهديدات تتناوب على إطلاقها المستويات الأمنية والسياسية في إسرائيل، بأنّ إسرائيل لا تنوي وقف عدوانها طالما «حزب الله» يملك سلاحاً، ومستمر في محاولة تعزيز قدراته التسليحية، وانّها تعتبر هذا التصعيد وسيلة ضغط مباشرة على الحكومة اللبنانية لتنفيذ قرارها بنزع السلاح».

هذه الجولة العدوانية تندرج في سياق المسار التصعيدي الذي تنتهجه إسرائيل ضدّ لبنان، الّا انّ اللافت للانتباه في موازاة التصعيد والتهديد، تقرير نشرته صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، وتقول فيه «إنّ طبول الحرب تُقرع عند الجبهة الشمالية لإسرائيل، والحدود تسخن».

على انّه في موازاة مسار التصعيد والتهديد الإسرائيلي، قراءات وتحليلات تقارب الوضع كـ«تصعيد تحت السقف المنخفض»، حيث تؤكّد على ذلك إشارات من غير مصدر خارجي تقلّل من احتمالات التصعيد الواسع، وتتقاطع على استبعاده ايضاً تقديرات المحللين والديبلوماسيين، وخصوصاً، على ما يقول مصدر ديبلوماسي غربي رداً على سؤال لـ«الجمهورية»، انّه «بمعزل عن ادّعاءات القوة والقدرة من جانب هذا الطرف أو ذاك، فإنّ جميع الإطراف المعنية بجبهة لبنان، مأزومة وتعاني مستوى عالياً من الإرهاق والإرباك في آن معاً».

فـ«حزب الله»، يضيف الديبلوماسي الغربي، «في وضع صعب، وحصار مالي وتسليحي خانق، ويعاني من ضيق شديد، وضعف كبير، سواء في بنيته او في بيئته التي تؤكّد التقارير بأنّها محبطة وفي معاناة خانقة، ويحاول أن يخفي ذلك بعناوين كبرى غايتها تطمين هذه البيئة ورفع معنوياتها، وهذا الواقع فرض عليه الإنكفاء وتجنّب الإنزلاق إلى تصعيد، وهو ما درج عليه منذ إعلان اتفاق وقف العمليات العدائية في تشرين الثاني من العام الماضي، وأعاد في الآونة الأخيرة تجديد التزامه بمندرجات هذا الاتفاق، ما يعني انّ «حزب الله» ليس في موقع البحث عن حرب».

واما إسرائيل، يتابع الديبلوماسي عينه، «فهي من جهة، غارقة في أزمة داخلية غير مسبوقة، مرشحة لأن تتفاقم بشكل كبير جداً مع اقتراب انتخابات الكنيست، ومن جهة ثانية، لم تصل بعد إلى النهاية التي ترجوها في قطاع غزة، ومن جهة ثالثة، إنّ جبهتها الشمالية مع لبنان مفتوحة، من دون قدرة على الحسم بالشكل الذي يمكّنها من فرض واقع جديد أو تثبيت قواعد جديدة في الجانب اللبناني من الحدود. واما بالنسبة إلى التصعيد الواسع، فثمة ثلاثة اسباب تعزز احتمال عدمه، اولاً، انّ إسرائيل بما تقوم به اليوم تجاه لبنان، كناية عن تصعيد بلا أكلاف، وبالتالي أي تصعيد واسع يجرّ إلى مواجهة، قد يجعل إسرائيل تدفع فيها اكلافاً، وثانياً، انّ المؤسسة العسكرية في إسرائيل، منقسمة في الرأي حول التصعيد الواسع مع لبنان، وثالثاً، وربما هنا الأساس، وهو انّ واشنطن التي وضعت ثقلها لإطفاء نار غزة، لا تبدو مستعدة لتغطية مثل هذا التصعيد وإشعاله على جبهة لبنان، بل تضع في اولويتها صياغة تسوية، وقد لا يتأخّر الوقت كثيراً لبلوغها».

ضغط على الجيش

إلى ذلك، أفاد ثلاثة مسؤولين أمنيين لبنانيين ومسؤولان إسرائيليان وكالة «رويترز»، بأنّ «إسرائيل تضغط على الجيش اللبناني ليكون أكثر صرامة في تنفيذ حصر سلاح «حزب الله» من خلال تفتيش ممتلكات خاصة في الجنوب بحثاً عن أسلحة». وقال المسؤولون الأمنيون اللبنانيون: إنّ «هذا الطلب طُرح في الأسابيع القليلة الماضية ورفضته قيادة الجيش اللبناني، خشية أن يؤدي إلى إشعال فتيل نزاعات أهلية وعرقلة استراتيجية نزع السلاح التي يرى الجيش أنّها استراتيجية تتوخّى الحذر لكنها فعّالة».

وأفاد مصدران مدنيان لبنانيان مطلعان على عمليات الجيش للوكالة، أنّ «تمشيطاً للوديان والأحراش أدّى إلى العثور على أكثر من 50 نفقاً ومصادرة أكثر من 50 صاروخاً موجّهاً والمئات من قطع الأسلحة الأخرى». لكن المسؤولين الأمنيين اللبنانيين قالوا إنّ «خطة الجيش لم تتضمن أبداً تفتيش ممتلكات خاصة».