كتبت صحيفة “الجمهورية”: تقرّر أمس أن ينعقد مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل، في جلسة سيطرح فيها موضوع السلاح تحت عنوان «استكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري في شقّه المتعلق ببسط سيادة الدولة على كل أراضيها بقواها الذاتية حصراً، إضافة إلى البحث في الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية لشهر تشرين الثاني 2024، والتي تضمنت ورقة السفير توم برّاك أفكاراً بشأن تطبيقها»، على حدّ ما أعلن رئيس الحكومة نواف سلام، في الوقت الذي تبلّغ المسؤولون عبر أقنية ديبلوماسية مختلفة، رفض إسرائيل وقف الأعمال العدائية، وانّ الموفد الرئاسي الأميركي توماس برّاك لن يعود قريباً.
وأكّدت مصادر السراي الحكومي لـ«الجمهورية»، انّ مشاورات مكثفة تجري بين بعبدا والسراي وعين التينة للاتفاق على سيناريو جلسة الثلاثاء، والتي لم يتقرّر بعد مكان انعقادها، في بعبدا او السراي.
وكشفت المصادر، أن لا عودة لبراك قريباً، ولم يتبلّغ لبنان زيارة مرتقبة له، ولم يعد هناك من ردّ ننتظره فما يريد قوله عبّر عنه في تغريداته عبر منصة «إكس».
وعلمت «الجمهورية»، انّ برّاك أبلغ المعنيين انّ إسرائيل رفضت وقف الأعمال العدائية في المرحلة الأولى التي تمتد 15 يوماً، يتمّ في خلالها إعادة تفعيل آلية الإشراف على تنفيذ وقف اطلاق النار والقرار الدولي 1701 وترتيب المرحلة الثانية. كما انّ «حزب الله» لم يرض بإعطاء أي التزام في موضوع السلاح طالما أنّ اسرائيل مستمرة في احتلال الأرض والاغتيالات، وانتهى الأمر عند هذه النقطة.
وأكّد مصدر سياسي بارز لـ«الجمهورية»، انّ نقطة الخلاف الظاهرة حتى الآن، هي أنّ الجدول الزمني لتسليم السلاح المطالبة الحكومة به لم يتقرّر بعد، لكن جوهر الأمور هي انّ هناك من يريد استضعاف لبنان وكسر إرادته. وأضاف المصدر: «هناك اتفاق حصل في 27 من تشرين الماضي، نفّذنا 90 في المئة منه والعدو 25 في المئة، فأين العدل والمنطق في إدانة لبنان ورمي الحرم على إسرائيل، وإذا تعذرت الضمانات في إلزام العدو بتطبيق الاتفاق والقرار 1701 فكيف نضمن خريطة الطريق الأميركية الجديدة التي حملتها الموفدة الأميركية السابقة مورغان اورتاغوس ثم الموفد برّاك؟».
وذكر المصدر «انّ إسرائيل أخذت مرّتين Extension والثالثة مفتوحة، والحكومة تبّنت الاتفاقات السابقة والحالية، والجيش قدّم خطة انتشار تعوقها إسرائيل، وكل الخارج من دون استثناء يكيل المديح للجيش، فكيف يتنكرون لالتزاماته؟ وعلى أي أساس يريدون منه استكمال المهمّة طالما لا يستطيعون إلزام إسرائيل بشيء؟».
ورأى المصدر «انّ تجربة الاتفاق الأول ليست ناجحة. وطالما ورقته تقرأ سطراً «إيه» وسطرين «لا» لن تحلّ المشكلة، والمطلوب ان تبدأ إسرائيل بتنفيذ النقاط الـ13 الموجودة في اتفاق وقف إطلاق النار كما التزم لبنان بها».
ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر مطلعة، أنّ واشنطن تكثف الضغط على بيروت للإسراع بإصدار قرار رسمي من مجلس الوزراء يلزمه بنزع سلاح «حزب الله» قبل استئناف المحادثات في شأن وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان.
وذكرت المصادر، (وهي مسؤولان لبنانيان ودبلوماسيان ومصدر لبناني مطلع)، أنّه «إذا لم يقدّم الوزراء اللبنانيون التزاماً علنياً، فإنّ الولايات المتحدة لن ترسل المبعوث الأميركي توم برّاك إلى بيروت لإجراء مفاوضات مع المسؤولين اللبنانيين. ولن تضغط على إسرائيل لوقف الغارات الجوية أو سحب قواتها من جنوب لبنان».
وأضافت المصادر «أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري، طلب من الولايات المتحدة ضمان وقف إسرائيل ضرباتها كخطوة أولى من أجل التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار الذي تسنّى التوصل إليه العام الماضي، وأنهى قتالاً دام شهوراً بين «حزب الله» وإسرائيل».
وقالت المصادر «إن إسرائيل رفضت اقتراح بري بوقف ضرباتها على لبنان».
معوقات سياسية
وفي السياق نفسه، تحدثت مصادر نيابية لـ«الجمهورية» عن معوقات سياسية تعترض انعقاد جلسة لمجلس الوزراء تُخصّص لملف سلاح «حزب الله»، أبرزها أنّ هذه الجلسة ستهدّد بخلق انشقاق سياسي كبير لن يتحمّله البلد في ظروفه الحالية الدقيقة، وبإمكان سقوط الحكومة برمتها، نتيجة الهوة العميقة التي ستظهر في هذه الجلسة بين طرفين متناقضين.
وقالت المصادر، إنّ السبيل الأضمن لمعالجة الملف يبقى في الحوار الذي التزمه رئيس الجمهورية جوزاف عون مع «الحزب»، والذي يتشارك فيه أركان الحكم مجتمعين، ما يخلق مظلة سياسية ذات بعد وطني جامع، تبعد مخاطر الصدام الأهلي في هذا الملف الحساس.
لكن المأزق الذي سيواجهه الجميع في المرحلة المقبلة سيكون رفع مستوى الضغط الخارجي على لبنان، سواء ديبلوماسياً واقتصادياً من جانب الولايات المتحدة وحليفاتها أو عسكرياً من جانب إسرائيل.
سلام
وكان رئيس الحكومة نواف سلام اعلن أمس، «تأجيل جلسة مجلس الوزراء إلى الثلاثاء المقبل، بسبب الدعوة إلى جلسة تشريعية يوم انعقادها الذي كان مقرّراً غداً الخميس، تزامناً مع الموعد الأسبوعي لجلسة مجلس الوزراء ومشاركة الحكومة فيها».
وأشار سلام إلى أنّ «مجلس الوزراء سيعقد جلستين خلال الأسبوع المقبل، وسيكون على جدول أعمال الجلسة الأولى موضوع استكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري في شقه المتعلق ببسط سيادة الدولة على كل أراضيها بقواها الذاتية حصراً، والذي بدأ النقاش بشأنه في جلسة 17/4/2025، إضافة إلى البحث في الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية لشهر تشرين الثاني 2024، والتي تضمنت ورقة السفير توم برّاك أفكاراً بشأن تطبيقها».
السفير الأميركي الجديد
وفي غضون ذلك، أعلن مرشح الرئيس الأميركي لتولّي منصب سفير الولايات المتحدة في لبنان ميشال عيسى، أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، أنّه إذا تمّت المصادقة على تعيينه في منصبه فإنّه سيعمل مع الرئيس اللبناني جوزاف عون والحكومة اللبنانية والجيش اللبناني لضمان إستعادة سيادة لبنان بشكل كامل. وشدّد على أنّ «نزع سلاح «حزب الله» ليس اختيارياً ولكنه ضروري ووقت العمل هو الآن».
وأعلن عيسى عن تخلّيه عن جنسيته اللبنانية. وقال «دعوني أكون واضحاً، فإنّ التزامي بهذه المهمّة وخدمة الولايات المتحدة مطلق. ولتفادي أي تضارب في المصالح وللبرهان بأنّ ولائي هو بالكامل للولايات المتحدة الأميركية، فقد تخليت إرادياً عن جنسيتي اللبنانية. وهذا القرار لم يكن سهلاً ولم اتخذه فقط تقيّداً بالقانون، ولكن كشهادة شخصية لواجبي في خدمة الشعب الأميركي ووضع مصالح الولايات المتحدة فوق كل شيء آخر».
ورداً على أسئلة أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي شبّه عيسى «حزب الله» بـ«الدب المجروح الذي ما زال بإمكانه أن يؤذي». وقال إنّ «حزب الله يحاول أن يربح وقتاً لأنّ الإنتخابات النيابية ستُجرى السنة المقبلة ويخشى أن يخسر في هذه الإنتخابات إذا تخلّى عن سلاحه. وثانياً لأنّ «حزب الله» ليس هو من يقرّر ولكن إيران هي من تقرّر ذلك. وولاؤه ليس أبداً للبنان ولكن دائماً لإيران، وإيران لا يهمّها ماذا يحصل للشعب اللبناني». وأضاف «إنّ حزب الله يعلم أنّه إذا لم يسلّم السلاح فإنّ شيئاً ما سيحصل. لا أعرف ماذا سيحصل ولكن شيئاً ما يجب أن يحصل». وختم عيسى: «أسمع في الأخبار أنّ الحكومة اللبنانية قد تجتمع قريباً وتتخذ قراراً حول جدول زمني معين لنزع السلاح. وهذا قد يخلق ضغطاً على أمل أن يحل المشكلة. ولكن يجب على الحزب أن يذهب وينزع سلاحه لجلب نوع من الأمل للبنان».
عون في الجزائر
في هذه الأثناء، أكّد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، من الجزائر التي بدأ زيارة رسمية لها تدوم يومين، أنّ مجالات التعاون بين لبنان والجزائر «كثيرة ومهمّة جداً»، وتشمل الطاقة، الزراعة، التجارة، التعليم، الثقافة، الصحة، السياحة، والتكنولوجيا، إضافة إلى «القضية المُلحّة اليوم في لبنان»، والمتمثّلة بإعادة إعمار ما خلّفته الاعتداءات والحروب الأخيرة، على مستوى المنشآت الحكومية، البنى التحتية، ومنازل المواطنين.
وشدّد عون خلال لقائه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، على أهمية عدم السماح للوقت الضائع أو للخيارات الخاطئة بأن «تدمّر آمال الناس في العودة إلى أرضهم والبقاء فيها بكرامة»، مشيراً إلى تطلّع لبنان لبدء مسارات تعاون فعلية مع الجزائر في مختلف هذه المجالات.
وقال عون: «ألبّي اليوم دعوتكم الكريمة لزيارة الجزائر الشقيقة، بروحٍ من التعاون العربي الكامل، في خطوة تؤكّد أهمية العلاقات التاريخية بين بلدينا، وتعزّز تطلعنا إلى عالم عربي أكثر تضامناً وقوة».
وأضاف أنّ «لبنان لا ينسى مواقف الجزائر الداعمة له»، مذكّراً بدور الجزائر البارز ضمن اللجنة العربية العليا التي أدّت إلى إقرار وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، والتي اعتُمدت لاحقاً كدستور لانتظام لبنان السياسي وسلمه الوطني.
ورأى عون أنّ «التضامن العربي هو ضرورة لقوة لبنان، وهو الذي يحصّن وحدته واستقلاله»، لافتاً إلى أنّه يزور الجزائر بـ»آمال كبيرة في إنقاذ لبنان من المخاطر، واستعادة دولته كاملة المواصفات، أولها السيادة الكاملة غير المنتقصة على كل أرضه وشعبه». وشدّد على أنّ لبنان لا يتدخّل في شؤون أحد، ويرجو بالمقابل ألا يتدخّل أحد في شؤونه، بل يمدّ يده لكل دعم ومؤازرة ضمن مناخات الاحترام والتعاون». وشدّد على مركزية القضية الفلسطينية كـ«ممر إلزامي نحو سلام عادل وثابت وشامل»، داعياً إلى «سلام الشجعان والأحرار».
وكان عون التقى فور وصوله إلى العاصمة الجزائرية، رئيس مجلس الأمة الجزائري السيد عزوز ناصري الذي رحّب به «في الجزائر التي تجمعها بلبنان علاقات اخوة متينة»، لافتاً إلى «وقوف الشعب الجزائري إلى جانب شقيقه الشعب اللبناني». كذلك التقى رئيس مجلس الشعب الوطني السيد ابرهيم بوغالي، الذي شدّد على أهمية التعاون بين البلدين.
جلسة المصارف والقضاء
من جهة ثانية، أكّدت مصادر نيابية لـ»الجمهورية»، انّ الجلسة التشريعية المقرّرة غداً تنطوي على أهمية كبيرة، لانّه يفترض ان يُقَرّ خلالها قانونا استقلالية القضاء وهيكلة المصارف.
ولفتت المصادر إلى انّ إقرار هذين القانونين سيشكّل تطوراً إيجابياً في مسار تنفيذ الاصلاحات المطلوبة والملحّة بعدما تأخّرت كثيراً.
واعتبرت انّ إنجاز القانونين ينسجم مع طلبات المجتمع الدولي من لبنان لإعادة بناء الثقة في دولته، وإن كانا يمثلان بالدرجة الأولى ضرورة داخلية.
ولفتت المصادر إلى انّ النقلة النوعية الإصلاحية المنتظرة الخميس ستعزز صدقية السلطة وجدّيتها امام المجتمع الدولي، الذي يعتبر انّ تنفيذ الإصلاحات هو ممر إلزامي لمنح لبنان الدعم.
لكن المصادر شدّدت على ضرورة استكمال هذا المسار بإنجاز قانون الفجوة المالية المتصل بحقوق المودعين والّا فإنّه سيبقى ناقصاً.
وإلى ذلك، اعتبر وزير المال ياسين جابر خلال استقباله أمس وفد المجلس الاغترابي اللبناني للأعمال، «أنّ إعادة هيكلة القطاع المصرفي تُمثِّل مدخلًا ضروريًا لإطلاق عجلة النمو، والتحوُّل من الاقتصاد النقدي إلى اقتصاد مصرفي سليم يُعيد ثقة المودعين والمستثمرين»، مُؤكِّدًا «أنَّ النظام المصرفي السليم والشفَّاف هو الشرط الأساس لتحفيز الحركة الاقتصادية وجذب التدفُّقات المالية من الخارج»، وأشار الى أنّ قانون استرداد الودائع سيُنظِّم عملية إعادة الحقوق تدريجيًا، بعيدًا من أي نِيَّة لشطب الودائع كما يُشاع. وأعلن أنّه يعمل على قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) لتسهيل الاستثمارات في مراكز البيانات والبنية التحتية الرقمية.
