Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

يا بعضي الكثير : بقلم رنا اسعد

 

توجتك يوم ملّكتك حشاشة كبدي أميراً على زهيرات بقائي …
فأينَعت أيامي بك، وتعطّرت ساعاتي بوجودك تنمو وتكبر ،
وتدرجت خطواتك على سهولٍ عشقناها معاً، وكانت لنا السكينة والأمل..

هل تذكر كيف كنا ننسج الحكايات ونطرّزها فصول ذكريات وتخاريف؟
ونلوّنها بأحلام سرعان ما أدركناها مزيّفة لن تتحقق.
فالحياة لها تصاريفها، ولها مفاصل تغرقنا بفصول وهم،
فلا ترحل…
ولأنك أنت ريشة بقائي، رسمتك قمراً يضيء لياليّ، وزرعت بأوتار اسمك صبوة أحلامي، فكنت في خميلة العمر ببهائها أتعطر.

كيف تجرؤ على اقتراف البعد وقد تعاهدنا أمام تتابع الأيام أن نبقى معاً… تضمّك روحي بجناحيها ، فنرفرف غرّيدين في فضاء يحميك من نائبات الدهر، ويعطيني من نبض شريانك ترياقاً يحببني بمواصلة الحياة.
يا بعضي..
هل تراني أستجديك بقاءً..؟
هل بحت لك بأن بعدك عني يضني روحي ألماً، ويفتت كل خليّة لك تمازجنا فيها حتى حدود الروح؟.
إن غبت عني، فأنا بعدك بقايا أرض يابسة تنتظر إطلالة نسمات تأتيها بنبأ عنك من البعيد ، ليهطل على أطلالها غيثاً يحييها، فهل تراها تورق أملاً بلقاء..؟
ما بال الكلمات تعثّرت وابتليت بالجفاف، وبحّة الناي غدت سكرى..
فلا أوصلت لي من الحزن نغماً، ولا نبضت لحناً على أنين وتر..
بهت بريق النجوم، وأثقلت السماء بمزن لا تمطر، وغدوتُ عيوناً لا تبصر، فلا رحمت القسوة أيامي، ولا اشتبكت أوراقي بجوى المعاني..
وإن كان لا بد من الرحيل … فلا تتأخر…

النوارس لا تفارق شواطئها.. تحلق بعيدا عن أعشاشها. تغفو في رحلاتها اليومية قريباً من صفحة الماء، توشوش الموجات بأهزوجة فرح الإقامة، فتهدهد سكون البحر في أمسيات الشوق والحنين، ثم لا بد تعود إلى أعشاشها.
إذا كانت الغربة نافذة تطلّ منها على شمس عالمك المأمول، فهي قاسية على روحي.. مشرعة لقتلي، وأنا من رسمتك مرآةً لذاتي، وكنت حلمي الدافئ، وفي صحوتي رفيق دربي وأنيس غربتي.
أينعت كلماتك على عتمة قلبي تداعب جدائل الأمل. فخفقت روحي تداري ما بي وأنت بها أدرى..
أتوارى من عينيك إلى ركن أشق فيه صمت لوعتي من فراقك.. فلا ترحل…
يا قلبي المتعب من تكرار الرحيل ومتاهات الضياع، هل اقتربت مواسم الفناء..؟
كلما خالطتني تلك المشاعر، أرى وجه القمر في تفاصيل وجهك، ترسم طيوف ابتسامة تمازحني.. تضحكني.. تشاكسني … فأشكو لك عليك … ومنك أتذمر.

العمر ينقضي سريعاً كومضة برق، وسريعاً ما تتبخّر قطرات الندى عن أجنحة الورد، فلا تبخل عليّ بلمسة توقظني من غفوة الصمت، كي أبقى مزهرةً بكَ رغم هدير العواصف، فقد علّمتني الأيام كيف أنحني ولا أتكسّر.!
إن كنت قمراً سراجاً يضيء أسحار المحبين، فأرضي يا أمنيتي، ما زالت تضيء ببراءة طفل، وبريق عينيه في موطن أمانه.

يا بعضي الكثير..
أرجوك بصمتي المكلوم أن لا تملّ من جنون كلماتي، ولا تلتفت لرجائي، ولا تدع رغبتي بامتلاكك تقصيك عن مواصلة حلمك … فأنا عاشقة ..  إن غادرها رفيق الفؤاد تحزن، وإن وخزته شوكة ألم تتحسر…
أرجوك لا تتأخر…

رنا أسعد